حلت أمس الذكرى الرابعة والعشرون لتوقيع معاهدة مراكش لإنشاء اتحاد المغرب العربي، ولم تكن المناسبة موجبة لاحتفال أو لاستعراض حصيلة هي أصلا غير موجودة في الواقع، بقدر ما أنها كانت فقط فرصة أخرى لتجديد التأكيد على تطلع الشعوب المغاربية للوحدة والاندماج، ولاستحضار الرهانات الإستراتيجية والأمنية والتنموية المطروحة على البلدان الخمسة، وأيضا حجم الخسارة الذي يكلفه اللامغرب واللاتحاد. في برقيات التهنئة التي بعثها جلالة الملك إلى قادة دول الاتحاد المغاربي بهذه المناسبة، شدد على أن الاندماج المغاربي (...أضحى اليوم ضرورة إستراتيجية وأمنية ملحة وحتمية اقتصادية يفرضها عصر التكتلات القوية وكذا حجم التحديات المطروحة إقليميا وجهويا، وخاصة في(جوارنا الإفريقي المباشر)). يتعلق التنبيه الملكي هنا بالوضع في مالي، وفي منطقة الساحل الإفريقي المتاخمة للمنطقة المغاربية، فرغم خطورة ما يجري هناك، فان الأمر لم يفض إلى وحدة مغاربية في الموقف، أو في التحرك العملي، تماما كما حدث مع تداعيات الحراك الشعبي في المنطقة، حيث أن كل التغييرات التي شهدتها ليبيا وتونس (وهما بلدان عضوان في الاتحاد المغاربي) لم تنجح في تيسير عقد ولو اجتماع مغاربي واحد لتدارس الوضع السياسي والمجتمعي في المنطقة، وكأن الأمر بلا أية أهمية. وحتى لما صرح الرئيس التونسي الجديد بقناعاته المغاربية الواضحة، وبحرصه على جعل عام 2012(عام الاتحاد المغاربي)، تابعنا تطور الأحداث إلى أن انتهت السنة دون أن تلتئم القمة المغاربية الموعودة. إن هذه الوقائع وأخرى غيرها، تؤكد حالة الجمود التي يوجد عليها الاتحاد المغاربي منذ سنوات، وتؤكد أيضا عجز هذه الدول عن استيعاب أهمية اتحادها في سياق الوضع الإقليمي والدولي الذي صار لا يبالي اليوم بدور الدول منفردة في كل التفاوضات، ويعمد بدل ذلك إلى أسلوب التكتلات الإقليمية القوية، كما هو الحال بالنسبة للاتحاد الأوروبي مثلا. لم يعد الأمر محصورا اليوم في الجوانب العاطفية والتاريخية المشتركة بين شعوب المنطقة، وإنما الأهم أنه صار مجسدا في مصالح اقتصادية عملية، وفي مخاطر أمنية وإستراتيجية تهم الدول الخمسة مجتمعة، ولهذا، أصر جلالة الملك هذه السنة وهو يهنئ القادة المغاربيين بالمناسبة على التذكير بعزمه الراسخ على(مواصلة العمل سويا من أجل المضي قدما نحو إقامة نظام مغاربي جديد قوي ومتضامن وفاعل في محيطه الإفريقي والعربي والأورو متوسطي يفتح أمام دوله الخمس فضاء رحبا لتكامل المصالح وللعمل المشترك المثمر في احترام تام لسيادتها ووحدة ترابها وثوابتها الوطنية العليا). متى تهب رياح التغيير و ... الحراك على الاتحاد المغاربي؟