أجمع المشاركون في اليوم الدراسي حول «حقوق الإنسان والمقاولة»، المنظم يوم أمس بالدار البيضاء، على أن الظروف الصعبة التي يجتازها المغرب والعالم حاليا تقتضي إعطاء مسألة حقوق الإنسان داخل المقاولة اهتماما أكثر وذلك بالنظر لتداعيات تجاهل ذلك على مستقبل البلاد. وقال عبد الواحد سهيل، وزير التشغيل والتكوين المهني، خلال هذا اليوم الدراسي الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان والاتحاد العام للمقاولات، إن المغرب انخرط، في سياق اهتمامه بحقوق الإنسان داخل المقاولة، في العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالحقوق الأساسية في العمل، حيث صادق على هذه الاتفاقيات باستثناء واحدة وهي الاتفاقية رقم 87 المتعلقة بالحريات النقابية. وأضاف سهيل أن العديد من بنود هذه الاتفاقية الأخيرة متضمنة في التشريعات الوطنية بدء من الدستور الذي ينص عليها صراحة ومرورا بمدونة الشغل ونصوص قانونية أخرى. كما أن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تشمل أحكامها، يقول الوزير، ظروف الاشتغال داخل أماكن العمل، وبالتالي فهي ملزمة لكل الأطراف المعنية بتنفيذها. وأشار سهيل إلى ميثاق المسؤولية الاجتماعية للمقاولة الذي يعد خطوة في اتجاه تنفيذ النصوص التشريعية المتعلقة بالحقوق الأساسية في العمل، مذكرا بأن هذا الميثاق، الذي يلزم المقاولة بمراعاة مسؤوليتها الاجتماعية في محيطها الداخلي والخارجي، لا يعني فقط المشغلين، بل أيضا الفرقاء الاجتماعيين الآخرين. واعتبر سهيل أن هذه الأحكام تلزم المقاولة بتثمين العنصر البشري باعتباره الحجر الأساس في كل عملية إنتاج، واحترام حد أدنى من شروط العمل والتطور داخل المقاولة. وذكر الوزير أن المغرب لا تعوزه التشريعات الاجتماعية، فهو يتوفر على تشريع متطور يكفل كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وبأن الدستور الجديد حرص، وخاصة في المادة 31، على تكريس الحريات النقابية، كما نص على تشجيع المفاوضات الجماعية وإبرام اتفاقات الشغل الجماعية. كما تم، حسب وزير التشغيل، إرساء ثقافة التشاور عبر خلق هيئات تمثيلية منتخبة. وقال إن الفرقاء الاجتماعيين يعملون حاليا على وضع آليات للتدبير المشترك لنزاعات الشغل وتشجيع آليات الوساطة لفض بعض النزاعات. واعتبر سهيل أن هناك بعض التباينات بين ما هو معمول به في الواقع وما هو موجود في النصوص، داعيا في هذا الصدد المقاولات إلى احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كما هي متعارف عليها عالميا، هذا في الوقت الذي تبقى الدولة مطالبة، حسب الوزير، بالسهر على احترام هذه الحقوق، وهو ما يعني، على حد قوله، أن المسؤولية تبقى مشتركة. بخصوص الحق في الشغل قال عبد الواحد سهيل إن الحكومة شجعت الاستثمار الخارجي والداخلي كي يتم توفير مناصب الشغل. وأضاف أن هناك استراتيجية ترتكز على وضع تصور جديد للتكوين المهني ملائم لحاجيات سوق الشغل. أما ممثلو المركزيات النقابية فأشاروا في تدخلاتهم إلى عدد من مظاهر الانتهاكات للحقوق الأساسية داخل أماكن العمل، وطالبوا بتقليص الفرق ما بين التدوين والخطاب من جهة وتنفيذ أحكام النصوص التشريعية من جهة أخرى.. وطالب الميلودي مخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، بأن يتم التعاطي مع هذه الحقوق داخل المقاولة بشكل ملموس بدل اعتبارها كلمات ومفاهيم مجردة. وقال مخاريق أن أولى هذه الحقوق المنتهكة هي الحريات النقابية التي تعني الحق في التنظيم النقابي، الذي يجب حمايته في كافة المؤسسات الإنتاجية والإدارات. واعتبر أن هذا الحق، رغم وجوده في النصوص التشريعية، يبقى نقطة سوداء في الواقع. وأشار في هذا الصدد إلى الاتفاقية الدولية رقم 98 التي لم يتم التصديق عليها بعد من قبل المغرب والتي بسببها يصنف المغرب عالميا في مرتبات غير لائقة في مجال الحريات النقابية. كما طالب بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يرمي بالممثلين النقابيين في السجون. يذكر أن هذا اليوم الدراسي نظم بدعم من الجمعية الفرانكفونية للجان الوطنية لحقوق الإنسان، وهو يهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون بشأن القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان داخل المقاولة العمومية والخاصة، من خلال مقاربة شاملة تضم مختلف الفاعلين من مقاولات ونقابات وحكومة ومؤسسات وطنية ومجتمع مدني.