تشييع جنازة الراحل محمد الخلفي إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء بالبيضاء    "التقدم والاشتراكية" يحذر الحكومة من "الغلاء الفاحش" وتزايد البطالة    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جامعة الفروسية تحتفي بأبرز فرسان وخيول سنة 2024    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الممارسة التوثيقية
نشر في بيان اليوم يوم 16 - 12 - 2012

البطلان لا يطال إلا التصرفات والأعمال التي أباح القانون ممارستها والتي تحمل الأفراد واجبات وتكسبهم حقوقا
كما هو معلوم، احتضنت مدينة مراكش يومي 2 و 3 نونبر الماضي، اللقاء الوطني الأول بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للتوثيق العصري بالمغرب، المنظم تحت شعار: «آفاق مهنة التوثيق على ضوء قانون 09 . 32 والعمل القضائي»، خلص فيه المشاركون، قضاة وموثقون، إلى أن القانون الجديد المتعلق بمهنة التوثيق، سيعمل على تحقيق الأمن القانوني التعاقدي التوثيقي وتحصين المهنة وضمان حقوق المتعاقدين. كما أوصى المشاركون في ختام أشغال هذا اللقاء بأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الاقتراحات، تتمثل أساسا في تعديل المادة السابعة والعشرين، بحيث «يتحمل الموثق مسؤولية كل ما يضمنه في العقود والمحررات من بيانات مستخلصة من الرسوم و الوثائق المقدمة إليه»، والمادة الرابعة والثلاثين، ب» أن لا يبرم الموثق عقود تفويت تنصب على أموال يعلم أنها غير قابلة للتفويت»، «، إضافة إلى مقتضيات أخرى تضمنها القانون الجديد،
ويهدف هذا اللقاء٬ المنظم من قبل محكمة النقض على مدى يومين بمشاركة نخبة من القضاة والموثقين٬ إلى تحقيق النجاعة القضائية من خلال توحيد الرؤى بخصوص أهم الإشكالات القانونية والعملية المرتبطة بممارسة مهنة التوثيق بالمملكة في أفق الرقي بها وجعلها مواكبة للمقاربة الحقوقية الكبرى التي جاءت بها الوثيقة الدستورية والدينامية التشاركية التي تأسست من خلال ورش إصلاح العدالة.
وبعد نشرنا في وقت سابق، للمداخلات التي ألقيت في الجلسة الإقتتاحية، ننشر في عدد اليوم، مداخلة ذ . بوشعيب البوعمري، رئيس غرفة بمحكمة النقض، حول موضوع:» البطلان في الممارسة التوثيقية».
بوشعيب البوعمري*
لم يعد الموثق موظفا عموميا في القانون الجديد رقم 32.09 الصادر بتاريخ 22/11/2011 المتعلق بتنظيم هيئة التوثيق بل أصبح يمارس مهنة حرة وله الاختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة، وتتحصل هذه الاختصاصات أساسا في تلقي العقود وإعطائها الصيغة الرسمية.
إن البطلان لا يطال إلا التصرفات والأعمال التي أباح القانون ممارستها والتي تحمل الأفراد واجبات وتكسبهم حقوقا كالعقود بمختلف أنواعها وطبيعتها الناتجة عن توافق إرادتين أو أكثر من أجل إنشاء اثر قانوني ويدخل في حكمها أيضا التصرفات الناتجة عن الإرادة المنفردة.
والموثق هو الذي يقوم بتحرير وتوثيق التصرفات القانونية ويضفي عليها الصبغة الرسمية شريطة مراعاة الأوضاع القانونية المنصوص عليها في القانون المنظم لمهنة التوثيق الذي رتب على عدم مراعاتها لما تنجز خلافا لأحكامه بطلان العقد كورقة رسمية.
وعرف الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود الورقة الرسمية من عقود وغيرها بما يلي :» الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد وذلك في الشكل الذي يحدده القانون...» وبناء على هذا التعريف فإن الورقة (عقود وما في حكمها) لكي تكون ممهورة بالطابع الرسمي يجب أن تتوافر فيها ثلاثة شروط فإن اختل أحدها تزول عنها الصبغة الرسمية وهي :
1) أن يحررها موظف عمومي
2) أن يكون محررها ذا سلطة واختصاص في تحريرها من حيث النوع ومن حيث المكان
3) أن يراعى في تحريرها الأوضاع والشكليات المقررة في القانون.
