تمثلات فضاء الصحراء كتيمة ثقافية من خلال الحكاية والصورة... من جديد تفتح حاضرة زاكورة أحضانها لعشاق الملتقى الدولي للفيلم عبر الصحراء الذي يطلق اليوم دورته التاسعة ببرنامج مكتف يتراوح بين متعة الفرجة ودفء اللقاءات الفكرية حيث يمكن اعتبار هذا المهرجان، الذي تقف خلف تنظيمه جمعية زاكورة للفيلم عبر الصحراء، من بين الملتقيات السينمائية التي تطبعها الجدية والتميز سواء من حيث جودة المادة الفيلمية التي يتم انتقاؤها سنة بعد أخرى والتي لا تحيد عن تيمة الصحراء التي تم اختيارها لهذا المهرجان و خلافا للمهرجانات الأخرى المماثلة٬ لا يبرمج الملتقى الدولي للفيلم عبر الصحراء بزاكورة مسابقات بين الأفلام المشاركة٬ لكنه في المقابل يمنح الجمهور باقة من الأعمال السينمائية التي لها علاقة بموضوع الصحراء .باعتباره ملتقى لكل مبدعي الفن السابع من مخرجين وكتاب سيناريو، نقاد وممثلين، من المغرب وخارجه وهو في هذا يحاكي ذاكرة هذه المدينة الغنية بموروثها وبكرم أهلها واعتبارها جسرا كان عبر حقب من التاريخ ملتقى للقوافل من الجنوب الإفريقي وإليه بحمولاتها السلعية والثقافية أيضا. في زاكورة الناس منفتحون وفي نفس الوقت مازال الزائر يجد فيهم صورة الإنسان المغربي في أشد حالات أصالته لم تشوهها القيم المستوردة كما حدث في العديد من المدن الكبيرة. وحسب بلاغ للمنظمين فانه المقرر أن يعطي شريط «تمثال الرمال» إشارة انطلاق الدورة التاسعة من المهرجان الدولي للفيلم عبر الصحراء. وهو فيلم قصير (15 د) تم تصويره بالكامل بين واحات زاكورة وكتبانها. هذا الفيلم القصير، من إخراج عزيز خوادير، وسيناريو الحسين شاني وهو يحكي قصة شاب يعود إلى قريته بعد فشله في دراسة الطب بأوربا. تفرح زينب لعودة سعيد من أوروبا إلى الواحة بعد غياب دام ثماني سنوات. وتنظم عائلته بالمناسبة نفسها حفل غذاء، وخلاله يخبرهم بأنه لم يستطع إكمال دراسة الطب، وأنه جاء بنية إنقاذ القرية من الفقر. وذلك، عن طريق بيع جزء من رمال القرية إلى شركة عالمية، وهو أمر سيؤدي إلى نشوب خلاف بين أهل القرية. الفيلم متوالية سردية مثيرة، في فضاءات طبيعية خلابة. وهو من تشخيص هشام هشام وغيثة بن حيون وعبد الهادي توحراش، وإنتاج جمعية زاكورة للفيلم عبر الصحراء التي التزمت بإنتاج الأفلام الفائزة في مسابقة السيناريو التي تنظمها فعاليات هذا المهرجان. ومن بين الأسماء المدعوة للمشاركة في هذه التظاهرة الثقافية : عبد القادر مطاع، مليكة العماري، عبد الكريم برشيد، محمد بن ابراهيم، ثريا العلوي ونوفل براوي. إضافة الى أسماء من الجيل الجديد للمبدعين المغاربة كالممثل الكبير، سعيد باي، هشام الوالي، فرح الفاسي، ربيع القاطي، هشام بهلول، أمين الناجي، عمر لطفي و عبد الواحد مجاهد ناهيك عن دعوة مهنيين ونقاد سينمائيين مغاربة لتنشيط ندوتين ستنعقدان خلال الدورة التاسعة إحداهما ستكون تحت عنوان «السينما والهجرة عبر الصحراء»، نذكر بن بينهم المخرج الكبير سعد الشرايبي والناقد السينمائي المعروف محمد كلاوي والباحت حسن بحراوي. أما ضيوف الدورة من خارج المغرب فهم على التوالي الممثل والمخرج الفرنسي