مفاتيح الحفاظ على صحة القلب يعمل قلب الإنسان 24 ساعة في اليوم دون توقف، لا وقت النوم ولا أثناء العمل أو تناول الطعام أو الاستراحة.. فماذا نعرف عن القلب، هذا العضو الأهم في جسمنا؟ تبلغ كمية الدم التي يضخها القلب في اليوم نحو 7600 لتر خلال الأوعية الدموية التي يصل طولها إلى 100 ألف كيلومتر. وإذا حسبنا أن عدد نبضات القلب في الدقيقة هو 70، فإنه خلال سبعين سنة ينبض قلب الإنسان حوالي 2.5 مليار مرة ويضخ 250 مليون لتر من الدم. وبناء قلب الإنسان بسيط، حيث يتكون من أربع حجرات (أذينين وبطينين) مفصولة عن بعضها بحواجز وصمامات. خلال كل نبضة يتقلص القلب ويرتخي، في البداية يتقلص الأذينان ويدفعان الدم إلى البطينين، اللذين يرسلان الدم إلى الشريان الأبهر والى الشريان الرئوي. ومما يجهله الكثير من الناس، أن خلايا القلب لا تتجدد، أي أن النسيج العضلي للقلب غير قابل للتجدد بعد تلف أي جزء منه. وهذا يؤكد على ضرورة المحافظة على القلب. ولكي يعمل القلب بصورة صحيحة وجيدة لا تكفي المحافظة عليه، بل يجب تغذيته بالمواد الضرورية وخاصة المحتوية على عنصري المغنيسيوم والبوتاسيوم الضروريين للقلب والأوعية الدموية. ومعلوم أن فقدان كمية كبيرة من الدم (بنتيجتها ينخفض ضغط الدم) يؤدي إلى الوفاة، لأن الدم لم يعد يغذي أعضاء الجسم المهمة مثل المخ والكليتين وعضلات القلب. عادات يومية للحفاظ على صحة القلب سلطت دراسة نشرتها المجلة الأميركية لعلم الأوبئة، وأجراها باحثون في جامعة هوبكنز الأميركية، الضوء على عدد من العادات اليومية التي يجب أن يتبعها الإنسان للحفاظ على صحة قلب جيدة. وعمد الباحثون إلى تقويم أكثر من ستة آلاف رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين الأربع والأربعين والأربع والثمانين عاما. ووجدت أن الذين اتبعوا عادات صحية منهم خلال حياتهم كانوا أقل عرضة للوفاة المبكرة أو جراء الإصابة بأمراض قلبية بنحو ثمانين في المائة. وحسب الدراسة فإن مفاتيح صحة القلب هي: عدم التدخين. اتباع نظام غذائي متوازن. ممارسة التمارين الرياضية. المحافظة على وزن طبيعي. ووجدت الدراسة أن عدم التدخين يقع في المرتبة الأولى صحياً من حيث تجنب الإصابة بتلك الأمراض، يليه التغذية السليمة ثم الحفاظ على الوزن الطبيعي. ما يضر القلب يضر الدماغ أيضاً يؤكد باحِثون من هولندا أنَّ عواملَ خطر أمراض القلب يُمكن أن تُؤدِّي إلى تراجع في وظائف الدِّماغ عندَ البالغين الشباب وكبار السنِّ معاً. وأجرى هؤلاء الباحثون دراسة على حوالي 3800 شخصٍ، تراوحت أعمارُهم بين 35 إلى 82 عاماً، خضعوا إلى فحوصاتٍ تتعلَّق بعوامل خطر أمراض القلب مثل التدخين والسكَّري وارتفاع مستويات الكوليسترول السيِّئ LDL، إضافةً إلى فحوصاتٍ تهدف إلى تقييم الذاكرة ومهارات التفكير كالقدرة على التخطيط والاستنتاج المنطقيِّ والبدء بالمهمَّات والانتقال إلى تنفيذها. وجدت الدراسةُ أنَّ الأشخاصَ، الذين كانت عواملُ خطر أمراض القلب لديهم هي الأعلى، كان أداؤهم أسوأَ بنسبة 50 في المائة بخصوص المهمات الذهنيَّة، مُقارنةً مع الذين كانت عواملُ الخطر لديهم هي الأقلّ. ترافق التدخين والسكَّري بصورة خاصَّةً مع تراجع أكثر في وظيفة الدِّماغ باعتبارهما من عوامل خطر أمراض القلب. في كل الأعمار ونوَّه الباحِثون إلى أنَّ الصِّلةَ بين عوامل خطر أمراض القلب وتراجع وظيفة الدِّماغ شوهِدت في كلِّ الفئات العمريَّة للمشاركين. وقال الباحثون "قد يعتقد