الحكومة تعلن نموذج اقتصادي جديد للخروج من الأزمة والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي أعلن نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية أن الحكومة ستعلن، خلال الدخول القادم، عن نموذج اقتصادي منسجم، يتضمن مجموعة من الإجراءات والتدابير الهادفة إلى امتصاص تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد الوطني وتخفيف انعكاسات الوضع المختنق للاتحاد الأوروبي على النسيج الاقتصادي الوطني وعلى القطاعات الإستراتيجية التي تعيش على تصدير المنتجات الوطنية إلى هذه السوق التقليدي. وأوضح نزار بركة، في الدورة الثانية للمنتدى الاقتصادي الذي نظمته مجموعة التجاري وفا بنك أول أمس الاثنين بالدار البيضاء، أن البرنامج الاقتصادي الجديد فرضته تحولات عالمية عميقة وأزمات متتالية لم يسلم منها المغرب الذي قرر المواجهة عبر استراتيجيات واضحة تروم تقوية النمو الداخلي وتدعيم الاستثمارات وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة وتطوير ميكانيزمات التضامن الاجتماعي. وشدد بركة على أن البرنامج الجديد، الذي يستند إلى» ثلاثية مقدسة تتعلق باستقلالية القرار الاقتصادي وتقوية التنافسية وتحسين الحكامة «، يحرص على بلوغ المغرب نموا مندمجا يهم كافة التراب الوطني ويدفع في اتجاه ترسيخ ثقافة الحكامة الجيدة وتحسين نجاعة النفقات الحكومية وترسيخ المقاربة التشاورية والتشاركية بين القطاعين العام والخاص وتكريس الثقة المتبادلة بينهما من أجل تطوير أسس الإنتاج والتنافسية للمقاولة والاقتصاد الوطني وبلوغ انجازات تعزز حصيلة مغرب الألفية الثالثة. و أبرز بركة الأهمية التي سيوليها النموذج الاقتصادي الجديد الذي سيعلن عنه قريبا، لتحسين مناخ الاستثمار والنهوض بتنافسية وإنتاجية المقاولة، وخلق المناخ الأمثل لجذب الاستثمارات التي تساهم في إيجاد فرص الشغل والرفع من نسبة النمو، داعيا في هذا الصدد المقاولة المغربية لمضاعفة الجهود لأجل استثمار الفرص وتطوير المشاريع المبدعة والخلاقة، كما دعا القطاع البنكي إلى مواكبة تطوير القطاع الخاص وخصوصا المقاولات الصغرى والمتوسطة من أجل مواكبة الحزمة الجديدة من الإصلاحات الاقتصادية الرامية إلى تحديث المالية المغربية ولطرق عملها، وإلى تطوير محطات صناعية مندمجة مفتوحة أمام المستثمرين الأجانب، وتنويع المنتوجات المصدرة، وتصنيع سلع بقيمة مضافة مرتفعة، بالإضافة إلى البحث عن أسواق جديدة في منطقة الخليج، وباقي العالم العربي وإفريقيا. وهي حصيلة تراها مريم بنصالح شقرون رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب ايجابية اعتبارا للصعوبات التي برزت مع التحولات العالمية الأخيرة واعتبارا أيضا، للتغييرات التي شهدها المغرب في ظل توجيهات جلالة الملك محمد السادس والتي كان لها الوقع الحسن على قطاعات النسيج الاقتصادي. بيد أن عرض الحصيلة، تقول مريم بنصالح، يدفعنا دائما إلى التفكير في ما تبقى من الدرب الذي قطعناه، مشيرة إلى أن المشوار لازال طويلا، والعقبات تظل قائمة خاصة في مجال تحسين مناخ الأعمال وفي ميدان العلاقة بين القطاعين العام والخاص وفي مجال التعليم والتكوين الملائم لمتطلبات الشغل. ولا يطالب الاتحاد العام لمقاولات المغرب الحكومة، تقول مريم بنصالح، سوى برفع وتيرة أداء الحكومة وتسريع الإصلاحات والإجراءات الموعودة سلفا من أجل مواجهة كل هذه التحديات ووضع قطار الوحدات المنتجة المغربية على السكة الصحيحة وإنقاذ العديد من المقاولات خاصة المتوسطة والصغيرة التي باتت تشكو نوعا من الاختناق . وهي مطالب يرى محمد الكتاني الرئيس المدير العام للتجاري وفا أن من الواجب «وضعها في خانة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي يجب أولا التأكد من مردوديتها الكلاسيكية ومن دورها الكامل في تحقيق التنمية الاقتصادية التي لا يجب أن يقصى منها أي كان». واعتبر محمد الكتاني أن العالم شهد العديد من التغيرات خلال العشرية الأخيرة، حيث تم تسجيل تراجع نسبي للقوى العالمية المسيطرة خاصة الولاياتالمتحدة وأوربا لفائدة أسيا وبعض الدور البارزة، وارتفاع ملحوظ لطموحات الشعوب في الحصول على الحرية الاجتماعية والسياسية (خاصة بأوربا الشرقية والعالم العربي)، بالإضافة إلى التطور السريع لوسائل التواصل التي تشجع العولمة وتجعل الخبر والمعلومة في متناول الجميع. في ظل هذه المتغيرات، يقول محمد الكتاني، قام المغرب بمجموعة من المبادرات الجريئة ومن المشاريع الضخمة الضرورية، حيث بادر إلى إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومشروع طنجة المتوسط وتبنى استراتيجيات قطاعية واعدة وقام بتقويم بنكي أساسي وبإنجاز استثمارات مكثفة في مجال البنية التحتية. لكن رغم كل هذه الجهود، يضيف الكتاني، لازال الطريق طويلا أمام المغرب لتقليص الفقر ولجعل كل فرد في المجتمع يجني ثمار النمو، داعيا في هذا الإطار إلى تبني برنامج وخطة جديدة مبتكرة وشجاعة تتوجه إلى مصادر جديدة وأسواق إفريقية واعدة ستشكل رافعة حقيقية للنمو تعوض الاقتصاد الوطني عن انكماش الأسواق التقليدية . وفي السياق ذاته، وفي محاولة لاستشراف واقع العولمة وتأثيرات الأزمات المتتالية على الاقتصاد العالي، دعا هوبير فيردين وزير الشؤون الخارجية الفرنسي السابق الحكومة المغربية إلى تنويع شركائه واستغلال كل الفرص المتاحة لعقد شراكات مفيدة بما فيها الشراكة مع دول الخليج العربي التي فضل الوزير الفرنسي عدم التطرق بتفصيل إلى الأسباب الكامنة وراء ولادتها ميتة.