شهدت فاس مؤخرا أشغال ندوة علمية تكريمية للأستاذ عبد الحق المريني الناطق الرسمي باسم القصر الملكي مؤرخ المملكة بحضور شخصيات وازنة من عالم الفكر والثقافة والإبداع. وتروم هذه الندوة التكريمية التي نظمتها جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس بتعاون وتنسيق مع شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس حول موضوع (عبد الحق المريني الأستاذ والمثقف .. تقاطع المرجعيات والامتدادات) الاحتفاء بالعطاء الفكري للمريني والاعتراف بدوره البارز في المجال العلمي والثقافي عامة وفي مجال التاريخ والأدب والحضارة المغربية بصفة خاصة والتي راكم في مختلف حقولها المعرفية مؤلفات وأبحاث رصينة. وقال الفارسي السرغيني رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس إن تكريم عبد الحق المريني الذي هو خريج هذه الجامعة العتيدة هو تكريم للأستاذ الذي مارس الأستاذية التي تعد من أنبل المهن وأرفعها شأنا ومكانة حيث ساهم في تربية أجيال بلده مشيرا إلى أن كل من تتلمذ على يد الأستاذ المريني يحتفظ له بذكريات الأستاذ القدير المتفاني في التلقين والتدريس والتأهيل والتكوين. وأضاف الفارسي السرغيني في كلمة خلال افتتاح أشغال هذه الندوة أن هذا الاحتفاء بشخصية المريني هو احتفاء بالباحث الذي يجتهد ولا يتوقف عن البحث والتنقيب والقراءة بالرغم من مسؤولياته المتعددة والذي طرق البحث في ميدان العلوم الإنسانية من أبوابها المتعددة بفضل تعدد وتنوع ثقافته واهتماماته المعرفية خاصة في ميدان التاريخ والدراسات الإسلامية والعربية وميدان الشعر. واستعرض أهم المؤلفات التي أنجزها المحتفى به والتي أغنت الخزانة المغربية وظلت مرجعا قيما للباحثين المغاربة يعتمدون عليها في أعمالهم الفكرية مشيرا إلى أن الاحتفاء بالمريني هو تكريم للوطني الغيور على بلده وأمته التي خدمها ولا يزال حيث تتجلى وطنيته في كتاباته التي اهتم فيها بمواضيع كشعر الجهاد في الأدب المغربي والجيش المغربي عبر التاريخ إلى جانب مؤلفات ركزت على أعمال ومنجزات ملوك الدولة العلوية. وأوضح رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله أنه بالرغم من الكفاءات العلمية والمعرفية والأدبية للمحتفى به، فإن هذه الندوة العلمية التكريمية تسعى إلى تكريم المريني الإنسان باعتباره من طينة الناس القلائل الذين جمعوا بين العلم والمعرفة والمكانة العالية وبين خصلة التواضع التي حباه الله بها. ومن جهته، أكد إبراهيم أقديم عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس أن تكريم عبد الحق المريني يستهدف الاحتفاء بما يتصف به من قدوة متميزة في البذل والعطاء العلمي والمثابرة والسعي الدائم لتوظيف المهارات والقدرات لفائدة العلم والمجتمع مشيرا إلى أن احتفاء الجامعة بهذه الشخصية الفكرية والثقافية يشكل مناسبة لتقديم النموذج بالنظر لإسهاماته الفكرية والعلمية وللجوائز الشرفية التي حاز عليها سواء من المغرب أو من الخارج. واعتبر أن مراجعة شاملة للإنتاجات التي راكمها المحتفى به في العديد من الحقول المعرفية والقراءة العلمية لهذا الإنتاج من طرف الطلبة والباحثين الشباب من شأنه أن يحفز المتعاطين مع هذا التراكم الفكري والمعرفي على الإبداع والالتزام الدائم بشؤون المجتمع وقضايا المغرب ومصالحه . وكان عبد الحق المريني الناطق الرسمي باسم القصر الملكي مؤرخ المملكة قد أكد قبل ذلك في تصريحات صحفية على اعتزازه بهذا التكريم الذي يصدر عن جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس « التي كان لي الشرف أني كنت من بين أول المتخرجين منها حيث حصلت على شهادة الدكتوراه سنه 1989 « . وعبر عن تأثره البالغ « بالتفاتة هذه الجامعة العتيدة لشخصه المتواضع ولإنتاجاته المتواضعة «منوها بهذه السنة الحميدة» التي سنتها الجامعة للاحتفاء بخريجيها من أجل التعريف بهم وبإنتاجاتهم الفكرية والثقافية وهو ما من شأنه أن يشجعهم على المزيد من العطاء في مختلف ميادين تخصصاتهم». وبدورها نوهت بهيجة سيمو مديرة مديرية الوثائق الملكية في تصريحات مماثلة بتكريم عبد الحق المريني مؤكدة على أهمية مثل هذه الالتفاتة» التي أضحت سنة حميدة دأبت عليها جامعة سيدي محمد بن عبد الله منذ القدم وترسخها الأجيال الحالية». واعتبرت أن عبد الحق المريني «هو شخصية فذة وأهل للاحتفاء به خصوصا وأن تكريمه هذه المرة مخصص لتقديم دراسات ومحاضرات حول فكره وإنتاجاته العلمية والثقافية «. وستتواصل أشغال هذه الندوة الفكرية التي يحضرها العديد من الأساتذة الباحثين والمتخصصين والمهتمين بقضايا الفكر والثقافة بتقديم مجموعة من العروض والمداخلات في إطار ثلاث جلسات سيقدم المشاركون فيها قراءات في الإنتاجات الفكرية والثقافية للسيد عبد الحق المريني. وستركز الجلسة الأولى على كتاب ( الجيش المغربي عبر التاريخ ) بينما تبحث الجلسة الثانية في كتاب ( شعر الجهاد في الأدب المغربي من عهد الأمير يوسف بن تاشفين المرابطي حتى عهد السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام العلوي ) في حين ستخصص الجلسة الثالثة لقراءات متنوعة حول بعض كتب المحتفى به ك ( محطات من تاريخ المغرب المعاصر 1894 1956 ) وغيرها. وإلى جانب هذه الجلسات الفكرية ستعرف الندوة تنظيم جلسة خاصة لتقديم شهادات حول المحتفى به.