ممثلا وحيدا للسينما الأمازيغية، عرض المخرج الشاب أحمد بايدو، يوم السبت الماضي فيلمه الطويل الأول «أغرابو» (القارب) في إطار الدورة 14 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة. «أغرابو».. حكايات متجاورة داخل قرية أمازيغية مطلة على البحر تتفاعل حول تيمة الصراع الأزلي بين الخير والشر، بين إرادة التحرر وغطرسة السلطة. قصة ساكنة بسيطة تدافع عن حقها في الحياة الكريمة أمام تسلط «أمغار». في تجربته الأولى، يعد بايدو بمستقبل سينمائي كبير، جسدته جمالية الصورة التي التقطت سحر طبيعة قروية وتفاعل الإنسان مع المكان، وإدارة ممثلين موفقة، أخذا بعين الاعتبار محدودية الاختيارات المتاحة على مستوى النخبة السينمائية الناطقة بالأمازيغية. يعد الفيلم أيضا وثيقة بصرية ذات بعد إثنوغرافي واضح صنعه حضور البعد الأسطوري المحلي وأنماط الحياة الاجتماعية والاقتصادية وآليات ممارسة السلطة وطقوس الاحتفال والأزياء والموسيقى ونظام العلاقات الاجتماعية، الأمر الذي يعتبره بايدو من صميم مهمته كفنان مدعو إلى الترويج لثقافته المحلية الخصوصية وإثبات وجودها داخل منظومة الثقافة المغربية متعددة الروافد. تعليقا على مشاركة فيلم أمازيغي وحيد في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة بطنجة، وهو من إنتاج خاص، يرى المخرج الشاب أن الأمر يتعلق أساسا بالمحدودية العددية للنخبة السينمائية الناطقة بالأمازيغية. «هناك مخرجون في صنف أفلام الفيديو لكن مازلنا بعيدين عن التواجد المنشود في الساحة السينمائية الوطنية. أنا على يقين أن المستقبل يعد بالأفضل في ظل توسع نطاق هذه النخبة تدريجيا». على خلاف ما يعتقده البعض، يؤكد أحمد بايدو أن «الفيلم الأمازيغي له سوق واسعة، سواء على المستوى الوطني أو في المهجر. سوق الأقراص المضغوطة (دي في دي) مزدهر بالنسبة للأفلام الناطقة بالأمازيغية، والجمهور الأمازيغي يتابع بشغف نجومه وإنتاجاتهم الجديدة»، ولو أنه يسجل بأسف غياب قاعات العرض في النصف الجنوبي من المغرب حيث تتمركز جل الجماهير الناطقة بالأمازيغية مما يطرح مشكل تواصل فني. بالنسبة لأحمد بايدو، صناعة فيلم أمازيغي تحد كبير لا ينفصل عن مسار العمل من أجل النهوض بالثقافة الأمازيغية. فوجود سينما ناطقة بهذه اللغة إضافة ثمينة للفسيفساء الثقافية الغنية. ومن هذا المنطلق، يتطلع إلى المساهمة في تحقيق تراكم فني أمازيغي مهم. مستقبل السينما الأمازيغية واعد ويقتضي، في نظر مخرج «أغرابو» الذي يتطلع الى خروج فيلمه الى القاعات نهاية مارس المقبل، العمل على تمكين الطاقات التي تنشط في صناعة أفلام الفيديو، من ولوج مجال الإخراج السينمائي من بابه الاحترافي الواسع، خصوصا مع وجود إرادة واضحة على مستوى المؤسسات العمومية لتفعيل الطابع الوطني للغة الأمازيغية والنهوض بهذا المقوم الثقافي الذي يعد قضية كل المغاربة.