مرسي في وضع حرج والمعارضة تطالب بمحاكمته وب «إسقاط نظام الاستبداد» أرجأ القضاء المصري مجددا يوم أمس الأحد حكمه بشأن قانونية الجمعية التأسيسية التي صاغت مشروع الدستور المصري قبل أن يتم تبنيه في دجنبر الماضي، وذلك في وقت تشهد فيه مصر تصاعد الاحتجاجات العنيفة على نظام مرسي، خاصة بعد ا، تداولت المواقع أول أمس صور فيديو تظر اعتداء قوات الأمن على مواطن بعد أن تم تجريده من ثيابه. وذكرت وسائل الإعلام المصرية أنه كان يفترض أن تصدر المحكمة الدستورية العليا حكمها يوم أمس لكنها أرجأت قرارها شهرا حتى الثالث من مارس القادم. وكانت قد رفعت عدة شكاوى ضد الجمعية التأسيسية التي انسحب منها الليبراليون واليساريون وممثلو المسيحيين واتهمت بأنها صاغت دستورا لا يمثل كل المصريين. وتم تبني الدستور في دجنبر في استفتاء رغم أزمة سياسية حادة تخللتها أحيانا اعمال عنف بين مناصري مرسي ومعارضيه. وتنتقد المعارضة الدستور باعتبار انه يضفي صبغة إسلامية متشددة على التشريعات ولا يضمن عددا من الحقوق. إلى ذلك، وجد الرئيس المصري محمد مرسي نفسه في وضع حرج أول أمس السبت غداة بث لقطات مصورة لرجل يتم تجريده من ملابسه وضربه بوحشيه وسحله من قبل الشرطة، مساء الجمعة قرب قصر الرئاسة، فيما صعدت المعارضة سقف مطالبها داعية إلى «إسقاط نظام الاستبداد» و»محاكمة رئيس الجمهورية» على «جرائم القتل والتعذيب» التي وقعت أخيرا. وبثت قنوات التلفزيون المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر فيه أفراد شرطة من قوات مكافحة الشغب وهم يضربون رجلا بالعصي ويدفعونه ويجردونه من ملابسه ويسحلونه على الأرض ثم يضعونه في سيارة مصفحة تابعة للشرطة بالقرب من قصر الاتحادية الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة. وقال الشخص نفسه، ويدعى حمادة صابر، في مقابلة مع قناة الحياة التلفزيونية المحلية مساء السبت إن «الشرطة كانت تريد إنقاذي ولكنني كنت خائفا من نقلي إلى سيارة الشرطة المصفحة فقاومت رجال الشرطة الذين كانوا يريدون مساعدتي». غير أن ابن شقيقه أكد في تصريحات للقناة نفسها أن «عمي يكذب ومورست عليه ضغوط». كما قالت ابنته راندا في تصريحات لقناة «سي بي سي» المصرية «أريد الحماية لوالدي ولأسرتنا قبل أن أتكلم». وأضافت «ما يقوله كذب وهو خائف لذلك يقول هذا الكلام». وتابعت «أنه في مستشفى الشرطة الآن وهناك أشخاص بجانبه يملون عليه ما ينبغي أن يقوله وهم يهددونه لذلك يكذب». وأعربت الرئاسة المصرية في بيان عن «ألمها لذلك المقطع الصادم». وأكد البيان أنه «في إطار متابعة رئاسة الجمهورية لمجريات الأحداث المؤسفة التي وقعت أمام قصر الاتحادية، فقد آلم مؤسسة الرئاسة ذلك المقطع الصادم الذي يصور تعامل بعض أفراد الشرطة مع أحد المتظاهرين بشكل لا يتفق مع الكرامة الإنسانية أو حقوق الإنسان». وأضاف البيان أن «مؤسسة الرئاسة تؤكد حرصها وكل أجهزة الدولة على تفعيل ما ورد في الدستور المصري من ضمانات للمواطن تحظر تعذيبه أو ترهيبه أو إكراهه أو إيذاءه بدنيا أو معنويا». لكن جبهة الإنقاذ الوطني (ائتلاف المعارضة الليبرالية واليسارية الرئيسي) صعدت سقف مطالبها وأكدت إثر اجتماع عاجل استغرق أكثر من أربع ساعات تأييدها لمطالب الشعب بإسقاط النظام ودعت إلى محاكمة مرسي. وقالت الجبهة في بيان إنها «تنحاز انحيازا