سجلت الموجودات الخارجية الصافية لبنك المغرب، أو ما يسمى احتياطات العملة، انخفاضا ملحوظا، إذ لم تعد احتياطات الصرف لدى مؤسسة الإصدار تغطي سوى ستة أشهر من الاستيراد، عند نهاية شهر يونيو المنصرم، مقابل ثمانية عند بداية السنة الجارية. فبعد سقف ال181.5 مليار درهم المسجل سنة 2009، لم تعد احتياطات الصرف لدى مؤسسة الإصدار تتعدى ستة أشهر من الاستيراد مع بداية شهر يوليوز لسنة 2010 . وفضل أستاذ الاقتصاد إدريس بنعلي، في حديث لبيان اليوم، عدم التهويل، على الأقل في الظرفية الحالية، داعيا إلى الأخذ بعين الاعتبار الموجودات بالعملة الصعبة لأبناك الإيداع (حوالي 10 ملايير درهم) والتي تساهم في تسجيل تحسن في التغطية، على الأقل بأسبوع واحد، بالرغم من أن هذه الطريقة لا تستعملها المؤسسات المالية الدولية عند احتساب هذا المؤشر، خاصة صندوق النقد الدولي. بيد أنه ألح على ضرورة الحيطة والحذر على اعتبار أن تراجع احتياطات العملة مرتبط بمتغيرات خارجية غير متحكم فيها. ويعزى انكماش الموجودات الخارجية الصافية لبنك المغرب، حسب بنعلي، إلى تراجع تحويلات الجالية المغربية القاطنة خارج الوطن والتي تقدر بأكثر من3 ملايين نسمة، وكانت تعتبر طيلة السنوات الأخيرة أول مصدر للعملة الصعبة (7 ملايير سنة 2009). كما يعزى تراجع الاحتياطات من العملة الصعبة إلى انسداد المنافذ في وجه الصادرات المغربية من النسيج والجلد والمواد الإلكترونية، بالإضافة إلى الصفعة القوية التي تلقتها الاستثمارات الخارجية، وخاصة عائدات السياحة كقطاع يحتل في قطاع الخدمات موقع الريادة، حيث در على البلاد ما قدره 7.69 مليار دولار، حين زار المغرب، سنة2009، ما مجموعه 7.45 ملايين سائح . وقد ساهم ثقل فاتورة الواردات أيضا في تقلص الاحتياطات. ففي الربع الأول من السنة الجارية، ارتفعت الواردات بنسبة 23.9 % نتيجة ارتفاع الحجم. ولكن أيضا بسبب ثقل الفاتورة النفطية وفاتورة المواد الأولية والمنتجات الفلاحية. وقد حدث أنه، في نفس الفترة، انخفضت مداخيل العملة الصعبة عبر تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ومداخيل السياحة بصفة خاصة على التوالي ب ناقص 2.4 % وناقص 3.5 %. وليس من قبيل الصدف أن يسجل الحساب الجاري عجزا قياسيا خلال هذه الفترة (أي ناقص 4.8 % أو أكثر من 32 مليار درهم) . ويرى محمد الياوحي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاضي عياض، أن الوضع في المغرب متأثر ليس فقط بتداعيات الأزمة العالمية، بل أيضا بما تخبئه أزمة الديون بمنطقة الأورو، وبتواضع الموسم الفلاحي، علما أن القطاع الأولى (أي الفلاحة) يساهم بثلاث نقط في نسبة النمو. وهو ما أكده صلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية، مؤخرا، حين توقع تحقيق المغرب معدل نمو يقل عن 5% بفعل تأثره بالهزات التي تشهدها اقتصاديات شركائه الرئيسيين في منطقة الأورو، ما أدى إلى تراجع الأداء في بعض القطاعات مثل السياحة وتحويلات المهاجرين والصادرات الصناعية.