والإخلال بأحد هذه الشروط يؤدي إلى بطلان الورقة كورقة رسمية وكان هذا معمولا به حتى قبل صدور قانون التوثيق العصري سنة 1925 ومنذ صدور قانون الالتزامات والعقود سنة 1913 إذ نص الفصل 423 منه على ما يلي : « الورقة التي لا تصلح لتكون رسمية، بسبب عدم الاختصاص أو عدم أهلية الموظف أو بسبب عيب في الشكل، تصلح لاعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقعا عليها من الأطراف الذين يلزم رضاهم لصحة الورقة»
وما يقرره هذا النص أكده ظهير 4/5/25 المتعلق بالتوثيق العصري وسايره في ذلك القانون المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.
خطة البحث:
سأتناول في هذه المداخلة البطلان المنصوص عليه صراحة في القانون المنظم لمهنة التوثيق في المادتين 49 و 43 والبطلان غير المنصوص عليه في القانون المذكور والذي ترك أمره إلى إثارته من لدن الأطراف أو المعنيين بالأمر وإلى موقف القضاء وسأقسم المداخلة إلى:
الفصل الأول : البطلان المنصوص عليه في المادة 49 والمادة 43 من قانون 32.09:
إن هذا البطلان منه ما يتعلق بولاية الموثق (سلطته) وبأهليته بالقيام بمهمة التوثيق ومنه ما يتعلق بالاختصاص المكاني ومنه ما يتعلق بالتوقيع على العقد (الفصل 43) ومراعاة الشكليات القانونية.
الفصل الثاني: حالات البطلان غير المنصوص عليها في قانون 32.09:
وهذه الحالة منها ما يتعلق بالاختصاص النوعي للموثق ومنها ما يتعلق بالفصل 34
الفصل الأول: البطلان المنصوص عليه في المادتين 49 و 43 من قانون 32.09
المبحث الأول:
سلطة الموثق (ولايته)
لا يباشر الموثق المهمة المنوطة به إلا بعد أن يتم تعيينه وتحديد مقر عمله بقرار من رئيس الحكومة وباقتراح من وزير العدل وبعد استشارة اللجنة المنصوص عليها في المادة 11 من نفس القانون .ففي حالة عزله من المهنة أو إيقافه عن العمل فإن ولايته تزول ولا يجوز له مباشرة العمل التوثيقي وتكون العقود التي يتلقاها ويحررها باطلة من الناحية التوثيقية لإخلاله بشرط من شروط الصحة وهو الأهلية وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 49.
غير أنه إذا كان غير عالم بأنه موقف أو معزول وكان الأطراف لا يعلمون هم أنفسهم بالايقاف أو العزل عن حسن نية فإن العقد لا يطاله البطلان ويغدو صحيحا وذلك رعيا للوضع الظاهر.
وإذا عين الموثق خلافا للقانون كأن يتبين بأنه عين دون السن القانوني أو أن الشهادة الجامعية المستدل بها مزورة ومارس مهمة تحرير العقود فإن الراجح أن هذه العقود تبقى صحيحة من الناحية التوثيقية استنادا إلى اعتباره موثقا بحكم الواقع وإلى مبدأ استقرار المعاملات.

المبحث الثاني:
أهلية الموثق
لا يكفي في الموثق أن تكون ولايته ثابتة ومؤكدة أي تم تعيينه بصفة قانونية بل يجب أن يكون أهلا لتلقي وتحرير العقود التي يطبعها الطابع الرسمي وحتى يكون مؤهلا لذلك يشترط ألا تكون له فيها ولزوجه أو أصوله ولفروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة وألا توجد قرابة أو مصاهرة بينه وبين زوجه أو لأصوله أو لفروعه مع أحد الأطراف إلى الدرجة الرابعة مع إدخال الغاية (المادة 30)، وإذا كان مشاركا مع موثق آخر في مكتب واحد يمنع عليه تلقي العقود التي يكون أحدهم أو زوجه أو أحد أقاربهم أو أصهارهم إلى الدرجة المحضورة المشار إليها في المادة السابقة طرفا فيها أو معنيا بها (المادة 31) كما لا يجوز أن يكون شاهدا في العقود التي يتلقاها الموثق زوجه أو أقاربه أو زوج شريكه أو اقاربه أو زوج أو اقارب أطراف العقود إلى الدرجة المحضورة وكذا المتمرن بمكتبه وأجراؤه (المادة 32)، ومن باب أولا لا يجوز للموثق أن يكون طرفا في العقد الذي يتلقاه سواء بنفسه أو بواسطة وكيل، ففي كل تلك الأحوال فإن الموثق يفقد أهليته للتوثيق وذلك دفعا لمظنة المحاباة أو التأثير وتحقيقا لمبادئ النزاهة والتجرد ويكون عقد تم تلقيه وفقا للشكل الرسمي باطلا.