كاملا لمطالب الشعب المصري وقواه الحية التي تنادي بإسقاط نظام الاستبداد وهيمنة الإخوان المسلمين على الحكم، وتؤيد كل أشكال التعبير السلمي لتحقيق هذه المطالب». وطالبت ب»تحقيق قضائي محايد في جرائم القتل والتعذيب والاحتجاز بدون وجه حق، وتقديم كافة المسؤولين عنها للمحاكمة العادلة بدءا من رئيس الجمهورية ووزير داخليته وكافة شركائه في الجريمة». ودعت الجبهة «المصريين إلى الاحتشاد السلمي في كل ميادين مصر دفاعا عن كرامة الإنسان المصري». وطالبت أيضا ب»إنهاء معاناة المواطن المصري بسبب الفقر وارتفاع الأسعار نتيجة السياسات التي لا تلبي طموح المصريين إلى عدالة اجتماعية حقيقية». واكدت أنها «لن تخوض في ملف الحوار في ظل الدم وقبل إيقاف نزيفه والمحاسبة عليه والاستجابة لمطالبها». وكانت جبهة الإنقاذ وقعت الخميس مع القوى السياسية بمختلف توجهاتها وثيقة لنبذ العنف و»تفعيل الحوار الوطني» من خلال «تشكيل لجنة للاتفاق على أهداف وأجندة الحوار». وتعرض موكب رئيس الوزراء هشام قنديل صباح السبت لهجوم بالحجارة والزجاجات الفارغة من قبل متظاهرين في ميدان التحرير بوسط القاهرة. وطالبت المعارضة صباح السبت بإقالة وزير الداخلية محمد إبراهيم وقالت إن هذه الممارسات مماثلة لتلك التي كانت ترتكب في عهد نظام حسني مبارك الذي إطاحته ثورة شعبية مطلع العام 2011. وقال المتحدث الرسمي باسم جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة خالد داوود في بيان أن «الصور البشعة والمخزية لضباط وجنود الأمن المركزي وهم يقومون بسحل وضرب مواطن عار تماما من ملابسه بطريقة وحشية في محيط قصر الاتحادية وسقوط شاب قتيلا في نفس المواجهات، لا يمكن أن يقابلهما اعتذار تقليدي من المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، بل يتطلب الأمر إقالة وزير الداخلية نفسه وبشكل فوري». من جانبها قدمت وزارة الداخلية «اعتذارا» عن الواقعة مؤكدة أنها تمثل «تصرفا فرديا» وأعلنت عن فتح تحقيق فيها. وتعليقا على المطالبة بإقالته، قال وزير الداخلية في تصريحات للصحفيين مساء السبت «أنا توليت مهام الوزارة في ظل ظروف صعبة ودقيقة ولم أقبل بها الا حفاظا على جهاز الشرطة ولكن إذا كانت استقالتي ستريح الشعب المصري، فأنا على استعداد لتقديمها فورا». ووقعت مواجهات عنيفة بين متظاهرين مناهضين للرئيس محمد مرسي وقوات مكافحة الشغب أمام القصر الرئاسي أسفرت عن قتيل وعشرات الجرحى الجمعة. وانتشرت قوات مكافحة الشغب صباح السبت حول قصر الرئاسة واستمرت المواجهات مع أزيد من 30 ألف مظاهر رفعوا شعار «ارحل». وقتل قرابة 60 شخصا منذ أن بدأت موجة العنف في مصر في 24 يناير الماضي، عشية الذكرى الثانية للثورة. وربما كان صعود مرسي إلى السلطة باعتباره أول رئيس منتخب في تاريخ مصر أبرز تغيير حققته الانتفاضات التي بدأت قبل عامين في العالم العربي. غير أنه ما زال عاجزا عن توحيد صفوف المصريين منذ توليه السلطة قبل سبعة أشهر وتهدد الاضطرابات الجارية في الشوارع وعدم الاستقرار السياسي بانفلات زمام الامور في البلاد. وكانت الإجراءات التي اتخذتها الشرطة ضد المتظاهرين هذه المرة أكثر عنفا بكثير من تلك التي تعاملت بها قبل أشهر قليلة مع حشود ضخمة تظاهرت احتجاجا على الدستور الجديد مما أوحى للمعارضين بأن مرسي أمر باتخاذ إجراءات أكثر صرامة.