اقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مذكرة رفعها لجلالة الملك محمد السادس بشأن إصلاح القضاء العسكري، إلغاء المحكمة العسكرية، وإسناد القضايا التي تختص بها إلى المحاكم العادية أو العمل على إعادة تحديد اختصاصها النوعي والشخصي، محيلا في هذا الصدد على الأخذ بنماذج عدد من البلدان التي يصفها بالديمقراطية المتقدمة من مثل فرنسا، إسبانيا، بلجيكا إيطاليا، سويسرا وكندا. المذكرة التي تزامن الكشف عنها بعد مرور أيام قليلة على محاكمة المتهمين في أحداث إكديم إزيك، تعد مساهمة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الحوار الوطني الجاري حول إصلاح العدالة، وتستهدف أساسا تقريب النظام العسكري الوطني من التوجهات الأساسية الملاحظة في البلدان الديمقراطية المتقدمة. واعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الفرصة ملائمة لإصلاح القضاء العسكري بعد أن أطلق المغرب حوارا وطنيا حول إصلاح العدالة مما يشكل مناسبة تاريخية لبناء تشاوري للمبادئ الأساسية المتعلقة بإصلاح هذا القطاع الاستراتيجي. وأفاد المجلس الوطني أن دراسة التجارب المقارنة تؤكد الاتجاه الدولي السائد والمتمثل في تحديد الاختصاص النوعي للمحاكم العسكرية في وقت السلم في القضايا التأديبية، فيما لوحظ، في بعض الحالات المقارنة، بأن هناك اتجاها لإلغاء المحاكم العسكرية في وقت السلم. ففي فرنسا، مثلا، يقول المجلس، تم، بنص فقط، إلغاء قانون المحاكم العسكرية في وقت السلم، وكذا المحكمة العليا الدائمة للقوات المسلحة مع الاحتفاظ بالمحاكم العسكرية في وقت الحرب. وهو الاتجاه ذاته الذي سارت عليه بلجيكاوألمانيا. فقد نصت بلجيكا على أنه «تحدث في وقت الحرب محاكم عسكرية دائمة ومحكمة عسكرية يحدد مقرها ودائرة نفوذها من طرف الملك». ويقضي دستور ألمانيا بإحداث محاكم جنائية عسكرية في وقت الحرب، أما في وقت السلم فإن مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي العسكري تتم مقاضاتهم أمام المحاكم الجنائية العادية. وسار على النهج ذاته النظام القضائي الإسباني، حيث يختص القضاء العسكري الإسباني بالبت فقط في الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي العسكري وبالبت في الطعون المتعلقة بالقرارات التأديبية الصادرة ضد العسكريين. وأوضح المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشأن المقترحات المتضمنة في مذكرته، أنه قد «تم إعدادها بناء على مختلف المرجعيات المعيارية على المستويين الوطني والدولي، وكذا مختلف مساهمات وتوصيات المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية فضلا عن التوصيات التوجيهية لهيئات معاهدات الأممالمتحدة». وأضاف المجلس أنه قام في ذات الإطار ب «دراسة مقارنة لعدد من النصوص القانونية المنظمة للمحاكم العسكرية في عدد من البلدان الديمقراطية، لتقريب المقترحات المقدمة في هذه المذكرة من الممارسات الجيدة سارية المفعول في هذه البلدان، علما، تشير المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أن إصلاح المحكمة العسكرية كان موضوعا حاضرا بصفة مستمرة في أجندة المنظمات غير الحكومية المهتمة بمجال التنظيم القضائي».