المبحث الثالث:
الاختصاص المكاني للموثق
أشار المشرع المغربي إلى الاختصاص المكاني في المادة 12 من قانون 32.09 وخالف بذلك الاختصاص المكاني في ظهير 4/5/25 المتعلق بالتوثيق العصري الذي ربط الاختصاص المكاني للموثق بدائرة نفوذ محكمة الاستئناف أو محكمة ابتدائية أو محكمة الصلح، فللموثق في هذا القانون حق ممارسة مهامه كموثق في مجموع التراب الوطني غير أنه ممنوع عليه أن يتلقى العقود وتوقيع الأطراف خارج مقر مكتبه الذي عين فيه بمقتضى قرار تعيينه إذ أن هذا القرار يتضمن المقر حسب مقتضيات المادة 10 من القانون المذكور وهذا المنع يخص الموثق ويتقيد به وحده لكن أصحاب الشأن ممن يطلبون توثيق أوراقهم مهما كانت مقار سكناهم في أي مكان بالتراب الوطني أن يلتجئوا إلى أي موثق أيا كان مقر عمله ويبقى هذا الأخير ملزم بتلقي العقود في هذا المقر تحت طائلة بطلان تلك العقود من حيث الشكل الرسمي، ومع ذلك فإن الموثق بصفة استثنائية يمكن له أن يتلقى تصريحات أطراف العقد والتوقيع عليه خارجه مقر مكتبه بإذن من رئيس المجلس الجهوي وأخبار الوكيل العام للملك لدى المحكمة المعين داخل دائرة نفوذها.

المبحث الرابع:
مراعاة الشكليات القانونية
قبل أن يقوم الموثق بتوثيق العقود أوجبت عليه المادة 37 من قانون 32.09 أن يتأكد من هوية الأطراف وصفتهم وأهليتهم وكذلك الوثائق المدلى بها من طرفهم تحت مسؤوليته وفي سبيل التحقق من ذلك عليه المطالبة بالإدلاء بالمستندات الرسمية والعرفية إذا اقتضى الحال كبطاقة التعريف الوطنية وعقد الازدياد والوكالة والإراثة والإذن للأطراف بالتصرف الصادر عن الجهات المختصة وغيرها من الوثائق والمستندات الضرورية للقيام بعملية التوثيق وعليه البحث في حقيقة كل وثيقة قدمت إليه وظروف صدورها تفاديا للتلاعب والتزوير.
ومن المقرر في القانون المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق أن العقود المراد توثيقها تحرر باللغة العربية وجوبا إلا إذا اتفق الطرفان المتعاقدان على تحريرها بلغة أخرى، فإذا كان أحد المتعاقدين يجهل اللغة التي كتب بها العقد فعلى الموثق أن يستعين بترجمان محلف عند وجود صعوبة في التلقي وإذا تعذر وجوده فعلى الموثق أن يستعين بكل شخص يراه أهلا للترجمة شريطة أن ينال قبول الطرف المعني بالترجمة وألا يكون الترجمان شاهدا أو له مصلحة في العقد (المادة 38)، وأوجب المشرع المغربي في القانون رقم 32.09 المنظم لمهنة التوثيق في المادة 39 أن يكون الشاهد في العقد راشدا أو تم ترشيده ومتمتعا بحقوقه البدنية وألا يشهد في نفس العقد مع زوجه أو ابنه.
من حيث المبدأ فإن من وقع على عقد يفترض أنه قبل بمضمونه فالتوقيع يعتبر قرينة على معرفة الموقع محتوى العقد والقبول به غير أن المادة 40 من قانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق ألزمت الموثق بأن يشير في العقد إلى قراءة الأطراف له أو إلى أنهم اطلعوا على مضمونه، لأن تحرير العقد وتلاوته على الأطراف وشرح موضوعه وتبيان النتائج المترتبة عليه تم تقديمه لهم قصد التوقيع يعتبر إجراء ذا أهمية بالغة لأنه يعتبر تعبيرا ماديا للأطراف عن قبولهم بمضمون العقد.
