ليلة 27 رمضان.. ليست ككل ليالي السنة تشكل ليلة القدر المباركة بالنسبة لكافة المغربة مناسبة مميزة لإحياء العديد من التقاليد والعادات والطقوس المتوارثة أبا عن جد و لا يمكن الانسلاخ عنها مادامت جزءا لا يتجزأ من ماضيهم و تاريخهم الحضاري، حيث تسود في أجواء ذات طابع روحي ذا صبغة متميزة عن باقي شعوب المغرب الكبير والعالم العربي والإسلامي بصفة عامة. ومع اقتراب الليلة المشهودة وبفارق أسبوع تقريبا تبدأ الاستعدادات الخاصة بها من اقتناء لمواد غذائية وزينة وعطر وبخور وفواكه جافة إلى عيرها من الضروريات، وبجهة دكالة عبدة كباقي جهات المملكة المغربية حيث يطغى الطابع البدوي الأصيل يلاحظ هذا الاستعداد من خلال الأسواق الأسبوعية التي تعج بالمتبضعين فتعرف بعض الأنواع التجارية حركية دؤوبة تنتعش معها تجارة موسمية خاصة من بيع البخور والشموع فضلا عن أنواع كثيرة من الحناء والسواك التي تستعمل للزينة في تلك الليلة التي تعد آخر احتفال روحي متميز قبل عيد الفطر. وتقبل الأسر المغربية على شراء ألبسة تقليدية جديدة وأنواع جيدة من البخور تليق بهذه الليلة المقدسة التي تعتبر من خير الليالي عند الله سبحانه وتعالى والتي تعد العبادة فيها خير من ألف شهر. فتلاحظ كافة الشوارع والأزقة وقد غصت بطوابير الباعة المتجولين الذين يرفع عنهم الحجاب بهذه المناسبة من قبل السلطات المحلية بدعوى «العواشر». ويحافظ سكان منطقة دكالة عبدة على مجموعة طقوس روحية واجتماعية متنوعة كمرافقة أبنائهم لهم للمساجد وهم مرتدين للزي التقليدي كما هو الحال بالنسبة لبعض الفتيات رفقة أمهاتهن بهدف تشجيعهم على الصلاة والعبادة، ففي هذه الليلة تعرف المساجد اكتظاظا لا نظير له حيث تقام مراسيم صلاة التراويح لتليها صلاة إتمام القرآن وبين الفينة والأخرى تخصص فقرات للأذكار والوعظ والإرشاد، في الأوقات الذي يقدم فيه الناس بصنوف المأكولات من كسكس وشاي وفواكه جافة وفطائر وغيرها لمن يلزمون حصن المسجد ويستمر الوضع على هذا الحال إلى الساعات الأولى من فجر اليوم الموالي والعجيب في الأمر أن الكل ينتظر بروز حكمة هذه الليلة متطلعا إلى السماء تارة وأخرى في غفلة من منامه أو غفوته لعله يحقق ما يدور في ذهنه وباله من آمال ومتمنيات قد تجلب له الرزق والصحة والخير ولأبنائه.