تم أمس الجمعة باللوكسبورغ التوقيع رسميا على اتفاق الشراكة السياسية من أجل ضبط الهجرة والتنقل بين المغرب والاتحاد الأوروبي، الاتفاق الذي وقعه عن الجانب المغربي سعد الدين العثماني وزير الخارجية والتعاون، وسيسليا مالستروم المفوضة الأوربية المكلفة بقضايا الهجرة، فضلا عن وزراء داخلية تسع دول من الاتحاد، يأتي تتويجا لأشهر من المفاوضات بين الجانين من أجل وضع إجراءات جديدة سيتم عبرها ضبط تدفقات الهجرة وتمكين المواطنين من ذوي الكفاءات من الاستفادة من الفرص المتاحة للعمل والدراسة والتكوين بدول الاتحاد، والعمل بذلك على حد ما تضمنه نص الاتفاق على تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة بالنسبة لبعض الفئات من الأشخاص، خاصة الطلبة، والباحثين ورجال ونساء الأعمال. وأكدت المفوضة الأوروبية سيسليا مالستروم، في تصريح على هامش أشغال مجلس العدالة والشؤون الداخلية باللوكسبورغ، وذلك على إثر إبرام هذا الاتفاق الأول من نوعه مع بلد من جنوب المتوسط، «أن انطلاق التعاون الهيكلي في ميدان الهجرة يمثل نقطة تحول في مسار علاقات الاتحاد مع المغرب، وأن الأمر يعني اليوم التقدم بخطوة كبيرة نحو الأمام»، معربة عن ارتياحها لكون المغرب يعد أول بلد في حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يلتزم معه الاتحاد الأوروبي بمثل هذه الشراكة، قائلة «لدي الأمل في أن تحذو البلدان الشريكة الأخرى نفس الخطوة». هذا وأفادت المسؤولة الأوروبية أن الاتفاق الجديد يعد أحد الروافد الأساسية ضمن مسار الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ويتعلق الأمر باتفاق في مجال التنقل بين الطرفين، وهو يحدد مجموعة من الأهداف السياسية ويوفر إمكانية إطلاق مجموعة من المبادرات لضمان تدبير جيد لتنقل الأشخاص وضبط الهجرة غير القانونية. وأوضحت أن هذه المبادرات تشمل شروع الاتحاد الأوروبي والمغرب في مفاوضات لبلورة اتفاق لتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة بالنسبة لبعض الفئات من الأشخاص، خاصة الطلبة والباحثين ونساء ورجال الأعمال، كما سيتم استئناف المفاوضات لبلورة اتفاق بشأن إعادة قبول المهاجرين غير القانونيين. وأضافت أن الاتفاق يروم بالأساس تمكين المواطنين الذين لديهم كفاءات من الحصول على معلومات بشكل أفضل حول فرص الشغل والدراسة بالمؤسسات الجامعية والتكوين المتاحة بدول الاتحاد، كما يهدف إلى دعم اندماج أفضل لأفراد الجالية المغربية المقيمين بصفة قانونية بدول الاتحاد. أما في مجال الهجرة غير القانونية، فأشارت المفوضة الأوربية أن المغرب والاتحاد الأوروبي سيقومان في إطار بنود هذه الشراكة بالتعاون بشكل أفضل لمكافحة الشبكات الضالعة في تنظيم عمليات الهجرة السرية والاتجار في البشر، والقيام كذلك بتقديم المساعدة لضحايا هذه الظاهرة، معلنة أن الاتفاق يشمل بلدان الاتحاد التسعة الموقعة عليه والمتمثلة في كل من بلجيكا، ألمانيا، إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، هولندا، البرتغال، السويد والمملكة المتحدة. ومن جانبها، جددت كاثرين آشتون الممثلة السامية للاتحاد الأوربي المكلفة بالسياسة الخارجية والأمن ونائبة رئيس اللجنة الأوربية خلال لقائها يوم الخميس بوزير الخارجية والتعاون المغربي سعد الدين العثماني، التأكيد على أن المغرب يعد شريكا أساسيا في سياسة الجوار الأوروبية، ويشهد على ذلك الوضع المتقدم الذي يتمتع به، مثمنة مسار المفاوضات التي يجريها الطرفان لإبرام اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق. وقالت في هذا الصدد «إني أرحب بالخطوات الإيجابية التي قطعناها في الشهور الأخيرة نحو تكثيف تعاوننا الحالي وخاصة عبر الاتفاق على خطة العمل الأوروبية المغربية للفترة 2013-2017؛ وإطلاق الجولة الأولى من المفاوضات حول اتفاق للتبادل الحر الشامل والمعمق؛ والإعلان السياسي عن شراكة من أجل التنقل التي سيوقع عليها وزير الخارجية المغربي في للكسمبورغ مع المفوضة الأوروبية، ووزراء الداخلية لتسع دول أعضاء الاتحاد». وأشارت الدبلوماسية الأوروبية إلى أن الإصلاح الدستوري بالمغرب يعتبر نموذجا ناجحا، مشيدة بالتزام الحكومة المغربية ببرنامج إصلاح طموح، قائلة في هذا الإطار «إني أتابع باهتمام كبير الإصلاحات المبرمجة في مجال قضايا المرأة ومن ضمنها خطة الحكومة من أجل المساواة، كما أشجع الحكومة المغربية على المضي قدما نحو تنفيذ هذه الإصلاحات وغيرها من الإصلاحات الحيوية التي التزمت بتنفيذها في قطاعات القضاء والاقتصاد والإعلام». هذا وأكدت على أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه لعملية الإصلاح بالمغرب من خلال تمويلات سياسة الجوار الأوروبي الذي يُعدّ المغرب أكبر مستفيد منها وعبر غيرها من الآليات مثل آلية تسهيل الاستثمار الأوروبي وبرنامج التمويل الذي خصصه الاتحاد لدعم التحول الديمقراطي بدول الربيع العربي. هذا وأثنت المفوضة الأوروبية على المغرب بشأن ما وصفته بمقاربته البناءة للجهود الرامية إلى حل معضلة انعدام الاستقرار بمنطقة الساحل وبسوريا ومن ذلك مساهمته الأخيرة في تنمية وإعادة تعمير مالي. ويشار إلى أن رئيس المفوضية الأوروبية خوسي مانويل باروسو خلال زيارته للمغرب في مارس الماضي، كان قد أكد أن إبرام اتفاق الشراكة السياسية في مجال تنقل الأشخاص وضبط الهجرة بين دول الاتحاد والمغرب يعد منحى جديدا في مسار العلاقات المتميزة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.