ويلزم الموثق أيضا عملا بمقتضيات المادة 44 من نفس القانون بإلحاق الوثائق التي استند إليها لتحرير العقد مع التأشير عليها بما يفيد هذا الإلحاق مذيلة بتوقيعات الموثق والأطراف ومن المناسب زيادة على ذلك أن يضمن الموثق مراجعها في صلب العقد الذي يحرره، لأن هذه الوثائق تعتبر مكملة للعقد وجزء لا يتجزأ منه فضلا على أن العملية التوثيقية تقتضي ذلك.
المبحث الخامس:
البطلان المنصوص عليه في المادة
43 من قانون 32.09
إن الصيغة الرسمية للعقد التي يضفيها الموثق عليها لا تتم إلا بتوقيعه بعد توقيع كل الأطراف والترجمان والشهود إن وجدوا بأسمائهم كاملة والتي تذيل بها كل صفحة ويكتب تاريخ وساعة توقيع كل طرف ويؤشر الموثق بتوقيعه مع ذكر تاريخ وساعة التوقيعات بالأرقام والحروف، وإذا وجد أحد الأطراف لا يعرف التوقيع فإنه يضع بصمته ويشهد عليه الموثق بذلك وفي حالة لم يستطع التوقيع والابصام فإن الموثق يشهد عليه بمحضر شاهدين وتكون التوقيعات والتأشيرات بخط اليد وبمداد غير قابل للمحو وفي حالة غياب تأشيرات الموثق وتوقيعات الأطراف على بعض الصفحات فإن البطلان لا يلحق سوى هذه الصفحات (المادة 43) والملاحظ أن المادة 44 أوجبت على الموثق أن يوقع العقد بعد توقيع الأطراف ويكتسب العقد الصيغة الرسمية ابتداء من تاريخ توقيعه ففي حالة توقيع الموثق على العقد قبل الأطراف فإنه يكون قد شهد على توقيعات لا وجود لها وبالتالي فإن العقد يبطل من حيث الشكل الرسمي.
المبحث السادس:
جزاء الإخلال بمقتضيات المواد المنصوص عليها في المادة 44 والمادة 43
إن الاخلالات بمقتضيات المواد 30و 31 و 32 و 37 و 39 و 40 والمادة 12 المشار إليها في المادة 49 أو إذا تلقى الموثق عقدا وهو موقف أو معزول والتي تم استعراضها أعلاه رتب عليها المشرع البطلان صراحة لأن هذه الاخلالات في حقيقتها اخلالات بشرط من شروط الصحة التوثيقية يبطل معها العقد الذي تم تلقيه وفق الشكل الرسمي.
والبطلان حسب مقتضيات المادة 49 يأخذ وجهين :
أولهما: لما لا يذيل العقد بتوقيع كافة الأطراف وهم أطراف العقد (المتعاقدون) والشهود والترجمان إن وجدوا فإنه يعتبر باطلا كتصرف قانوني ولا يكون له وجود وبالتالي عديم الأثر.
ثانيهما : يحمل العقد توقيع كل الأطراف فإنه يبقى صحيحا ومنتجا لآثاره لا باعتباره محررا رسميا بل باعتبار محررا عرفيا غير ثابت التاريخ أي أن العقد لا يكون ممهورا بالصيغة الرسمية بل يتحول إلى عقد عرفي.
ويستفاد من ظاهر الفقرة الثالثة من المادة 49 أن بطلان رسمية العقد يقدم إلى المحكمة بناء على طلب بمعنى أن البطلان يقدم على شكل دعوى وتصرح المحكمة به ولا يقدم على شكل دفع غير أنه لا مانع يمنع أن يقدم على شكل دفع لرد رسمية العقد وإذا أخذت به المحكمة واعتبرت العقد عرفيا وليس رسميا فإنها تكون قد أخذت به ضمنيا، وفي الواقع العملي يكون من المفيد أن يثار البطلان على شكل دفع لرد دعوى المدعي المتمسك برسمية العقد في إطار دعوى نفاذ هذا العقد وذلك اقتصارا للوقت والإجراءات حتى لا يستطيل أمد النزاع.
