يبدأ المبعوث الأممي المكلف بقضية الصحراء، كريستوفر روس، اليوم الأربعاء، جولة جديدة في المنطقة، هي الثانية له في ظرف خمسة أشهر، وذلك من أجل البحث في إمكانية استئناف المفاوضات المباشرة، وبالتالي السعي لإحراز تقدم باتجاه حل سياسي متوافق عليه للنزاع المفتعل. جديد هذه الجولة التي يقوم بها الديبلوماسي الأمريكي السابق، يتمثل أولا في كونه بات يسعى إلى استئناف المفاوضات المباشرة، بعد أن فشل في منهجية عقد لقاءات غير مباشرة توالت جلساتها من دون أن تفضي إلى أية نتيجة ملموسة، كما أن تنامي الأحداث في منطقة الساحل والصحراء، وتزايد حدة المخاطر الإرهابية والأمنية في المنطقة أفرز توالي المطالبات على الصعيد الدولي من أجل إيجاد حل سياسي نهائي لنزاع الصحراء، ما يعني أن روس اليوم صار مطالبا أكثر من أي وقت مضى بتوجيه كامل جهوده في اتجاه الوصول إلى حل سياسي متوافق عليه، وهذا ما جعل عددا من المراقبين يتوقعون أن يحمل معه خلال جولته الحالية تصورات وأفكارا بهذا الخصوص لعرضها على الأطراف. بالنسبة للمغرب، فهو الذي ما فتئ يكرر دائما دعوته إلى حل سياسي نهائي وعادل ومتوافق عليه للنزاع المفتعل حول وحدته الترابية، بل إن مقترحه بهذا الخصوص هو التصور الجدي الوحيد الموجود اليوم فوق الطاولة، ويحضى بتقدير كثير من الأوساط الدولية، بالنظر لواقعيته وجديته... وفي السياق ذاته، فإن المملكة كانت السباقة إلى تنبيه المجتمع الدولي إلى ما يتهدد منطقة الساحل والصحراء من مخاطر تتعلق بالأمن والاستقرار، كما أنها نبهت، غير ما مرة، إلى التواطؤات المسجلة بين (البوليساريو) والجماعات الإرهابية وعصابات التهريب في المنطقة، وما يخلفه ذلك من أخطار أمنية واقتصادية، وهو ما حذر منه كذلك وزير خارجية مالي مؤخرا... واليوم صار الكثيرون في المنطقة وعبر العالم يقتنعون بكل ما كان المغرب ينبه إليه في السنوات الأخيرة، ولهذا بات من الملح تسريع وتيرة البحث عن حل سياسي نهائي لنزاع الصحراء. من جهة أخرى، تأتي جولة روس قبيل اجتماع مجلس الأمن الذي سيشهد تقديم الأمين العام لتقرير حول تطور المفاوضات المتعلقة بنزاع الصحراء، وهي المناسبة التي بقدر ما سيسعى خصوم الوحدة الترابية للمملكة إلى استغلالها لتكرار ما سبق أن نادوا به أكثر من مرة، وترديد نفس الأسطوانة، فإن الرباط مطالبة، من جهتها، بوضع المجتمع الدولي مرة أخرى أمام تحدي الظروف الخطيرة التي تعيشها المنطقة برمتها، وأن تعيد «الهجوم» أيضا بمقترح الحكم الذاتي الذي يجسد الحل السياسي الواقعي والجدي للنزاع، وتكثف تحركاتها الديبلوماسية والميدانية للدفاع عن حق شعوب المنطقة في العيش بسلام وأمن، والانكباب الجماعي على قضايا التنمية والديمقراطية والتقدم.