إسبانيا تستفز المغرب.. والرباط ترد باستدعاء السفير على إثر الزيارة التي قام بها وزير الداخلية الإسباني خورخي فرنانديث دياث إلى مناطق مغربية ومنها مدينة مليلية المحتلة، وكذا الصريحات الإعلامية التي أطلقها والتي اعتبرت ب «المستفزة» بادر سعد الدين العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلى استدعاء سفير اسبانيا بالرباط وطالب بالتوضيحات اللازمة حول ما قام به المسؤول الإسباني خارج أي عرف دبلوماسي. وقال مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في ندوة صحفية عقب اجتماع المجلس الحكومي بالرباط ، «إن وزير الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني استدعى سفير إسبانيا بالرباط وطالب بالتوضيحات اللازمة لتصريحات وزير الداخلية الاسباني خورخي فرنانديث دياث والتي تهم وضع أفراد من الحرس المدني الاسباني في بعض الجزر الجعفرية». وعبر وزير الخارجية المغربي للسفير الإسباني، حسب مصطفى الخلفي، عن قلق الحكومة المغربية من تلك التصريحات على أساس أن مثل هذه الإجراءات تحتاج إلى تنسيق كامل مع السلطات المغربية المختصة وإلى اعتماد مبادرات مشتركة بعيدا عن أية إجراءات أحادية الجانب. وأضاف الخلفي أن الخارجية المغربية طالبت، أيضا، من السفير الأسباني بالمغربي توضيحات إضافية بخصوص ما بدر من المسؤول الإسباني من تصريحات غير مقبولة بخصوص معركة أنوال، مشيرا إلى أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون تتابع الموضوع في مختلف تفاصيله وتطوراته كما تابعته باقي الجهات المختصة بدقة منذ لحظاته الأولى. وأوضح الخلفي أن الزيارة التي قام بها المسؤول الإسباني، هي زيارة خاصة وليست رسمية، لكنه اعتبر أن ما حصل على إثر هذه الزيارة وكذا التصريحات التي صدرت عن وزير الداخلية الاسباني بعد هذه الزيارة أمر غير مقبول. وكانت وزارة الخارجية المغربية قد دعت يوم الأربعاء إلى اجتماع طارئ بعد علمها بخبر دخول وزير الداخلية الاسباني إلى التراب المغربي برفقة مسؤولين أمنيين إسبان، بالإضافة إلى الأنشطة التي قام بها بدون تنسيق مسبق مع الحكومة المغربية كما تقتضي الأعراف الدبلوماسية في مثل هذه القضايا، كزيارته إلى المنطقة التاريخية التي شهدت معركة أنوال والتي انتصر فيها المغاربة بقيادة الزعيم عبد الكريم الخطابي، وكبدوا المحتل الاسباني خسائر في العتاد والأرواح فاقت ال 25 ألف جندي إسباني. ومن بين التصريحات «المستفزة» التي أطلقها المسؤول الإسباني اعتبار للجزر الجعفرية والمناطق المحيطة هي أراض إسبانية، كما قام بزيارة لمدن كالناظور وبني بوعياش بالحسيمة. وقد فسر ملاحظون هذه الخطوة التي وصفت ب «غير المسبوقة» والتي أقدم عليها وزير الداخلية الإسباني بمحاولة افتعال أزمة جديد بين المغرب وإسبانيا، لإبعاد أنظار الرأي العام الداخلي عن الأزمة الحادة والخانقة التي تعرفها إسبانيا والتي دفعت حكومة ماريانو راخوي إلى اتخاذ إجراءات تقشفية أثرت على شعبيتها. واعتبر عبد السلام بوطيب رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم في تصريح ل«بيان اليوم» أن زيارة المسؤول الإسباني لموقع أنوال تحمل أكثر من دلالة، أهمها حسب، بوطيب، استمرار استفزاز حكومة مدريد للدولة المغربية، خاصة بعد أن قرر مجلس حكومة اسبانيا في اجتماعه ما قبل الأخير، تكريم هؤلاء المجرمين وإعطائهم أكبر وسام إسباني يمنح للعسكريين. كما أن وزير الداخلية الإسباني يضيف عبد السلام بوطيب، قام باستفزاز اللمغرب عندما خرج من التراب المغربي المستعمر والاستفزاز الثالث هو حفل تكريم مجرمي الحرب في مدفنهم بموقع أنوال، والاستفزاز الرابع، حسب رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، هو أخذ القرار في هذا الموقع مدينة مليلية المحتلة، بتواجد الحرس المدني الإسباني لأول مرة في الجزر الجعفرية. وقال عبد السلام بوطيب إن «كل هذا يستوجب ردا آنيا وذكيا من الحكومة المغربية، وأن المهم بالنسبة لنا في مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، هو البحث عن صيغ لمعالجة أسئلة الذاكرة المشتركة بين المغرب وإسبانيا»، مشيرا إلى أن المركز سبق أن طلب في بلاغ له عقب اجتماع المجلس الحكومي الإسباني ما قبل الأخير، من المغرب وإسبانيا بتشكيل لجنة مشتركة للحقيقة والإنصاف وبناء المستقبل تستند على سماه، بوطيب، بمنهجية العدالة الانتقالية بين الدول. وجدد المتحدث تأكيده على هذا المطلب الذي يتطلب في نظره كثيرا من إعمال الذكاء الجماعي المغربي والإسباني واللذان لا مفر لهما من معالجة أثر «هذا الماضي الذي لا يريد أن يمضي» على حد تعبيره.