ويمكن لكل ذي مصلحة أن يثير البطلان والغير أيضا لما يتمسك أحد أطراف العقد بكون العقد رسميا ويواجه ذلك الغير بثبوت التاريخ فإذا كان البطلان قائما فإن العقد يصبح عقدا عرفيا غير ثابت التاريخ الأمر الذي يفيد الغير.
ويمكن للنيابة العامة أن تثير البطلان لكن هذه الإثارة ينبغي أن تكون قاصرة على القضايا التي تكون فيها طرفا أصليا أو أوجب القانون تبليغها إليها تحت طائلة بطلان الحكم الصادر فيها بالرغم من أن النص جاء مطلقا ولم يقيد إثارة النيابة العامة بقضايا بعينها.
أباحت الفقرة الأخيرة من المادة 49 إثارة بطلان العقود التي لم تراع فيها أحكام المادتين 38 و46 المشار إليهما سابقا واعتبر الدفع المثار بخصوص خرق المادتين المذكورتين دفعا شكليا محضا يثار من طرف المعني قبل أي دفاع في جوهر القضية فإذا أثير بعد أن أثير دفع في الموضوع فإنه لا يسمع ولا يعتد به ومناط هذا الدفع هو توخي المصلحة في إثارته لمن يثيره.
ويجب التمييز بين المحرر الذي يثبت التصرف القانوني والتصرف القانوني ذاته فإذا كان المحرر باطلا من الناحية التوثيقية فلا يستدعي ذلك بالضرورة أن يكون التصرف القانوني باطلا بل يبقى هذا التصرف صحيحا وإن كان إثباته عن طريق المحرر الرسمي غير ممكن بل يمكن إثباته بالمحرر الرسمي الباطل لما يتحول إلى محرر عرفي يستثنى من ذلك إذا كان المحرر شكليا أي لانعقاده يجب أن يحرر في محرر رسمي كالهبة والصدقة والرهن الحيازي إذ تكون الرسمية ركن انعقاد فبطلان المحرر الرسمي يبطل التصرف أيضا، وإذا كانت الكتابة مع ثبوت التاريخ ركنا في انعقاد العقد كما هو الحال في المبيع إذا كان عقارا أو حقوق عقارية يمكن رهنها رهنا رسميا أوجب فيه الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود أن يجري كتابة في محرر ثابت التاريخ تحت طائلة بطلان العقد فإن حرر في شانه عقد رسمي بواسطة موثق وبطلت الرسمية فإن العقد يبطل تبعا لها لأن بطلان الرسمية يتحول به العقد إلى عقد عرفي غير ثابت التاريخ وبالتالي يكون باطلا لمخالفته للفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود المذكور.
الفصل الثاني: حالات البطلان غير المنصوص عليها صراحة في قانون 32.09
إن حالات البطلان المنصوص عليها في المادتين 43 و 49 من القانون المنظم لمهنة التوثيق لم تأت على ما يبدو على سبيل الحصر بل أتت على سبيل التمثيل عددها المشرع باعتبارها إجراءات جوهرية في المحررات لكي تكون ممهورة بالطابع الرسمي وطبع بطلان هذه المحررات (العقود) بطابع خاص لما قصره على بطلان الرسمية دون التصرف القانوني الذي يبقى صحيحا ما دام موقعا من كافة الأطراف وقيد التصريح به من طرف المحكمة بناء على طلب كل من له مصلحة أو النيابة العامة بل ذهب في حالات المادتين 38 و 46 في قانون 32.04 إلى اعتبار هذا البطلان دفعا شكليا يجب أن يثار قبل أي دفع في الجوهر من طرف أي معني.
هذا ولئن أباحت المادة 35 من قانون 32.09 للموثق بأن يتلقى العقود وإعطائها الصبغة الرسمية دون تحديد طبيعة هذه العقود ولا نوعها فإنها استثنت العقود التي ينص القانون على خلاف ذلك، بمعنى أن الموثق لا يكون مختصا نوعيا لتلقي بعض العقود التي أوكل قانون خاص غيره الإشهاد بها.
