غيّر الرئيس المصري محمد مرسي موقفه تماما من التدخل العسكري للإطاحة بالأسد ، وبعد أن كان يطالب بالتحرك الدولي ضده أصبح يرفض استخدام القوة العسكرية لإسقاطه. يأتي هذا التغير بمئة وثمانين درجة بعد الزيارة التي أداها وزير الخارجية الإيراني للقاهرة نهاية الأسبوع الماضي، ما يدق إسفينا بين إخوان مصر وقطر الداعم الأساسي لهم. وقال مرسي، في مؤتمر صحفي مشترك عقده ورئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبي، «إن الملف السوري هو المسيطر على العلاقة المصرية الإيرانية»، مؤكداً أن الدولتين ضد العمل العسكري الخارجي ضد سوريا لإسقاط نظام بشار الأسد «الرئيس السوري» وتقسيم سوريا». في مقابل التراجع الذي أبداه مرسي، دعا رومبي الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي «حتى يتسنى للشعب السوري بناء مؤسساته الديموقراطية». والتقى مرسي وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي الذي سلمه رسالة من أحمدي نجاد. وكان مرسي وصف نظام الأسد بأنه قمعي واعتبر الإطاحة به واجبا أخلاقيا، وذلك خلال حضوره فعاليات قمة عدم الانحياز التي احتضنتها طهران في 30 – 31 غشت الماضي. وتابع «إن تضامننا مع نضال أبناء سوريا الحبيبة ضد نظام قمعي فقد شرعيته واجب أخلاقي بمثل ما هو ضرورة سياسية واستراتيجية». وقال مراقبون إن تصريحات مرسي تعكس من جهة أزمة مبادئ لدى الإخوان المسلمين الذين يطلقون التصريح ونقيضه، ومن جهة أخرى تكشف حالة من التوتر في علاقاتهم الخارجية. ويكشف هؤلاء أن الإخوان ارتموا منذ فوزهم بانتخابات الرئاسة في الحلف الأميركي الإسرائيلي وكانوا ينتظرون دعما قويا من واشنطن خاصة في قضايا التمويلات والقروض، لكن واشنطن التي ما زالت تختبر نواياهم جمدت المساعدات السنوية المقررة لمصر، واكتفت بقليل من الوعود. وفي مقابل الجفاء الأميركي والبرود الإسرائيلي حاولت قطر أن تملأ الفراغ من خلال هبات وقروض وودائع ضمان بنكية كان آخرها 2.5 مليار دولار بعد زيارة رئيس الوزراء وزير الخارجية حمد بن جاسم، لكن حاجة الاقتصاد المصري أكبر بكثير من «هبات قطر» ووعودها. ولفت هؤلاء المراقبون إلى أن زيارة صالحي إلى القاهرة سبقتها خطوات تهدئة إعلامية بين الطرفين، كما كفت طهران عن اتهام الإخوان بالعمالة لأميركا، وأرسلت إشارات تفيد باستعدادها للدعم المالي السخي. ويؤكد متابعون أن إيران تريد أن تستثمر حالة البرود الأميركي والإسرائيلي، فضلا عن التشكك الخليجي في نوايا الإخوان، لتعرض فكرة إنجاز مشاريع كبيرة في مصر، وضخ مليارات الدولارات مقابل تغيير الإخوان لبوصلتهم باتجاهها. ولوحت طهران باستثمارات تصل إلى خمسة مليارات دولار خلال فترة قصيرة، والترفيع في عدد السائحين الإيرانيين إلى ثلاثة ملايين سنويا لزيارة العتبات المقدسة، وذلك قبل حضور محمد مرسي قمة عدم الانحياز التي احتضنتها طهران في أغسطس الماضي، لكن تصريحاته القوية في القمة ضد حليفها الأسد جعلتها تصرف النظر عن تلك الوعود.