انتقدت أزيد من 350 جمعية مغربية، الموقعة على إعلان الرباط للجمعيات الديمقراطية، ما اعتبرته مسا بالمقتضيات الدستورية وبالأدوار الجديدة التي يضطلع بها المجتمع المدني الذي يعتبر شريكا في إنتاج السياسات العمومية وتدبير الشأن العام، وطالبت بفتح نقاش وطني لوضع تصور عام حول تفعيل الدستور في المجالات التي تهم المجتمع المدني. واعتبرت هذه الجمعيات التي تطلق على نفسها «مبادرة إعلان الرباط للجمعيات الديمقراطية»، مشروع المنشور الذي أعده الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، حول موضوع عقد الشراكات بين الدولة والجميعات، يشكل مسا بالمقتضيات الدستورية وبالأدوار الجديدة التي يضطلع بها المجتمع المدني. كما اعتبرت ما ورد في هذا المنشور، محاولة لفرض الوصاية على المجتمع المدني وحصر مجال اشتغاله في العمل الخدماتي، وأن العديد من مقرراته تعتبر تدخلا مباشرا في الصلاحيات الدستورية والقانونية للمؤسسات المعنية بوضع التشريع وإقراره كما تشكل مسا بمبدإ فصل السلط. وأوضحت مبادرة إعلان الرباط للجميعات الديمقراطية أن منشور الوزير الشوباني عمل على حصر مفهوم الشراكة في الدعم المالي مع تغيب كلي للمقاربة الحقوقية كما ورد في الدستور، يعبر عن رغبة الحكومة في تقليص أدوار المجتمع المدني ، مشيرة إلى أن حصر مجال الشراكة في مشاريع محاربة الفقر والتهميش والهشاشة، يعكس رؤية اختزالية لأدوار المجتمع المدني ولمجالات تدخله الذي يعتبر مجالا أوسع من ذلك خاصة بالنسبة للجمعيات الترافعية المدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأفاد بيان لمبادرة إعلان الرباط، أن منشور الحبيب الشوباني، ترجمة لما ورد في البرنامج الحكومي الرامي إلى وضع سياسة حكومية للمجتمع المدني تعتبر هذا الأخير، مجرد آلية تنفيذية للحكومة، وأن نوعية الشراكة مع الجمعيات التي يقترحها المنشور، تدخل ضمن خانة عقود «إذعان» وأضاف البيان أن إقرار «آلية الجمع بين لتمويلات» لا يستند إلى أي سند تشريعي، بالإضافة إلى أن الصيغ التي اعتمدها المنشور هي صيغ عامة وفضفاضة قابلة لتأويلات متعددة. وانتقد البيان غياب أية إشارة إلى دورية الوزير الأول إدريس جطو سنة 2003 وإلى المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي رغم أن مشروع المنشور قد نسخ أغلب مضامين دورية الوزير الأول الأسبق، كما انتقد تجاهل المنشور لوضعية العاملين الاجتماعين أو المتطوعين في المجال الجمعوي، وكذا تركيزه على تمويل الأنشطة دون أدنى إشارة إلى دعم تسيير الجمعيات على مستوى الموارد البشرية باعتباره أساس استمرارية العمل الجمعوي. وطالبت هذه المبادرة الجمعوية من الحكومة المغربية، فتح نقاش مع المجتمع المدني لوضع تصور عام حول تفعيل الدستور في المجالات التي تهم المجتمع المدني، واعتماد مقاربة شمولية حقوقية في وضع سياسات تخص الفاعل الجمعوي تروم مراجعة البيئة القانونية للجمعيات والتجمعات بما يضمن ارتقائها للعب دورها كفاعل في مجال التنمية والديمقراطية، انسجاما مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة ومع المقتضيات الجديدة للدستور. وفي ذات السياق دعت الجمعيات الموقعة على إعلان الرباط، إلى توسيع مضمون الشراكة لتتجاوز فيه البعد المالي ويشمل تقوية القدرات والدعم المؤسساتي للمجتمع المدني وإشراكه في وضع السياسات العمومية، وحصر مهمة تدخل الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني في استقبال التقارير حول الشراكات من القطاعات المعنية مباشرة، بالشراكة مع الجمعيات. وشددت المبادرة على ضرورة مراجعة المواقف والرؤى الرامية إلى حصر المجتمع المدني في الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي الخدماتي واعتماد رؤى أشمل لمختلف مجالات التدخل التي يعرفها اليوم، مع إقرار آلية توجب حضور ممثلين وممثلات عن المجتمع المدني في اللجن المشرفة على الدعم العمومي، وإقرار آلية تمكن الجمعيات من مساءلة الحكومة بخصوص تدبير المال العام. وجددت إدانتها لاستمرار ما وصفته ب «المناخ غير الصحي» الذي قالت إنه يسعى إلى التشكيك في عمل الجمعيات التي «ساهمت بشكل كبير في الإصلاحات الهيكلية التي شهدتها البلاد وتعلن استمرارها في إدانة أي انتهاك لحقوق الإنسان، وإهدار المال العام» حسب البيان ذاته الذي أعلنت من خلاله الجمعيات الموقعة على إعلان الرباط، عن رفضها لمنهجية إعداد المنشور المذكور ولأغلب مقتضياته التي تخرج عن نطاق اختصاصات رئيس الحكومة.