أزيد من 200 سجين وسط كل 100 ألف مغربي أقر مصطفى الرميد وزير العدل والحريات بارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي بمختلف سجون المملكة، مؤكدا على أن هذا الموضوع ظل يشكل، منذ مدة طويلة، مبعث قلق للجميع. ودعا الوزير الذي كان يتحدث في لقاء له مع الجمعيات الحقوقية الموقعة على بيان حول «تدابير الاعتقال الاحتياطي، إلى ضرورة التفكير في وضع آليات قانونية من شأنها وضع حد لهذا التضخم الذي تعرفه السجون المغربية بسبب كثرة المعتقلين احتياطيا، مشيرا إلى أن الفصل 47 من قانون المسطرة الجنائية الذي يؤسس للاعتقال الاحتياطي، يتضمن تعابير فضفاضة تستطيع النيابة العامة أن تقرر بشأنها وفق سلطتها التقديرية بالإضافة إلى الفصل 74 من نفس المسطرة والذي يضمن تعابير تحتاج إلى تدقيق من قبيل حالة التلبس وعدم توفر الضمانات. وقال الرميد «إن هذه النصوص القانونية، يتعين إعادة النظر فيها، وإعادة صياغة بشكل ملائم» مشددا على ضرورة التفكير الجماعي في حذف التحقيق في المرحلة الابتدائية، وتحديد آجال البث في قضايا المعتقلين احتياطيا، ووضع آليات لمراقبة الاعتقال الاحتياطي وتطوير خيارات السياسة الجنائية لوضع بدائل للعقوبات السالبة للحرية ونشر الثقافة القانونية وسط عموم المواطنين وتخليق المرفق القضائي. من جانبه، أرجع محمد عبد النبوي مدير الشؤون الجنائية والعفو أسباب ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي إلى الاختلالات التي قال إنها مرتبطة بمرفق القضاء وبخيارات السياسة الجنائية وأسباب أخرى ترجع الى الثقافات السائدة في المجتمع، مشيرا إلى أن القانون نص على أن الاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائي لا يلجأ إليه إلا إذا كانت هناك أحوال استثنائية وبشروط خاصة. وأوضح عبد النبوي أن نسبة الاعتقال الاحتياطي في المغرب (42% من مجموع السجناء) تظل مرتفعة بالمقارنة مع العديد من الدول، حيث يوجد ضمن الدول التي يمثل فها هذا النوع من الاعتقال نسبة ما بين 40 و 60% من مجموع المعتقلين. وكشف مدير الشؤون الجنائية والعفو أن من بين 100 ألف نسمة في المغرب هناك 215 سجين، مشيرا إلى أن هذا الرقم يظل مرتفعا بالمقارنة مع المعدلات العالمية التي تقل بكثير عن هذا الرقم، وأضاف أن عدد المعتقلين احتياطيا يصل إلى أزيد من 35800 شخص منهم من تم الحكم عليه بعقوبات بسيطة ومنهم من تم الإفراج عنه لأسباب مختلفة من بينهم 2804 تم الحكم عليهم بالبراءة أي ما يمثل 3.3% من مجموع المعتقلين احتياطيا، كما استفاد 5347 شخص من السراح المؤقت و8599 التي الحكم عليهم بعقوبات موقوفة التنفيذ وتم الإفراج عن 1995 لأساب أخرى كعدم المتابعة أو سقوط الدعوة أو الإعفاء من المسؤولية أو الحكم بالغرامة فقط. وسجل عبد النبوي ارتفاع نسبة الموضوعين رهن الحراسة النظرية خلال سنة 2012 حيث وصل إلى 119000 شخص، وعزا ذلك إلى التي تقوم بها الإدارة العامة للأمن الوطني من أجل ضبط الأشخاص المتواجدين في حالة فرار. وللحد من هذه الظاهرة، اقترح عبد النبوي على غرار ما ذهب إليه مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، خلق آلية حقيقية لمراقبة الاعتقال الاحتياطي وتوسيع بدائل الاعتقال الاحتياطي ومنح الوكيل العام للملك صلاحية الإحالة على المحكمة في حالة سراح، وتفعيل قضاة التحقيق لبدائل الاعتقال الاحتياطي المتوفرة بدل الاقتصار على البعض منها وتحديد آجال البت في قضايا المعتقلين. وفي تدخله باسم الجمعيات الحقوقية الموقعة على البيان، أكد النقيب عبد الرحمان بنعمر أن الجمعيات الحقوقية الموقعة على البيان، ستنكب على إنجاز مذكرة مفصلة حول الاعتقال الاحتياطي تضمنها تصوراتها حول الحلول المكنة من أجل الحد من استفحال هذه الظاهرة التي تنضاف إلى الواقع المزري الذي تعرفه السجون المغربية. وأضح بنعمر على أن موضوع الاعتقال الاحتياطي يحتاج إلى إصلاح تشريعي عميق، وقال إنّ كثرة الاعتقالات لا يتحمّل المجتمع لوحده مسؤوليتها، بل يقع جزء كبير من المسؤولية على الدولة. ومن جانبه، أكد النقيب عبد الرحيم الجامعي، على أن الهاجس الحقيقي وراء مبادرة الجمعيات الحقوقية، هو إعمال قيم الحرية التي أصبح الجميع مطوقا بها وبتطبيق الدستور وعدم المس بكرامة المواطنين. يشار إلى أن البيان الذي وقعته 21 منظمة حقوقية شدد على ضرورة تنزيل وتطبيق المقتضيات الدستورية الجديدة ومنها المتعلقة بالحقوق والحريات وحقوق المتهمين وسلطة القضاء،داعيا الى فتح حوار مسؤول ومتعدد الاطراف حول واقع العدالة الجنائية بالمغرب، والعمل على ملاءمة المنظومة الجنائية مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان تحقيق لسموها على القانون الوطني.