يقف البحارة بكل الموانئ المغربية، صباح يومه السبت، دقيقة صمت ترحما على وفاة ثلاثة زملاء لهم لفظت مياه البحر، أول أمس، جثثي اثنين منهم في شاطئ المحمدية والثالث قرب ميناء الدارالبيضاء، فيما لازال مصير باقي الطاقم مجهولا بعد غرق مركب صيد بالجر يحمل اسم «ريسلان» بين تمارة والرباط. ووفق تصريح أدلى به مسؤول بديوان عمالة المحمدية ل»بيان اليوم»، «ابتلعت مياه البحر بين مدينتي تمارة والرباط مركب الصيد بالجر الذي يحمل رخصة رقم 3-934، ولم يتم العثور، بعد مضي أكثر من أربعة أيام على مغادرته ميناء الدارالبيضاء في حدود الساعة الحادية عشرة من ليلة التاسع والعشرين من يونيو المنصرم، إلا على شباكه وبعض أبوابه الخشبية بعد أن هوى إلى قاع البحر». وأضاف مصدرنا أن المركب المصنوع من مادة الحديد «قد يكون تعرض لاصطدام مع مركب آخر ما أدى إلى تسرب المياه إلى داخله . وبحكم أنه مصنوع من مادة الحديد، لم يقو على البقاء طويلا فوق الماء، ما أدى إلى غرقه وابتلاع الماء لبحارته الإحدى عشر، لم يلفظ البحر منهم سوى ثلاثة بحارة، فيما يظل السبع الباقون في عداد المفقودين». وهي فرضية لا يستبعدها البحارة الذين اطلعوا على التعليمات التي أصدرتها فوزية أمنصار عاملة عمالة المحمدية، والقاضية بالإسراع بالبحث عن المفقودين، ومتابعة ملف غرق مركب «ستيفان» شهر ماي الماضي، الذي لازال البحث، الجاري فيه مع مندوب وزارة الصيد البحري بالدارالبيضاء، يتلمس خطواته الأولى. وينوي البحارة، بعد وقفة يومه السبت، الدخول في سلسلة من الوقفات الاحتجاجية تتخللها إضرابات عن العمل، للمطالبة بتطبيق العديد من القوانين التي ظلت حبرا على ورق، وعلى رأسها مؤسسة إنقاذ الأرواح البشرية. وقال بلاغ للنقابة الموحدة لبحارة الصيد الساحلي والتقليدي على الصعيد الوطني، توصلت بيان اليوم بنسخة منه إن « توالي حوادث غرق مراكب الصيد البحري، يعتبر دليلا قاطعا على عدم قيام مؤسسة إنقاذ الأرواح البشرية بالدور المنوط بها، خاصة وأن العديد من البحارة لقوا حتفهم، في العديد من السواحل المغربية، خلال السنة الجارية، دون أن تتدخل هذه المؤسسة التي تتوفر على ميزانية ضخمة تجهل وجهة صرفها». وأوضح بلاغ النقابة الموحدة أن «رسالة شديدة اللهجة» تم توجيهها، قبل الإعلان عن سلسلة الاحتجاجات والإضراب عن العمل، إلى الكاتب العام لوزارة الصيد البحري، بصفته رئيسا للمجلس الإداري لمؤسسة المنقذ والمسؤول الأول عن اللجان المحلية للمنقذ بجميع الموانئ المغربية، تم فيها تذكيره ب» ضرورة تسليم البحارة، عبر نقابتهم الموحدة على الصعيد الوطني، التقارير الأدبية والمالية للفترة الممتدة من سنة 2001 إلى 2011»، ومطالبته ب» تقديم فواتير صيانة المحركات وفواتير المحروقات المسجلة بدفاتر التحملات للجن المحلية للمنقذ بجميع الموانئ المغربية «. هذا الأخير فضل، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، عدم التطرق لموضوع مؤسسة المنقذ، طالبا إحالة تساؤلات الجريدة حول حادث غرق البحارين إلى مندوبية الوزارة بالدارالبيضاء بصفتها الجهة المعنية مباشرة بالحادث. هاته الأخيرة، لم تؤكد أو تنفي وجود نوع من القصور في مهامها، مشيرة إلى أن المركب « ريسلان» الذي غرق في عرض البحر، يدخل ضمن في فئة «مراكب الجر التي تظل في عرض البحر لمدة تصل إلى أربعة أيام متتالية، وبالتالي لا يمكن التحقق من وقوع أي حادث يصيبها، حين انعدام التواصل، إلا بعد انصرام هذه المدة الزمنية» . وهو ما اعترضت عليه نقابة البحارة التي أشارت إلى أن «عملية الإنقاذ، الموكولة لمؤسسة المنقدة على مدار ساعات اليوم، لم تتم في جميع حالات غرق المراكب، مما يطرح سؤال التواجد الفعلي لهذه المؤسسة وسؤال الدور المنوط بمندوب وزارة الصيد في الدارالبيضاء الذي سمح لمركب « ريسلان» بالإبحار علما أنه غير صالح لهذه المهمة». وقال رشيد السوهيلي الكاتب العام لبحارة الصيد الساحلي والتقليدي على الصعيد الوطني للصحيفة إن « المركب القابع اليوم في قعر البحر يصل عمره إلى 68 سنة. أي أنه غير مسموح له بالإبحار. كما أن ثلاثة أفراد من طاقمه غير مسجلين في بيانات البحارين. وأتحدى مندوب الوزارة أن يقدم هاته البيانات لأنها بوابة متابعة قانونية جديدة للجهات المسؤولة عن كوارث البحر من طرف أسر الضحايا «. بهذا الخصوص، هدد بلاغ النقابة الموحدة لبحارة الصيد الساحلي والتقليدي على الصعيد الوطني ب «اللجوء إلى رئيس المجلس الأعلى للحسابات من أجل اتخاذ ما يلزم من التدابير للكشف عن مصير كشوفات الحساب اليومي للسمك التي تقتطع نسب من مداخيلها لتمويل مؤسسة المنقذ، وللكشف أيضا عن التثاقل الذي يميز الدعوى المرفوعة لدى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالمحمدية ضد وزارة الصيد البحري في شخص نور الدين العيساوي مندوبها بالدارالبيضاء».