بعد الانتصار الذي شكله قرار المحكمة الوطنية الإسبانية والتي تعد أعلى هيئة قضائية في البلاد، والقاضي بقبول شكاية ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف ومتابعة قادة ما يسمى بالبوليساريو، انضافت الصحراوية جديتو محمود محمد الزبير إلى لائحة هؤلاء الضحايا الذين اختاروا عدم الصمت وطريق العدالة للمطالبة بالإنصاف والاقتصاص من جلادي المخيمات الذين يتمتعون بحماية جزائرية واسعة. جرأة الضحية التي رفعت شكاية بالانتهاكات التي تعرضت لها والمتجلية في الاغتصاب وانتهاك كرامتها على يد ممثل البوليساريو السابق بإسبانيا إبراهيم غالي والذي تم تنقيله على عجل للجزائر ليعين سفيرا بها بعد قبول المحكمة الوطنية الإسبانية للشكايات المرفوعة ضده رفقة مجموعة من قادة البوليساريو ومسؤولين جزائريين بتهمة الإبادة والتعذيب، تؤازرها إحدى الجمعيات الحقوقية الإسبانية، في غياب تام للمنظمات التي تدعي الدفاع عما يسمى «الشعب الصحراوي». جديتو محمود الزبير، التي تعيش حاليا باشبيلية جنوبإسبانيا، امرأة اختارت النضال من أجل كل الضحايا النساء اللواتي لم يتمكن من الانفلات من قبضة الجلاد بمخيمات الاحتجاز والحصار وفضح الوجه القبيح لقادة البوليساريو والبوح بقضيتها عبر الالتجاء إلى القضاء الإسباني طلبا للإنصاف ومعاقبة الجاني وعدم إفلاته من العقاب، وأبدت في هذا الصدد، خلال ندوة صحفية عقدتها الأربعاء الماضي بمدريد رفقة محاميها، أسفها لكون الجمعيات في إسبانيا لم تعط أية أهمية لحالتها الخطيرة إثر تعرضها للاغتصاب والإهانة على يد المدعو إبراهيم غالي أحد قادة «البوليساريو». وبعد أن طالبت جديتو المجتمع الدولي ب «الاقتصاص من جلادي النخيمات»، انتقدت، بشكل خاص، منظمات غير حكومية إسبانية وجمعيات صحراوية تتبنى أطروحة «البوليساريو»، مستشهدة، في هذا السياق، بالمسماة أمينتو حيدر التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، في الوقت الذي لا تعدو أن تكون مجرد عميلة للجزائر. وأفادت المتحدثة في سردها لحيثيات ووقائع الجريمة أنها كانت عرضة للتحرش والاعتداء الجنسي والاغتصاب من طرف إبراهيم غالي، عندما تقدمت في عام 2010 في الجزائر العاصمة للحصول على تأشيرة لدخول إسبانيا. من جهته أوضح محامي الضحية، اغوستين فرنانديز دي لا كروز، أن الشكاية التي تهم جديتو الزبير تم وضعها أمام المحكمة الوطنية بتاريخ 14 يناير الجاري، وذلك بالنظر لكون هذه الهيئة «مختصة» للبت في مثل هذه القضايا، بما أن الأمر يتعلق بصحراوية من أبوين إسبانيين. وذكر فرنانديز بأن وقائع الاعتداء تعود إلى 2010-2011 عندما كانت الضحية تعمل في «مصلحة البروتوكول» لدى «البوليساريو» حيث توجهت إلى الجزائر العاصمة للحصول على تأشيرة لزيارة إسبانيا. وتوقع المحامي الإسباني أن تقبل المحكمة الوطنية الإسبانية الشكاية بالنظر إلى وجود أدلة تجرم غالي، وكذا ابن عبد القادر الطالب عمر، «الوزير الأول» الوهمي للانفصاليين، كما أبرز «التعاون الدولي» القائم لتحقيق العدالة ومثول المتهمين أمام القضاء الإسباني . من جانبه، ذكر رئيس الجمعية الإسبانية الصحراوية «حوار» ومقرها في أشبيلية، التي تدعم الضحية في هذه المحاكمة، أن الضحية تتوفر على أسماء شهود، مقيمين في إسبانيا، الذين بمقدورهم تقديم أقوالهم أمام المحكمة الإسبانية، بمجرد قبول الدعوى . يشار إلى أن المدعو إبراهيم غالي وعدد من مسؤولي وقادة البوليساريو ومسؤولين جزائريين هم موضوع شكايات رفعت ضدهم أمام المحكمة الوطنية بمدريد من طرف عشرات الصحراويين ضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان بتهمة الإبادة والتعذيب والاغتيال والاعتقال غير القانوني والاختفاء القسري. إذ استنادا إلى مصادر حقوقية فإن لائحة المشتكى بهم تتضمن بالإضافة إلى ممثل البوليساريو السابق بإسبانيا إبراهيم غالي ووزيري الإعلام والتربية في الجمهورية المزعومة كلا من خليل سيدي أمحمد «وزير المخيمات» ومحمد خداد «المنسق مع المينورسو والمدير العام السابق للأمن العسكري بالجبهة» وعلي دبا «عضو الأمن العسكري والحارس الشخصي لمحمد ولد عبد العزيز». بل وتضم قائمة المتهمين بالتورط في ممارسة أفعال وحشية أسماء لضباط سامين في الجيش الجزائري متهمين بالتغطية على الانتهاكات الخطيرة التي كانت مراكز الاعتقال والتعذيب بمخيمات تندوف مسرحا لها. ويطالب الضحايا بإصدار مذكرات اعتقال دولية في حق المتورطين في قضايا الانتهاكات الوحشية الموثقة بشهادات حية للضحايا، والتي كانت أيضا موضوع تقارير دورية صادمة للمنظمات الحقوقية الدولية التي تعنى بقضايا اللاجئين وعلى رأسها منظمة العفو الدولية «أمنستي» والمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.