رغم الضجيج الذي يرافق انتقال وزارة الخارجية الأميركية من هيلاري كلينتون إلى جون كيري، إلا أن هامش التغيير في السياسة الخارجية الأميركية يظل محدودا، في ظل وجود ثوابت وأهداف كبرى لا يمكن الحياد عنها. يستعد جون كيري لتسلّم وزارة الخارجية الأميركية قريبا في تكريس لمسار هذا السناتور الذي يعلن أن «الدبلوماسية تسري في دمه». وهو من «أبطال» حرب فيتنام قبل أن ينضم إلى المشككين في سياسة التدخل العسكري الأميركي في النزاعات الخارجية واستخدام القوات المسلحة كرأس حربة في الدبلوماسية. ورغم الضجيج الذي يرافق انتقال وزارة الخارجية من هيلاري كلينتون إلى جون كيري، إلا أن هامش التغيير في السياسة الخارجية الأميركية يبدو محدودا، في ظل وجود ثوابت وأهداف كبرى لا يمكن الحياد عنها، ولا تبقى إلا التفاصيل الصغيرة التي يمكن لمن يقودون هذه الوزارة المفصلية أن يدخلوا عليها بعض التعديلات التجميلية الطفيفة. فهل يستطيع وزير خارجية أميركي مهما كان حجمه وشعبيته أن يغير على سبيل المثال الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل؟. واختار الرئيس باراك أوباما قبل شهر المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية عام 2004 ليحل محل هيلاري كلينتون على أن يصادق مجلس الشيوخ على تعيينه مبدئيا اليوم الثلاثاء. وتم الاستماع الى هذا السياسي المخضرم البالغ 69 عاما في جلسة مساءلة مطولة الخميس الماضي أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، وهي اللجنة التي ترأسها على مدى أربع سنوات وحتى قبل أيام قليلة. وأعلن ابن الدبلوماسي هذا المتخرج من جامعة يال امام نظرائه الذين اغدقوا عليه بالاشادات ان «مجلس الشيوخ والدبلوماسية يسريان في دمه» كاشفا عن خارطة طريق يعتزم اتباعها وتشمل مروحة واسعة من المواضيع من ايران الى الصين مرورا بالملف الاسرائيلي الفلسطيني والتغيير المناخي. وقال اوباما مشيدا به لدى اعلان تعيينه في 21 ديسمبر الماضي «قلة من الاشخاص يعرفون مثل كيري كل هذا العدد من الرؤساء او رؤساء الوزراء ولديهم ما لديه من دراية بالسياسة الخارجية وهذا يجعل منه مرشحا مناسبا لقيادة الدبلوماسية الأميركية في السنوات القادمة». وأكد ذلك السفير مارتن اينديك من معهد بروكينغز قائلا «يبدو جون كيري وكأنه خارج مباشرة من صور وزراء الخارجية التي تزين الطابق السابع من الوزارة في واشنطن وهو يستعد لذلك منذ عقود». لكنه توقع تغييرا في الاسلوب في الوزارة بعد هيلاري كلينتون «وزيرة الخارجية نجمة الروك» كما لقبتها صحيفة نيويورك تايمز والتي يتوقع الجميع في واشنطن ان تترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2016. ويعرب بعض الدبلوماسيين الاميركيين في الكواليس عن ارتياحهم لوصول شخص من صفوفهم الى هذا المنصب، منتقدين بكلام مبطن الوهج الذي أحاط بنهاية عهد كلينتون وجعلها تبدو وكأنها من المشاهير. ويرجح اينديك أن يبدي كيري «تصميما على الانخراط أكثر في المفاوضات الدبلوماسية الأساسية». ويشير الكثير من الخبراء إلى أن وزيرة الخارجية المنتهية ولايتها تبنت بوفاء كامل سياسة خارجية صممها البيت الأبيض وأشرف عليها، ما لم يترك لها سوى هامش مناورة ضيق جدا.