يعيش أطفال مدينة آزمور واقعا مريرا، مقارنة مع باقي أقرانهم بمدن آخري، نتيجة انعدام تواجد أبسط المرافق الترفيهية الخاصة بهن، مما يحولهم لأطفال شوارع سيما في فترات العطل المدرسية، التي تتحول لكابوس بالنسبة لأولياء أمورهم، حيث سرعان ما تجف الأقلام وتدس الدفاتر والكراسات داخل الأكياس أو "الكراطين" ، هذا إذا لم تسلم لبائع " الزريعة " مقابل بعض الدريهات، حتى يمتلئ الشارع بهم من كل فج عميق. ولولا تواجد مدينة آزمورعلى مشارف نهر أم الربيع ومياه شاطئ الحوزية، لكان الوضع أشد قتامة بعد إقبار المسبح البلدي الذي خلد بالمدينة ذكره، أيام كان فيه هؤلاء الأطفال يرسمون لوحة جميلة في مختلف الشوارع والأحياء، وهم يتسابقون نحو المساجد وبأيديهم الألواح والمصاحف ويتبارزون في الحفظ ويتباهون بما تمكنوا من حفظه خاصة بالمدينة العتيقة و حي الحفرة و درب ديكري، حيث يمر فصل الحر على هؤلاء وجل أوقاتهم يمضي وهم في أحضان بيوت الله بعيدين عن شغب الشارع وما يحويه من مظاهر الانحراف والتسيب التي باتت تؤثثه. أما اليوم، وفي ظل ما تشهده المدينة من نواقص يؤدي ثمنها الفقير بطبيعة الحال، نجد الطفل الذي كان بالأمس تلميذا بالقسم، ينقلب جنبا إلى جنب مع الكبار وأرباب العائلات في ورشات البناء والحدادة أوالنقل والحمالة اوالزراعة أو البيع في الأسواق والأرصفة وغيرها من الأنشطة التي يدخل إليها التلاميذ أفواجا لكسب المال، بهدف الانتفاع به، وصرفه في اقتناء ما كانوا طيلة الموسم الدراسي يحلمون به،من ملابس أو مستلزمات مدرسية للدخول المدرسي الجديد كل ذلك بغرض تكسير الروتين الصيفي، وهناك نوع ثالث من الأطفال يمضون صيفهم بين الشوارع والمزابل الفوضوية يجمعون كل المتلاشيات من حديد و بلاستيك وزجاج و ...أما الأطفال المحظوظون فهم من يبتسم لهم الحظ بفرصة للذهاب لإحدى المخيمات التي تنظمها بعض الجمعيات والمنظمات العاملة في الميدان، أو السفر رفقة أولياء أمورهم لمدن أو قرى مجاورة. وعموما، فالمدينة تفتقد لمرافق خاصة للشباب والأطفال، ضمنها الملاعب والقاعات الرياضية، ودور الشباب، تتناسب وحجم الساكنة والتوسع المعماري، كما تفتقرأيضا لمعاهد فنية أو موسيقية، وللحدائق والمنتزهات الخاصة بالأطفال وأولياء أمورهم، وهي المطالب التي ألحت عليه العديد من الجمعيات والمنظمات الفاعلة في الحقل الجمعوي خاصة في شقه المتعلق بالطفولة من خلال بياناتها ونداءاتها، لكن للأسف، لم تجد لحد الساعة آذانا صاغية من قبل أعضاء مجلسها البلدي السابق أو الحالي، أو من طرف الجهات الوصية بالإقليم، لتظل بذلك هذه المطالب مجرد أحلام تراود الكبير والصغير بمدينة تزخر بكل المؤهلات التي تخول لها أن تخلق منها فضاءات يستفيد منها أطفالها وأطفال المناطق والمدن المجاورة لها كنوع من الاستثمار الإيجابي والهادف.