البالغون الشباب أنَّ عواقبَ التدخين وزيادة الوزن لن تكونَ في القريب العاجل، لكنَّ الحقيقةَ هي عكس ذلك". يعلم معظمُ الناس النتائجَ السلبيَّة لعوامل خطر أمراض القلب، مثل نوبات القلب والسكتة وضعف وظيفة الكلية، لكنَّهم لا يُدركون أنَّها تُؤثِّر في الصحَّة الذهنيَّة... "إنَّ ما يضرُّ القلبَ يضرُّ الدِّماغ أيضاً". وأضاف الباحثون إنه يجب على الأطبَّاء إدراك هذه الصِّلة بين عوامل خطر أمراض القلب وتراجع وظيفة الدِّماغ؛ ويجب القيامُ بالمزيد من الجهود العامَّة بغرض التقليل من عوامل خطر أمراض القلب. كما يُمكن أن تتجاوزَ الفائدةُ من برامج التوقُّف عن التدخين مجرَّدَ الوقاية من السرطان والسكتة وأمراض القلب والأوعية، لتشمل أيضاً الوقايةَ من الضرر الذي يلحق بالدماغ. السكري يضر القلب من جهة أخرى، أكد الطبيب الألماني ينس كروغر أن مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية من غيرهم، مشدداً على ضرورة قياس نسب الكوليسترول بالدم لديهم مرة واحدة سنوياً على الأقل. حيث غالباً لا ترجع الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية إلى عدم انتظام نسب السكر بالدم فحسب، إنما لارتفاع نسب الكوليسترول بالدم أيضاً. وأشار كروغر، عضو مجلس إدارة منظمة السكري الألمانية، إلى أن ارتفاع نسبة الكوليسترول بالدم يندرج ضمن أكثر العوامل المؤدية إلى الإصابة بتصلب الشرايين، الذي يُعد السبب الرئيسي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل الأزمات القلبية أو السكتات الدماغية. لذا أوصى الطبيب الألماني مرضى السكري بالخضوع لفحص دوري للتحقق مما إذا كانوا مصابين بتصلب في الشرايين أم لا، مؤكداً أنه بإمكانهم وقاية أنفسهم من الإصابة بأمراض الأوعية الدموية من الأساس من خلال اتباع نظام غذائي صحي لا يحتوي على كميات كبيرة من الدهون مع ممارسة الأنشطة البدنية بشكل كاف. ******* صحة الفم والأسنان من صحة القلب ذكرت دراسة أعدها باحثون في تايوان أن الأشخاص الذين يعتادون على تنظيف أسنانهم بشكل منتظم لدى الطبيب تقل لديهم بنسبة 24% مخاطر الإصابة بأزمات قلبية وبنسبة 13% احتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية مقارنة بغيرهم من الذين لم يقوموا بمثل هذا الإجراء. وقال الدكتور زوين تشين زميل طب القلب في جامعة فيتران جنرال في تايبيه الذي قدم الدراسة "إن المناعة ضد أمراض القلب والسكتات الدماغية كانت أكثر وضوحا بين المشاركين الذين خضعوا لعمليات تنظيف أسنان مرة واحدة على الأقل في العام". وأوضحت الدراسة -التي استغرقت عدة سنوات- أن العادات الصحية السيئة تجاه الفم تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب. ورجح الباحث أمام اللقاء العلمي لجمعية القلب الأميركية في أورلاندو أن يكون لتنظيف الأسنان لدى الطبيب إسهام في تقليل النمو البكتيري المسبب للالتهاب الذي يمكن أن يؤدي إلى أمراض القلب. وقال الباحثون إنه كلما زاد التردد على الطبيب لتنظيف الأسنان قل على نحو كبير احتمال الإصابة بأزمة قلبية. وحددوا عدد مرات التردد المطلوبة لتنظيف الأسنان بزيارة واحدة على الأقل كل عام. واعتمدت الدراسة التي شملت أكثر من 100 ألف شخص بدءا من عام 2007 على بيانات من قاعدة بيانات التأمين الصحي القومي في تايوان. ولم يكن لأي ممن شملتهم الدراسة أي تاريخ سابق مع الإصابة بأزمات قلبية أو سكتات دماغية، ولكن الدراسة لم تتعرض لعوامل أخرى مثل التدخين والبدانة.