أعلن حمادي الجبالي، رئيس الحكومة التونسية، الثلاثاء الأخير، تقديم استقالته من رئاسة الحكومة الحالية. وصرح الجبالي للصحفيين، عقب استقباله من قبل الرئيس منصف المرزوقي٬ أنه قررتقديم استقالته من منصبه بعد فشل مبادرته الرامية إلى تشكيل حكومة تكنوقراط للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ شهور عديدة وزاد في تعميقها اغتيال المعارض السياسي التونسي شكري بلعيد في 6 فبراير الجاري. غير أن الجبالي٬ الذي يشغل منصب أمين عام «حركة النهضة»٬ حزب الأغلبية في الائتلاف الحاكم حاليا٬ أعلن أنه على استعداد لتشكيل حكومة جديدة، «حتى ولو كانت حكومة ائتلافية» كما قال٬ في إشارة إلى ما تطالب به أحزاب الأغلبية وعلى رأسها النهضة٬ أي حكومة «كفاءات سياسية» تضمن وزراء تكنوقراط مع تحييد وزارات السيادة. وعاد الجبالي للحديث عن مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط٬ التي لم تحظ بالموافقة من أغلبية الأحزاب على الرغم من مشاورات سياسية استمرت أكثر من أسبوعين٬ قائلا إن الهدف من مبادرته كان هو «تجنب البلاد الاحتقان والعنف» من خلال تشكيل حكومة «محايدة تكون بعيدة عن الصراعات السياسية والتجاذبات الحزبية وتتفرغ لخدمة برنامج واقعي تكون أولوياته واضحة وتتمثل في تحقيق التشغيل والحد من ارتفاع الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين وتحقيق التنمية الجهوية والاعداد للانتخابات القادمة». وأضاف أنه بعد مشاوراته مع الأحزاب السياسية تبين له أن مبادرته «لا تحظى بدعم سياسي من قبل الأغلبية داخل المجلس التأسيسي٬ ولا تتوفر على حظوظ النجاح. ولذلك قدمت استقالتي من رئاسة الحكومة تنفيذا لما سبق لي أن تعهدت به». ورأى الجبالي أن هناك «خيبة أمل كبيرة لدى الشعب التونسي في نخبته السياسية»، معتبرا أن استقالته هي خطوة «لاسترجاع هذه الثقة»٬ غير أنه أوضح أن فشل مبادرته «لا يعني فشل تونس أو فشل الثورة». وقال إنه طلب من الوزراء «ألا يستقيلوا من واجبهم وأن يواصلوا العمل لاستمرار الدولة وتحقيق مصالح المواطنين»٬ مؤكدا أنه لن يكون هناك «فراغ سياسي» على مستوى مؤسسات الدولة والإدارة. من جهة أخرى٬ أوضح رئيس الحكومة المستقيل أنه مستعد للترشح مجددا لتشكيل حكومة جديدة «بشرط أن تكون حكومة في خدمة الشعب»٬ مشددا على أن «أي بديل آخر لحكومة كفاءات وطنية التي اقترحها٬ سواء تعلق الأمر بحكومة ائتلافية أو غيرها، يجب أن تلبي شرط نجاح التجربة وتكون حكومة في خدمة الشعب وتبتعد عن التجاذبات السياسية٬ وتلتزم ببرنامج واضح وأرضية سياسية وحوار وطني بدون استثناء». وأضاف قائلا، «لن أنخرط في تجربة أخرى لا يكون فيها تحديد واضح ومسبق لتاريخ الانتخابات القادمة والانتهاء من كتابة الدستور»٬ معتبرا أنه «ليس المهم تشكيل الحكومة بل المهم هو توضيح الرؤية أمام الشعب وأمام الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والرأي العام في الداخل والخارج».وخلص إلى أنه ملتزم بألا يترشح للانتخابات القادمة وأنه سيطلب من الوزراء في الحكومة الجديدة أن يلتزموا بنفس الشيء.