لوران بوهنيك، والممثل الجزائري حسن قشاش و المخرج المصري عز الدين سعيد إضافة الى النجمة السورية الكبيرة لينا مراد. مهرجان زاكورة الدولي في مبناه ومعناه لا يختلف عن صورة المدينة وتاريخها العريق، أما بخصوص الدورة التي تنطلق اليوم فستتميز بإعطاء مجال واسع للسينما المهتمة بالهجرة عبر الصحراء٬ حيث ستتاح الفرصة لأزيد من 40 فنانة وفنانا من المغرب ومن الخارج لتسليط الأضواء على هذا الموضوع من زوايا مختلفة. كما يبقى المهرجان وفيا لإحدى أهم فقراته التي لم تخل منها اي دورة وهي فقرة التكريم وستكون هذه السنة لواحد من الفنانين الرواد الذين طبعوا ذاكرة جيل كامل من خلال التمثيليات الإذاعية كالعنترية وسيف ذو اليزن أو الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية إنه الفنان صاحب الصوت المتميز حسن الجندي. وحسب بلاغ للجمعية المنظمة فان من بين أهم فقرات الدورة التاسعة كما سلفت الإشارة إلى ذلك، تنظيم مباراة السيناريو التي سيحظى فيها أصحاب المشاريع المنتقاة بتأطير من طرف أساتذة مختصين عبر الانترنت في مرحلة أولى٬ وفي مرحلة ثانية سيستفيدون من تأطير مباشر لإنهاء مشاريعهم٬ وذلك من خلال ورشة تقام أياما قبيل بداية الملتقى. وفضلا عن تقديم العروض داخل القاعة٬ ستعرف الدورة التاسعة تنظيم ورشات تكوينية حول المهن السينمائية وتقنيات المجال السمعي البصري و القراءة الفيلمية٬ ينشطها مختصون في مجال الفن السابع. وتعزز هذه الدورة، التي ستعرض أفلاما تنتمي لكل من فرنسا والجزائر وتونس وتشاد وبلجيكا وألمانيا وهولندا والمكسيك٬ إضافة إلى أفلام من المغرب، مسار هذا المهرجان الذي اختار إبراز تيمة الصحراء كفضاء بحمولاته الثقافية المتنوعة عبر العالم واكتشاف سينمات عالمية وكيف تتمثل الصحراء كفضاء من خلال الحكاية والصورة السينمائية، ولهذا المهرجان خاصيات أخرى من بينها ورشات وموائد مستديرة ينشطها نقاد ومختصون في مجال الفن السابع ملتقى الفيلم عبر الصحراء سواء من خلال مضمونه أو شعاره يعكس جمال واحة زاكورة التي ظلت ظلا وارفا وسدا يقف بشموخ عند باب الصحراء وملتقى لتبادل السلع والقيم الثقافية بين شمال وجنوب القارة الإفريقية وشكلت زاكورة عبر التاريخ ذلك الخيط الرابط بين جنوب الصحراء وشمالها فكانت خير ممثل للثقافة المغربية ومازالت خزانة تامكروت وما احتوته من نفائس المخطوطات شاهدا على هذا الماضي التليد. لقد قدمت هذه المدينة الكثير من الإضافات للثقافة المغربية، من خلال العديد من الأسماء التي نبغت في الكثير من المجالات كالشعر والأدب وعلوم الدين، وتتميز حاضرا بمثقفيها وبنسيجها الجمعوي الدينامي الذي يربط علاقات متميزة مع إفريقيا ومع العالم، ويقيم أنشطة ثقافية يمتد إشعاعها إلى خارج الحدود ومن بينها بطبيعة الحال الملتقى الدولي للفيلم عبر الصحراء الذي يعرف على الدوام حضورا كثيفا لضيوف من كل صوب، بينهم إعلاميون وعشرات الفنانات والفنانين المغاربة، إضافة إلى شخصيات أجنبية من عالم السينما، وجوه صديقة للملتقى وآخرون يكتشفون لأول مرة حميمية هذا المهرجان السينمائي المتميز الذي يستمد خصوصيته من بيئته الثقافية.