أكد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة عبد السلام أبودرار، على الحجم الخطير الذي تمثله ظاهرة تهريب الأموال إلى الخارج، مبرزا أن حجم الأموال المهربة من المغرب بلغ 25 مليار دولار خلال الثلاثين سنة الماضية، في حين فاقت حسب تقديرات لمنظمات دولية تدفقات الأموال التي تم تهريبها من القارة الإفريقية خلال نفس المدة مبلغ 1400 مليار دولار سنويا . وأوضح عبد السلام أبودرار الذي كان يتحدث على هامش حفل توقيع الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومكتب الصرف لاتفاقية شراكة في مجال مكافحة الفساد والوقاية منه، صباح أمس الجمعة بالرباط، أن مكافحة تبييض الأموال ورهان الوقاية من الرشوة جد كبير، خاصة بالنسبة لمالية الدولة، ومعاملاتها المالية الخارجية، مشددا في هذا الصدد على الأهمية التي يمثلها عقد هذه اتفاقية باعتبارها إطارا تعاقديا يروم تعميق المعرفة الموضوعية بظاهرة الفساد والرشوة والنهوض بمبادئ النزاهة وتدعيم إجراءات الوقاية من الفساد المالي والاقتصادي. رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة والذي عبر خلال هذا اللقاء عن الأمل في أن يتم قريبا اعتماد القانون المحدث للهيئة الوطنية للنزاهة المنصوص على إحداثها بمقتضى الدستور الجديد بحيث تضمن مقتضيات هذا التشريع مقومات الوقاية والمحاربة والاستجابة بفعالية لمتطلبات مكافحة الفساد بالمغرب، كشف أنه سيتم في إطار الاتفاقية السالفة الذكر المبرمة بين الهيئة ومكتب الصرف، العمل في ذات الوقت على تحديد خارطة الأخطار الخاصة بظاهرة الفساد المالي، وبلورة استراتيجية لتطويق كل المنافذ جد حساسة التي يمكن أن تتسرب من خلالها جرائم الأموال والفساد. اتفاقية الشراكة التي عقدتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومكتب الصرف يمكن القول أنها تندرج في إطار ما يمكن اعتباره ضمنيا مبادرة وطنية تقودها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة من أجل تخليق مختلف مستويات الحياة العامة ووضع آليات لتطويق ومحاربة الفساد المالي والاقتصادي بل والوقاية منه وتفعيل آليات زجره. كما يمكن اعتبار أن توقيع هذه الاتفاقية كإحدى أهم الاتفاقيات التي أبرمتها الهيئة إلى حدود اليوم ، بالنظر لأن الأمر يتعلق بمكتب الصرف الذي يعد إحدى المؤسسات العمومية التي تحظى بمكانة هامة في هرم مؤسسات الرقابة المالية، لكونها تسهر على مراقبة احترام مختلف الضوابط والقوانين المنظمة لتصدير رؤوس الأموال وعمليات الصرف والاتجار بالذهب. ومن جانبه أبرز رئيس مكتب الصرف جواد حمري أهمية مبادرة عقد هذه الاتفاقية بين مكتب الصرف والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، والتي تنبع من قناعة راسخة لدى المؤسستين بأهمية تعزيز الشفافية ومبادئ الحكامة الجيدة في المؤسسات العمومية التي نصت عليها مقتضيات الدستور الجديد، فضلا عن السعي إلى تمكين مكتب الصرف من ميثاق للأخلاقيات. وأضاف قائلا»إن هذه الاتفاقية تدرج في إطار دينامية التغيير والإصلاح التي يقوم بها مكتب الصرف على مدى السنوات الأخيرة من أجل تحسين وتطوير عمله، والاستجابة لمتطلبات تحديث المؤسسات العمومية والنهوض بمبادئ الحكامة الجيدة». وأكد على الإرادة التي تحذو مكتب الصرف في ترسيخ ثقافة الحكامة الجيدة والتي ترجمت مؤخرا باعتماد المكتب لتنظيمه الجديد، وبالتحديد في شهر أكتوبر من السنة الماضية ، وهو التنظيم الذي تريد عبره المؤسسة أن يطبع عملها الفعالية و تستجيب بشكل جيد لحاجيات المواطنين والفاعلين الاقتصاديين في آن واحد. وأضاف معلنا أن مكتب الصرف تبنى في هذا الإطار مبدأ اتخاذ القرار بشكل جماعي ، حيث يعمد إلى عقد اجتماعات بانتظام تضم مدير المكتب ورؤساء الأقسام بالمؤسسة، وأن ذلك يتم في إطار لجن مختلفة، كاللجنة المديرية، ولجنة الصفقات، ولجنة المراقبة البعدية، قائلا «إن القرارات يتم اتخاذها بشكل جماعي وتعاون بين مختلف البنيات»، مشيرا إلى أن مكتب الصرف في إطار إرساء وتكريس مبادئ الشفافية تمكن من تطوير مجموعة من القواعد والإجراءات التي تؤكد على هذه المبادئ. ومن جانب آخر كشف جواد حمري الذي تصدر مؤسسته تقريرا سنويا يكشف أرقام المعاملات المالية، أن تحويلات المغاربة بالخارج ارتفعت إلى أكثر من 4 مليار درهم سنة 2011، في حين أنه حاليا سجلت 3,5 مليار درهم، مبرزا بخصوص مراقبة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج إلى أن هذه الفئة من المغاربة تتمتع بوضع خاص في ميدان الصرف يتسم بكونه نظام تحرري، حيث يستفيدون من الامتيازات الممنوحة للأشخاص الذاتيين المغاربة المقيمين بالمغرب وكذا الامتيازات المخولة للأجانب المقيمين أو غير المقيمين بالمغرب. وأبرز أن المكتب له من الوسائل التي تمكنه من مراقبة مختلف العمليات التي قد يشوبها إخلال بالقوانين المنظمة لمختلف عمليات صرف ونقل الأموال، مشيرا في هذا الصدد إلى نظام المراقبة البعدية للعمليات التجارية والتي تمكن المكتب من الوقوف على الاختلالات التي قد تشوب تلك العمليات بالخارج، وأنه في حال رصدها يتم إصدار العقوبات الزجرية في حق أصحابها. وفي رده على سؤال للصحافة بشأن ملف شراء وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو لشقتين بباريس مباشرة عقب انتهاء مهامها الوزارية، بقيمة وصلت إلى ملياري سنتيم، ومدى احترام ضوابط مكتب الصرف في هذا الإطار فيما يتعلق بتحويل المبلغ،وهو الملف الذي كان قد كشف عنه رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، أفاد رئيس مكتب الصرف أن هذا الملف بالرغم من أنه تطبعه بعض الحساسية فإن لاشيء يمنع من الحديث عنه . وكشف المتحدث أن مكتب الصرف عالج تقنيا المعطيات الخاصة بهذا الملف كما يعالج سائر الملفات التي تتعلق بجميع المواطنين، معلنا أن المكتب أعد ملفا يتضمن مختلف المعطيات الخاصة بهذه الصفقة في الجانب المتعلق بمدى احترامه للضوابط القانونية .