جرى أول أمس بالرباط تنصيب اللجنة العلمية للحوار والتشاور حول قوانين الصحافة والنشر برئاسة الأستاذ محمد العربي المساري، وستتولى دراسة المشاريع المحالة عليها من قبل وزارة الاتصال، كما يمكن لها أن تتلقى مذكرات الهيئات المهنية والمعنية بقضايا الصحافة والنشر. مرة أخرى إذن تتشكل لجنة، وتسند رئاستها لشخصية مهنية مشهود لها بالدراية والحكمة، وتتشكل من فاعلين مهنيين وحقوقيين، لكن الأسئلة والتحديات الكبرى التي تطرحها الممارسة المهنية يوميا، تفرض جعل عمل هذه اللجنة ينتهي في أقرب وقت، وتمكين توصياتها من أن ترى النور على أرض الواقع، وأن تتحول إلى قوانين ومنظومات إجرائية ومؤسساتية من شأنها أن تحدث الأثر الملموس، وفقط حينها يمكن أن نحكم على جدية العمل، وعلى نجاعة ما سيفضي إليه من قرارات. أما الآن، فلا يمكن إلا التنويه بتركيبة اللجنة ورئاستها، وتسجيل التوجهات الإيجابية التي تضمنتها كلمة الوزير الوصي عن القطاع خلال حفل التنصيب، وأيضا ما أورده وزير العدل والحريات في كلمته، وانتظار رؤية كل هذه الوعود مجسدة في قوانين وإجراءات. في هذا الإطار نسجل سعي الخطوة الحالية إلى الانتظام المرجعي ضمن توجهات الدستور الحالي، وأيضا ملاءمة التشريع المغربي مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، وهنا نستحضر بعض القضايا المبدئية مثل: الحرية، إلغاء العقوبات السالبة للحرية، جعل كل قضايا المنع والحجز والتوقيف بيد القضاء، استقلالية المهنة، التنظيم الذاتي، الحق في الحصول على المعلومة ونشرها، وضع قواعد ومعايير واضحة ودقيقة لمنظومة أخلاقيات المهنة... ونسجل أيضا تشديد الحكومة على العمل ضمن ثلاثية كبرى تهتم بالإطار التشريعي والتنظيمي، ثم بالموارد البشرية والتكوين، وأيضا بدعم المقاولة الصحفية وتنميتها، كما أن وزير الاتصال لم يغفل كذلك التأكيد على أهمية استثمار كل ما تراكم طيلة السنوات الأخيرة من مقترحات وتوافقات واجتهادات حول الموضوع، والانطلاق منها لصياغة مدونة موحدة وحديثة وعصرية للصحافة والنشر. إن الأهم اليوم هو أن نستحضر محورية هذا الورش ودقته، وندرك أن النجاح فيه سيمثل إشعاعا ديمقراطيا وحقوقيا لبلادنا عبر العالم، خاصة أن منظومة حقوق الإنسان صارت اليوم مبادئ محددة في العلاقات الدولية ومؤثرة فيها. وفي الإطار ذاته، فإن الاشتغال على الموارد البشرية العاملة في القطاع، وخصوصا على صعيد التكوين والحقوق المادية والاجتماعية والمهنية، بالإضافة إلى التركيز على تنمية المقاولة الصحفية وجعلها متينة ومستقرة على الصعيد المادي والهيكلي والتدبيري، من شأن ذلك أن يقود إلى معالجة الاختلالات الحقيقية التي تعاني منها الممارسة الصحفية المغربية اليوم، ويمكن من وضع المهنة برمتها على طريق التأهيل والتقدم. الخطوة إذن إيجابية، لكن الحاجة ملحة لدعم عمل اللجنة التي يترأسها محمد العربي المساري، وتوفير كامل شروط النجاح لها، والتصريف العملي للمقترحات على شكل قوانين وإجراءات ملموسة في مدى قريب.