نظم الطاقم المشرف على إعداد وإخراج برنامج الهودج، الذي يرصد العادات والتقاليد المرتبطة بالزواج ويسلط الضوء على طقوسه الاحتفالية وحمولتها الرمزية بالعديد من مناطق المغرب، عرضا للصحافيين والنقاد بالمسرح الوطني محمد الخامس مساء الاثنين الماضي، وقد تم في هذا الصدد عرض حلقة من حلقات البرنامج التي تم تصويرها بإحدى قرى الأطلس الشامخ المتواجدة بدائرة إقليمخنيفرة. فكانت الحلقة عبارة عن حكي لموروث ثقافي احتفالي يرتبط بالزواج، حيث يحكي رجل مسن العادات والتقاليد التي تخص الحدث بالمنطقة لشاب في مقتبل العمر، ويسرد عليه مختلف المراحل التي يمر بها التحضير للعرس، والأجواء التي تحيط به، إذ ينخرط جميع أفراد الأسرتين بل وسكان قبيلة العروس وقبيلة العريس في تلك الأجواء. البرنامج الذي أراد المشرفون على إعداده أن يكون توثيقيا فقد تحقق لهم ذلك، حيث أن اتباع نهج الحكي على لسان أحد شيوخ المنطقة ووصفه الدقيق لمختلف المراحل التي يمر منها الإعداد والاحتفاء بالزواج شكل توثيقا لموروث ثقافي لامادي امتد على مدى عهود ،وضمان بذلك المحافظة عليه من الاندثار والنسيان الذي قد تفرضه تطورات الحياة الجديدة أو الهجرة نحو المدن. البرنامج الذي يعد توثيقا للذاكرة الشعبية الجماعية الخاصة بالاحتفاء بالزواج ، حيث تختلف وتتنوع التقاليد باختلاف وتنوع مناطق وجهات المغرب، صور وتم إخراجه على شكل فيلم تلفزيوني، مع فارق أن الشخوص تنحدر من ذات المكان وتلعب أدورا من صميم حياتها الجماعية والمجتمعية، هذا فضلا عن أن المشاهد الخارجية كانت الفضاء الطبيعي الفسيح لسفوح جبال الأطلس المتوسط، حيث في مرحلة من مراحل العرس تختلط الزغاريد والأهازيج وأصوات حوافر الخيول التي تمتلكها فرقة التبوريدة بطلقات البارود ودقات أحيدوس التي يثقن رقصاتها الجماعية الرجال والنساء الفتيان والفتيات، تعبيرا بذلك عن قيم المساواة التي تعم مجتمعهم ،وتعبيرا عن إحساس الفرح الذي يعم أهل العروسين وتتقاسمه القبيلة . فقد أظهر البرنامج تلك التقاليد التي تخص طقوس تحضير العروس استعدادا لمغادرة بيت الأسرة وولوج حياة أسرية واجتماعية جديدة، حيث إعداد الحناء وما يرتبط بها، وهي طقوس تبقى حكرا على النساء ، حيث يوضع حاجز عبارة عن غطاء صوفي يفصل الفضاء الذي يصبح جد خاص بالعروس والنساء والفتيات اللواتي يشاركنها هذه المرحلة، ويرقصن على أهازيج احيدوس ويصدحن بأغاني أمازيغية محلية والتي ترسم ملامح حياتهن اليومية وجمالية قصص العلاقات الغرامية ، وكأنهن بذلك يجعلن العروس تحس وبشكل قوي أنها تودع مرحلة العزوبية . ويشار إلى هذا البرنامج الذي تتولى إعداده الصحافية مليكة حاتم ويخرجه محمد بن رمضان والذي كانت تبثه الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة سابقا وشرعت في بثه خلال شهر رمضان لهذه السنة ، كان قد نال الجائزة الذهبية لإدارة التصوير بمهرجان الإعلام العربي بالقاهرة سنة 2010.