القصة القصيرة جدا وليد غير واضح الملامح حسن برطال قاص مغربي من مواليد مدينة الدارالبيضاء، يشتغل بالتدريس بالثانوية التأهيلية محمد السادس (أناسي)، صدر له في جنس القصة القصيرة جدا: (أبراج): مجموعة قصص قصيرة جدا ضمن منشورات وزارة الثقافة، (قوس قزح): مجموعة قصص قصيرة جدا مطبعة انفو برانت، جائزة المربد الأدبي. (صورة على نسق jpg): مجموعة قصص قصيرة جدا منشورات وزارة الثقافة، جائزة ناجي نعمان للإبداع، (سيمفونية الببغاء) قصص قصيرة جدا منشورات دار الوطن، و(مغرب الشمس) قصص قصيرة جدا في طريقها إلى النشر، إضافة إلى مشاركاته بعدة ملتقيات ثقافية وطنية وعربية. حائز على عدة جوائز، من بينها جائزة المربد الأدبي، وجائزة ناجي نعمان للإبداع. القاص حسن برطال، حدثنا عن البدايات وكيف ولجت عالم الكتابة/ القصة القصيرة جدا؟ في الحقيقة من الصعب أن أتكلم عن نقطة البداية أو أرصد حركة هذه الهزة الجسدية في غياب مرصد حقيقي يتفوق على سلم ريشتر في حسه لأن الظاهرة لا ترتبط بالمكان بمعنى الجسد بل تتعداه حتى حدود الرسم التخطيطي للقلب بدمه الإبداعي.. ألا يمكننا اعتبار الصرة الأولي للوليد إبداعا.. يؤسس لمرحلة بداية باعتبارها صورة مسموعة تعلن عن حدث.. صرختي الأولى حينما (سقط) رأسي فيها شيء من التمرد الأنيق على بعض القوانين وكأني رافض مند البداية السقوط كحركة من الأعلى في اتجاه الأسفل تحت قوة الجاذبية.. فعلا.. هكذا نبدأ.. دبدبات.. إشارات ضوئية كما وُلد الكون وحينما نحتاج إلى قوانين الحياة بجميع سلوكياتها تنبثق الرسالة بمفهومها العقائدي الإبداعي الكامن فينا، ثم تنتقل من السر إلى العلن غصبا عنا إنه البحث عن الخلاص.. وهذا تلميح إلى القصة القصيرة جدا لما فيها من وميض يستمد قوة اختراقه من الضو، ولهذا فهي أسرع من هذا الصوت في مداهمته ومباغتته بدون سابق إنذار.. فكل ما أعرفه أني وُلدتُ قصيرا جدا.. وقزما أيضا وبدأتُ أنمو و قامتي تزداد طولا شيئا فشيئا. (أبراج)، ( قوس قزح )، (صورة على نسق jpg)، (سيمفونية الببغاء).. ما الذي يبتغيه القاص حسن برطال من شغبه القصير جدا..؟ هل هناك مشروع/ تصور ما من خلال هذه المجاميع وجدتَ نفسك قد حققته؟ سواء تكلمنا عن الكتابة كمشروع أو كرسالة فهامش الفشل وارد.. لكن الأخطر والأسوأ أن نبدأ بالعبثية والفوضى ونقتحم معمار الكلمة بلا تصاميم ورؤى مستقبلية.. في اعتقادي أن المجاميع القصصية الأربعة والتي أشرتَ إليها هي كواكب سيارة كل واحد في فلكه يدور لا يخرج عن مسار مرسوم مع استقلالية تامة بمناخ و عناصر.. (أبراج) بُنيت على الشكل واهتمت بالمضامين الفنية للنص القصير جدا.. (قوس قزح).. جابت أروقة المفارقات.. (صورة على نسق jpg)..