نجح المنتخب الوطني لكرة القدم في إعادة الفرحة والابتسامة إلى الجمهور الرياضي، وإلى سائر فئات شعبنا، وذلك بفوزه الكبير في مراكش على منتخب الموزمبيق وتحقيقه التأهل إلى كأس إفريقيا، وهو بذلك أسس لبداية طي صفحة الخيبات والهزائم التي لا زمت كرة القدم الوطنية في السنوات الأخيرة. إن الاحتفاء اليوم بالمدرب المغربي رشيد الطاوسي، جراء هذا الانتصار، ليس فيه أي ميل لشوفينية فجة، أو إعلاء لفردانية قاصرة، إنما التحية واجبة فعلا لصانع الانتصار. لقد نجح الطاوسي في تقوية التواصل مع اللاعبين، ومنحهم الثقة في النفس والدعم والتحميس، كما زرع الدفء في صفوفهم، واستطاع تعبئتهم للعمل كفريق واحد منسجم وعازم على الفوز، وهذا ما جعلنا نعاين لاعبين متحمسين داخل الميدان، و مهاجمين ومبدعين وعازمين على انتزاع التأهل. ولقد تابعنا أيضا الحضور القوي للطاوسي خلال كامل زمن المباراة، وتوجيهاته المتوالية للاعبين، وحماسته، وأيضا حرصه على حسن قراءة سير المباراة ومناقشتها بشكل رزين ومتدرج إلى أن تحقق الهدف. لقد نجح كذلك الطاوسي في صنع تركيبة بشرية قوية، توفرت في مكوناتها الجاهزية والرغبة في حمل القميص الوطني والانضباط، وأثناء المباراة، أقدم على تغييرات كشفت عن شجاعة واضحة في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. إذن، فقد منح الطاوسي اللاعبين استعدادا ذهنيا وتعبئة نفسية، كما نجح في الاختيارات البشرية التي اعتمدها، وأيضا في القرارات التي اتخذها داخل المباراة، ثم في الخطة التي لعب بها وطورها بشكل ديناميكي مع سير أطوار اللقاء، والأساس أن شخصيته وسلطة المدرب فيه كانتا بارزتين طوال مدة التنافس، وأكد أن براعة «الكاوتشينغ» ليست متاحة للجميع، وإنما هي مهارة معرفية وثقافية ونفسية. من المؤكد أن الطاوسي وفريقه سينكبان على كل ما قد يكون بدا لهم من نواقص وتجليات ضعف في تشكيلة المنتخب، وفي مستوى اللعب، لكن المهم أنه اليوم قدم الدليل على أن مطرب الحي فعلا يطرب، بل ويحقق الانتصار والتأهل، وعلى الجميع أن يتركوه يعمل براحة واستقلالية، ويوفروا له الإمكانيات نفسها التي كانت متاحة للمدربين الأجانب. إن الاحتفاء بالانتصار اليوم، يجب أن يعتبر حافزا لتفعيل إصلاح حقيقي وشامل لكرة القدم الوطنية، وللرياضة بصفة عامة، وذلك عبر تطوير منظومة الحكامة الجيدة والشفافية ومحاربة الفساد والريع، ثم من خلال تأهيل احترافي حقيقي للبطولة الوطنية. وإن أبلغ شكر للطاوسي وللاعبي المنتخب على قتاليتهم وشجاعتهم في الدفاع عن صورة المغرب وألوانه الوطنية، هو أن يتم إحداث رجة إيجابية تؤسس لانطلاقة حقيقية لمسار تطوير كرتنا ورياضتنا على قواعد جديدة في التدبير والحكامة والتنافسية والجاذبية. برافو الطاوسي.. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته