كثفت جميع الجهات الفلسطينية خلال الأيام الماضية من اتصالاتها مع الجهات اللبنانية المسؤولة، لمنع جر اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى الصراع المسلح الدائر هناك حيث هاتف الرئيس محمود عباس الرئيس اللبناني العماد ميشيل سليمان. وأكد عباس خلال الاتصال على الموقف الفلسطيني الثابت بعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، مشددا على عدم التدخل الفلسطيني في النزاع المسلح الدائر في لبنان. وأكد عباس ضرورة تجنيب اللاجئين الفلسطينيين التدخل في أية اشتباكات أو معارك دائرة في لبنان، في إشارة إلى المواجهات المسلحة التي شهدتها منطقة صيدا خلال الأيام الماضية بين الجيش اللبناني وجماعات مسلحة تعتبر من أنصار الشيخ السني احمد الأسير. واصدر عباس أوامره للسفير الفلسطيني لدى لبنان اشرف دبور بمنع استخدام السلاح في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بشتى الوسائل، مضيفا ‘يمنع منعاً باتاً التدخل أو استخدام السلاح في لبنان تحت أي ظرف كان'. وفيما يواصل عباس متابعته شخصيا للتطورات في لبنان لمنع جر اللاجئين الفلسطينيين هناك الى اية صراعات داخلية، اتصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الاثنين برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، مؤكدًا ضرورة تحييد المخيمات الفلسطينية في لبنان عن الخلافات اللبنانية. واتفق مشعل مع بري على وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة جنوب شرق مدينة صيدا اللبنانية، وذلك عقب استشهاد احد اللاجئين صباح الاثنين جراء الاشتباكات المسلحة بين عناصر الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة في منطقة تعمير عين الحلوة. وكانت بعض وسائل الإعلام ذكرت الاثنين بان مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين دخل في دائرة القتال بعد تمركز عدد من عناصر الأسير في مباني منطقة تعمير عين الحلوة، مما أدى إلى سقوط قذائف على المنطقة أسفرت عن مقتل شخص، الأمر الذي دفع قيادتي حركتي فتح وحماس هناك لاتخاذ تدابير أمنية في المخيم لمنع انخراط الشباب المقيمين فيه بالمعارك. وفي ظل الخشية الفلسطينية من إمكانية جر اللاجئين الفلسطينيين في لبنان للصراع الدائر هناك دعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد إلى إبعاد المخيمات الفلسطينية في لبنان عن الصراع الدائر والاشتباكات المسلحة بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة في منطقة صيدا. وأضاف في بيان صحافي أن القيادة الفلسطينية، إذ تعرب عن أسفها لما يجري من أحداث دامية على الساحة اللبنانية، فإنها تعبر عن التزامها باحترام سيادة لبنان وحرصها على بذل كل جهد ممكن يساعد على حفظ الأمن والاستقرار والسلم الأهلي والعيش المشترك في لبنان الشقيق وتعبر في الوقت نفسه عن التزام منظمة التحرير الفلسطينية وجميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية عدم التدخل في الشأن الداخلي اللبناني، وتؤكد أن المخيمات لا يمكن أن تكون طرفا في ما يجري من أحداث مؤلمة ومشاريع فتنة تتنقل من منطقة إلى أخرى في هذا البلد الشقيق، الذي احتضن الثورة ومنظمة التحرير الفلسطينية سنوات طويلة. وجدد دعوته لجميع القوى السياسية في لبنان عدم الزج بالمخيمات في الصراع الدائر، والامتناع عن ترويج الشائعات وأعمال التحريض ضد المخيمات الفلسطينية وعدم زجها في التجاذبات والصراعات السياسية اللبنانية الداخلية أو الإقليمية. وفي سياق متصل، أعرب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني ‘فدا' عن بالغ أسفه للاشتباكات المسلحة التي تشهدها منطقة عبرا في مدينة صيدا بلبنان، داعيا إلى تحكيم لغة العقل والحوار، من أجل تطويق هذه الأحداث ووضع حد فوري لها ومنع تكرارها، أو امتدادها إلى مناطق لبنانية أخرى. وأكد ‘فدا' في بيان صحافي على موقفه الذي ينسجم وموقف الإجماع الوطني الفلسطيني الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية، والذي يحترم استقرار واستقلال لبنان، ووحدة وسلامة أراضيه، ويحرص كل الحرص على سيادة السلم الأهلي في ربوعه وبين أبنائه من مختلف الأديان والمذاهب. وجدد التأكيد على أن الوجود الفلسطيني في لبنان هو وجود مؤقت أملته ظروف نكبة عام 1948، وأن الحل الوحيد والحقيقي لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين عموما، وفي لبنان على وجه الخصوص، هو تأمين عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها وفقا لما نص عليه القرار 194. يذكر أن صيدا شهدت خلال الأيام الماضية اشتباكات بين الجيش اللبناني وبين أنصار الشيخ أحمد الأسير، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصواريخ، وأدت إلى مقتل وجرح العديد من افراد الجيش اللبناني والمسلحين والمواطنين. وكان الجيش اللبناني اعلن فرض سيطرته بشكل شبه كامل على المربع الأمني للشيخ السلفي أحمد الأسير في عبرا قرب مدينة صيدا جنوبي لبنان بعد يومين من المعارك التي اندلعت بين الجيش وبين مسلحين تابعين للأسير. وقد أسفرت الاشتباكات عن سقوط أكثر من 17 قتيلا في صفوف الجيش اللبناني بالإضافة إلى عدد من المسلحين. وتبانيت المعلومات حول مصير الأسير والمغني المعتزل فضل شاكر بعدما تواريا عن الأنظار. وترددت معلومات أن الأسير لجأ إلى مخيم عين الحلوة الفلسطيني في منطقة صيدا، بينما أشارت معلومات أخرى إلى أنه فر إلى سورية. وأصدر قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي بيانا عسكريا هنأ فيه الجنود «لاحتوائهم المرحلة الصعبة والحساسة». وقال قهوجي «الجيش وحدة متماسكة لم يتعرض لطائفة ولا لدور عبادة ولا لأي رجل دين، وهو ليس مع فريق ضد آخر ولا مع طائفة دون أخرى. بل هو ردّ على مجموعة مسلحة اعتدت عليه عن سابق تصور وتصميم، بعدما حذر مراراً أنه سيرد على النار بالنار».