لامستْ العالم الافتراضي محاولة بذلك صبر أغوار تقنياته، (سيمفونية الببغاء).. حاولتْ القبض على بلاغة اللغة.. عموما وفي سوق الكلمة يكون (الاستثمار) رهانا غير مكشوف.. والمستثمر تظل أهدافه أحلاما وتحقيقها مرتبط بعدة عوامل أهمها.. الواقع المناسب والزمن المناسب. القصة القصيرة جدا جنس أدبي له مبدعوه ومنتقدوه.. هل المشكل يكمن في عدم الإلمام بأساليب هذا الجنس الأدبي من طرف بعض مجربيه أم أن المسألة مرتبطة بالحاجة إلى تراكم في الإصدارات قصد إدراكه وفهمه..؟؟ فعلا.. للقصة القصيرة جدا مبدع بمفهوم (حافظ) يحملها في صدره رئة يتنفس هواءها.. و هناك منتقد بوجهين (الهدم والبناء) وهذا يسري على جميع الفنون .ليس هناك تشجيع مطلق بل تصفيق وصفير في آن واحد وهذه نزعة إنسانية قبل أن تكون ظاهرة تتحكم فيها علاقة عرفية بين ثلاث نقط (الكاتب/ المكتوب والمتلقي).. بين أضلاع هذا المثلث البر مودي يندس عنصر الاستسهال سواء من الكاتب أو من القارئ ليكون المجني عليه هو النص وهنا أسطر على (التربية الإبداعية المنعدمة) لأن النص المُحترَم، يَحتِرم ويسلم نفسه للقارئ ولكاتبه.. بالإضافة كذلك إلى أن القصة القصيرة جدا وليد غير واضح الملامح، نحن الآن في مرحلة (التقويم) إن لم أعتمد مصطلح (الترميم) لأن العمل المتقن يستوجب أدوات ارتكاز صريحة والتي هي شبه منعدمة حاليا.. ناشد الخلاص فيما نراكمه لتأكيد الذات أما (التقييم) فله وجه آخر. على مستوى النقد.. ألا ترى معي أن القصة القصيرة جدا لم تأخذ بعد نصيبها من الاشتغال النقدي؟ النقد على مستوى القصة القصيرة جدا، حاليا لا يمكن محاسبته فهو أيضا لازال يبحث عن نفسه وهويته، فهو إبداع على إبداع ولابد لبداية خلقه أن تكون من أمشاج القصة القصيرة جدا حاليا ليس هناك نقد بمعناه الحقيقي ولكن الحقبة تسجل حراكا لصنع (قالب) أتمنى أن يوحد الشكل صورة وصوتا مرورا بقراءات عاشقة مؤمنة بالقضية وملتزمة أحيانا.. الهمس الطويل أقوى من صراخ متقطع.. وحتى النقد الذي جاور الأجناس الأخرى سنين طوال لا يُلام في غياب وسيلة عبور إلى الضفة الأخرى.. أحيي بحرارة كل الأسماء التي تعض على أناملها ليس ندما، لكن لتمتص غضب وحمرة الخجل في محيا القصة القصيرة جدا. تعرف الخريطة الثقافية للمهرجانات ببلادنا حضورا لملتقيات مختصة بالقصة والقصة القصيرة جدا ..ما الذي تقدمه هذه الملتقيات للقاص المغربي وهل تساهم في إبراز أقلام قصصية جديدة؟ فعلا الحقل الثقافي المغربي يعيش هرجا ومرجا إيجابيا وقد حطم الرقم القياسي العربي، على مستوى هذا الاحتفال الثقافي الاستقرار الذي يعيشه البلد مقارنة مع بعض الدول العربية، إن لم أقل أغلبها.. وفي اعتقادي كان للقصة القصيرة جدا نصيب أوفر بتأسيسها لملتقيات عربية كملتقى مدينة خنيفرة.. لفقيه بن صالح والناظور والبقية تأتي تباعا.. وهذا أعتبره تكتلا يخدم القصة القصيرة جدا ومنه تستمد قوتها وكأن تلك الأجساد القزمة تقف على بعضها لتصنع صرحا في قامة برج إيفيل وبما أن المبدع هو كائن اجتماعي