نظمت مجموعة التجاري وفابنك، الاثنين الماضي بالدارالبيضاء، الدورة الثانية للمنتدى الاقتصادي الدولي، حول موضوع "تطورات الاقتصاد الوطني في سياق التحولات الدولية"، بحضور ما يزيد عن 600 مشارك من الفاعلين الاقتصاديين والشركاء الدوليين للمغرب. (الصديق) وشكلت هذه التظاهرة، التي تميزت بحضور نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، وترأسها محمد الكتاني، الرئيس المدير العام للتجاري وفابنك، فرصة لتبادل وجهات النظر حول رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، ومناسبة للتداول حول آفاق الاستثمار والاختيارات الماكرواقتصادية الاستراتيجية، وموعدا لوضع تصورات ورؤى استشرافية حول التقدم المنشود للمغرب، أخذا بعين الاعتبار طبيعة التحولات العالمية. وتدخلت في المنتدى مريم بنصالح بنشقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، حول الرهانات المرتبطة بالمقاولة، ومدى جاذبية الاقتصاد، في ظل المناخ السائد حاليا. ومن جانبه، قدم هوبير فيدرين، وزير الخارجية الفرنسي السابق، تحليلا جيواستراتيجيا استشرافيا، مع التأكيد على فرص إعادة تموقع المغرب. وركز ألكسندر أدلر، المؤرخ والخبير في القضايا الجيواستراتيجية، على وضع مقارنة بين مختلف الطرق المستعملة لحد الآن لبلوغ التقدم الاقتصادي، وبين مقاربات التنمية شمال جنوب، وجنوب جنوب، معطيا أكثر من دليل على صواب التوجهات الاستراتيجية للمغرب. وفي كلمته الافتتاحية أكد محمد الكتاني، الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفابنك، على التحولات العالمية الأخيرة، مبرزا أن المغرب، بفضل إرادة ورعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أطلق إصلاحات وأوراشا مهيكلة، ما يفسر اليوم تميزه جهويا. وأضاف الكتاني أن المغرب عرف، خلال العشرية الأولى من القرن الحالي، تطورات اقتصادية إيجابية، إذ كان متوسط معدل النمو في حدود 5 في المائة، في إطار تضخم متحكم فيه (ناقص 1.7 في المائة). وعقب تذكيره بحجم الاستثمارات المكثفة على مستوى البنيات التحتية الكبرى، من قبيل الطرق السيارة، والموانئ، والمطارات، والنقل السككي، وتحرير قطاع الاتصالات، أفاد الكتاني أن هذا المجهود الاستثماري سيستمر حتى في ظل الظرفية الصعبة الراهنة، مبينا أنه جرى تخصيص ميزانية تناهز 188 مليار درهم، أي أزيد من حوالي 21 مليار درهم مقارنة مع سنة 2011. وأبرز الكتاني أنه "رغم هذه المجهودات الحثيثة، فإن هناك طريقا طويلا لابد من عبوره لتقليص الفقر، وضمان استفادة كل المواطنين من نتائج هذا النمو، وتحسين معيشتهم"، مشيرا إلى أن الوضعية الصعبة للاتحاد الأوروبي، باعتباره الشريك التجاري الأساسي للمغرب، يمكن استغلالها كفرصة تدفع إلى الابتكار والبحث عن روافع تنموية أخرى، مؤكدا أن إفريقيا تعتبر وجهة متميزة لتحقيق هذا التطلع. وأفاد الكتاني أن أهمية الولوج للسوق الإفريقية، تتلخص في أنها ستعرف تطورا في عدد المستهلكين في أفق 2050، إلى أكثر من 2.5 مليار نسمة، مقابل 1 مليار حاليا، وتطور معدل التحضر بأكثر من 50 في المائة، لتصل النسبة إلى 62 في المائة من مجموع السكان، وهي أرقام اعتبرها الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفابنك محفزا بوضوح لانخراط المقاولات المغربية في الورش المفتوح، الذي تمثله إفريقيا حاليا ولاحقا. وقالت مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إن ارتقاء المغرب ب 21 مركزا في تصنيف "دوينغ بيزنس 2012" الخاص بتحسين مناخ الأعمال الذي يصدره البنك الدولي كل سنة (حصل المغرب على الرتبة 94 من أصل 183 دولة)، يتطلب الاستمرار في أوراش الإصلاح الإداري، وتحسين كل الأجواء المشكلة للمناخ الاقتصادي"، مذكرة بالصعوبات التي ما زالت تعترض المستثمرين. أما نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، فيرى أن المغرب يمر من مرحلة خاصة بفعل انعكاسات أزمة الاتحاد الأوروبي وتأثيراتها على الاقتصاد الوطني، موضحا قدرته على مواجهة الصدمات، وسط تكهنات باستطاعة الاقتصاد الوصول إلى تحقيق نسبة نمو تفوق 3 في المائة، خلال هذه السنة. وأبرز الوزير أن عجز المالية متحكم فيه، كما نفى بعض الأرقام التي "لا ترتبط بالواقع وتتحدث عن العجز برسم 2012". وأكد الوزير أنه رغم الأزمة المهيمنة على اقتصاديات الاتحاد الأوروبي، الشريك الأساسي للمغرب، فإن الاقتصاد الوطني يتميز بالمناعة والمقاومة، رغم انخفاض الطلب الخارجي الموجه إليه، مضيفا أنه رغم ذلك، فالصادرات ارتفعت، خلال هذه السنة، واستطاعت بعض القطاعات أن تعرف انتعاشا مهما، واعتبر أن الوضعية المالية متحكم فيها.