المبحث الأول:
الاختصاص النوعي للموثق
يجب أن يكون الموثق مختصا نوعيا بنوع المحرر الرسمي الذي يتلقاه ويوثقه وهو حسب المادة 35 مختص بتلقي جميع العقود التي يفرض القانون إعطاءها الصبغة الرسمية المرتبطة بإعمال السلطة العمومية أو يطلب المتعاقدون توثيقها وإضفاء هذه الصبغة عليها، وهكذا من حيث المبدأ فإن كل تصرف يشترط فيه ورقة رسمية كالهبة والصدقة والرهن الحيازي يختص الموثق بتوثيقه وحتى التصرفات الرضائية والتي يكفي إثباتها بورقة عرفية كالبيع والكراء والوكالة والقسمة والصلح ونحوها يمكن لأصحابها الالتجاء إلى الموثق لإثباتها بمحرر رسمي ويستثنى من اختصاص الموثق النوعي (الموضوعي) العقود المتعلقة بالأحوال الشخصية للمسلمين والوقف ونحوها فالموثق غير مختص نوعيا في توثيق عقد الزواج والطلاق والرجعة والتحبيس والرجوع عنه حيث جعلها المشرع من اختصاص العدول المنتصبين للإشهاد فإذا قام الموثق بتوثيق محرر خارج عن اختصاصه كما في هذه الأحوال فإن مآل هذا المحرر البطلان كتصرف قانوني بغض النظر عن الرسمية، أما الوصية فيمكن أن يصدر بها إشهاد عدلي أو إشهاد أية جهة رسمية مكلفة بالتوثيق أو يحررها الموصي بخط يده مما يجعل الموثق مختصا في تلقي الوصية إذا رغب الموصي في ذلك.
المبحث الثاني:
الحالات المنصوص عليها
في المادة 34 من قانون 32.09
إن المادة المذكورة نصت على حالات منع الموثق من القيام بإجراءات من شانها أن تعيب الممارسة لمهامه التوثيقية ولا سيما من حيث أهليته للقيام بهذه المهام وتتحصل في الحالات الآتية.
الحالة الأولى: أن يستعير لشؤونه الخاصة اسم الغير في العقود التي يتلقاها
الأصل في الوكيل أن يكون تعامله مع الغير باسم موكله وتنصرف آثار العقد إلى هذا الموكل فإن تعامل في العقد باسمه الشخصي ولم يظهر اسم موكله مع أن الحقيقة أن آثار هذا العقد تنصرف إلى الموكل تنفيذا لعقد الوكالة فنكون هناك أمام وكالة مستترة والموكل يتصرف تحت اسم مستعار وهو اسم الوكيل.
وإذا قام الموثق بذلك فإنه يكون قد تلقى عقدا هو طرف فيه تحت اسم مستعار فتزول عنه أهلية التوثيق ويزول تبعا لذلك الطابع الرسمي للعقد ويتحول إلى عقد عرفي.
الحالة الثانية: أن يعرض نفسه ضامنا أو كفيلا بأي صفة كانت في القروض التي قد يطلب منه إثباتها في العقد.
إن مبدأ التجرد والحياد الذي يجب على الموثق أن يتحلى بها تجاه أطراف العقد تحول دون عرض نفسه ضامنا أو كفيلا بأية صفة كانت في قرض يتلقاه ويحرره غير أن تلك الضمانة أو الكفالة أو ما يماثلها لا تعد باطلة في ذاتها بل إن المحرر الذي تمت به يفقد الصبغة الرسمية.
الحالة الثالثة: أن يبرم عقود لحساب موثق أوقف عن عمله أو أن يحل محله بأي صفة كانت ما عدا إذا تم تعيينه بمقتضى المادة 20 من هذا القانون.
إن الموثق إذا عزل أو أوقف من ممارسة المهنة فإنه يفقد تبعا لذلك أهليته في تلقي العقود وتوثيقها عملا بصراحة نص المادة 49 من القانون المنظم لمهنة التوثيق فإنه من باب التماثل فإن الموثق لا يحق له إبرام عقود لحساب موثق آخر موقف عن عمله لأن المنع لم يأت به المشرع عبثا وإنما يتوخى منه بطلان هذه الممارسة بفقد العقود التي أبرمها لحساب الموثق الموقف لصيغتها الرسمية.
الحالة الرابعة: أن يقوم بتضمين العقود مقتضيات تتسرب عنها منفعة شخصية له أو لزوجه أو أقاربه أو يشترط فيها منفعة لصالح غيره.