بطبعه فلا يمكن له العيش خارج مجموعات. وبعيدا عن وحدات سكنية وبملكية مشتركة (الملتقيات) هروبا من تلك التجربة الوجودية/ الغربة. والتي تعني نفي الذات في زمان ومكان غير ملائمين لطبيعتها.. ومن طبيعة الحال حينما تكون النبتة في بيئتها بكل شروط الحياة لابد لها أن تزهر وتثمر والتوالد والتناسل لابد له من تلاقح. أن نرى حسن برطال شاعرا أو روائيا.. ألا تستفزك الأجناس الأدبية الأخرى؟ بالعكس.. فالإبداع بجميع أصنافه هو روح مرحة، وإن ظهرت صورة عكسية مستفزة ففينا نحن.. الإبداع وجه صافي يناضل من أجل الخروج بنا من الظلمات إلى النور، أتمنى أن تتبنى نصوصي القصيرة جدا اندغاما وتصنع (فطيرة ملوية) أسميها رواية ..أو ترقص على إيقاعات الهايكو لتُحَولني إلى شاعر.. الرواية رحم أبيض تختلط فيه جميع الألوان.. والشعر سيد الكلام.. لكنني أحب المساحات الضيقة لأعتاد على نصيبي المنتظر من الأرض، إنه قبري الذي بمقاس (الشبر) وما ابتعادي سوى ليبقى الحب عذريا ونقيا لأن الاقتراب من غير القصة القصيرة جدا يُعتبر خيانة في حقها. يلاحظ حضورك المتوازي بين الإلكتروني والواقعي من خلال مشاركاتك بالملتقيات وإصداراتك الورقية بالنسبة لك كقاص هل يمكن الاستغناء عن أحدهما؟ أولا حضوري الإلكتروني تتحكم فيه طبيعة الجنس الذي أكتب فيه (ق ق ج).. بمعنى (القصة الومضة) بالمفهوم الأنطلوجي لكلمة (الوميض) والذي يعني الضوء أريد مقارعة الطاقة بكلمات مشعة تتحدى وهج ذلك الكرسي (الكهربائي) الذي يسافر بالروح إلى السماء وأحيانا تكون محاولة مني لفك الحصار المضروب على الكلمة وتحطيم الجدار العازل.. أما مع كل إصدار ورقي أشعر وكأنني أكتب رسالة خطية لأصدقاء أعزاء.. لا يمكنني الاستغناء عن أي منهما.. في العالم الافتراضي (حرية) و في النشر الورقي (صلة رحم). أنت القادم من عالم المعادلات الرياضية، ألا ترى معي أن (ق ق ج) معادلة قصصية تحتاج إلى حسابات مدققة؟ فعلا من علم الرياضيات تعلمتُ كيف أصنع (مجموعات) من (عناصر) الكلمة تتعايش في (مجال تعريفي) بخاصيات مشتركة.. وفق (خطوط) سردية (متعامدة) و(زوايا) لرؤى مختلفة منها (الحادة)/ (القائمة) و(المنفرجة).. من الرياضيات ترجمت (التماثل) المحوري والمركزي إلى مفارقات مرعبة، ورأيت في قصر الشديد امتدادا إلى ما (لا نهائي) وكلما استحضرت تقنية (الاختزال) أرى عددا (كسريا) ينتقل تدريجيا من نقطة إلى أخرى، كلما كان هناك قاسم مشترك بين (البسط) و(المقام).. نقط الحذف أعتبرها العدد (المجهول X) داخل المعادلة وعلى القارئ الوصول إليه.. و(المتتاليات الهندسية) قصص قصيرة جدا.. (السرد الدائري) شكل هندسي.. (الترقيم) عتبة حسابية تقوم أحيانا مقام العناوين.. المضمرات تقابلها أحيانا (الاحتمالات).. باختصار فعلم الرياضيات هو الأقرب إلى القصة القصيرة جدا، لأنها لغة الكلمات المحسوبة. شاعر مغربي