هذه الحالة في حقيقتها تلحق بنص المادة 30 من نفس القانون التي تعرضت إليها سابقا وتماثلها فكلاهما يشملها المنع القانوني الذي لا شك يتوخى منه المشرع الجزاء، فالمشرع رتب على الحالات التي يكون للموثق مصلحة شخصية له أو لزوجه أو أصوله أو فرعه إلى حدود الدرجة الرابعة مباشرة أو غير مباشرة جزاء بطلان الصبغة الرسمية فإنه من باب أولى في حالة مماثلة وهي هذه الحالة وأن يترتب نفس الجزاء فالمصلحة الشخصية متوافرة لذا فإن مخالفة المنع من شأنها أن يفقد العقود المتضمنة لمقتضيات تترتب عنها منفعة شخصية للموثق أو لزوجه أو أقاربه طبيعة المحرر الرسمي.
والجدير بالذكر فإن ما جاء بخصوص حالات المنع المنصوص عليها في المادة 34 المشار إليها أعلاه في هذه المداخلة ما هي إلا أراء شخصية لصاحب المداخلة قابلة للمناقشة.
* رئيس غرفة بمحكمة النقض
المراجع
1 تنص المادة 35 من القانون المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق على ما يلي :»يتلقى الموثق-ما لم ينص القانون على خلاف ذلك-العقود التي يفرض القانون إعطاءها الصيغة الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة العمومية أو التي يرغب الأطراف في إضفاء هذا الطابع عليها...»
2 وهي غير الوقائع المادية التي قد تكون لا دخل لإرادة الإنسان فيها كالوفاة أو تكون اختيارية بإرادة الإنسان كالبناء والغراس في أرض الغير أو حالات المنع المنصوص عليها في الفصل 33 من قانون التوثيق الجديد فهي وإن كانت تنتج أثرا فإنها لا يتصور فيها البطلان بل تكون موجودة وثابتة أم غير موجودة وغير ثابتة.
3 كان إضفاء الرسمية على العقود مقتصرة على الموظفين العموميين وحتى ظهير 4/5/25 اعتبر الموثق موظفا عموميا لكن القانون الجديد المنظم لمهنة التوثيق أخرجهم من هذا الاعتبار وأصبحوا ذوي مهنة حرة ولذا فإن من المناسب أن يشار في الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود إلى الموثقين بجانب الموظفين العموميين.
4 نصت المادة 49 من قانون 32.09 المتعلق بالتوثيق العصري على أنه «يكون باطلا كل عقد تم تلقيه وفق الشكل الرسمي وأنجز خلافا لأحكام المواد 30 و 31 و 32 و 37 و 39 و 40 من هذا القانون إذا كان غير مذيل بتوقيع كافة الأطراف، وإذا كان يحمل توقيع كل الأطراف تكون له فقط قيمة العقد العرفي مع حق مطالبة الموثق بالتعويض في الحالتين وامكانية تطبيق العقوبات التأديبية والزجرية في حقه.
تسري نفس المقتضيات إذا تلقى موثق عقدا خارج مكتبه خلافا لمقتضيات المادة 12 أعلاه أو تلقاه موثق وهو موقف أو معزول تصرح المحكمة بالبطلان بناء على طلب كل من له مصلحة أو النيابة العامة.
يمكن إثارة بطلان العقود التي لم تراع فيها أحكام المادتين 38 و 46 من هذا القانون قبل أي دفاع في جوهر القضية من طرف أي معني مع الحق في التعويض وإمكانية تطبيق العقوبات التأديبية والزجرية على الموثق».
5 تنص المادة 2 من قانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق على ما يلي :» يتقيد الموثق في سلوكه المهني بمبادئ الأمانة والنزاهة والتجرد والشرف وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة
6 الفصل الثاني من ظهير 4/5/25.
7. تنص المادة 44 من قانون 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق على : « يجب على الموثق ن يوقع العقد فور آخر توقيع للأطراف، يكتسب العقد الصيغة الرسمية ابتداء من تاريخ توقيع الموثق
8 المواد 147 و 274 و 141 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية
9 المواد 13 و 114 و124 من مدونة الأسرة
10 الظهير الشريف بمثابة قانون المؤرخ في 8/10/1977 في شأن الأحباس المعقبة والمشتركة
11 المادة 296 من مدونة الأسرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.