تشكل الفكاهة المادة الدرامية البارزة في شبكة برامج قنواتنا التلفزية خلال رمضان المقبل. وهذا الأمر صار معهودا ومألوفا ومتوقعا، حيث لا يمر هذا الشهر الفضيل دون أن تتبوأ الفكاهة موقعا مهما وبارزا ضمن خريطة برامجنا التلفزية. فبإلقاء نظرة على شبكة البرامج التي أعدتها تلفزتنا المغربية بمختلف قنواتها: الأولى، الثانية، ميدي1 تي في، للبث خصيصا خلال شهر رمضان القادم الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى بضعة أيام، يتجلى مرة أخرى مدى حرص المسؤولين عن هذه القنوات على برمجة ما يحمل روح الفكاهة. هذه المادة الدرامية لا يتم الاكتفاء فقط بأن تكون ضمن شبكة البرامج، بمعنى أن الهاجس يتجاوز ذلك، حيث تتم العناية بأن تخصص لها مواعيد بث يحسدها عليها أصحاب البرامج الأخرى، سيما وأن هذه المواعيد تقترن بفترة ذروة المشاهدة. هناك اعتقاد سائد بأن المشاهد المغربي يقبل على مشاهدة البرامج الفكاهية، أكثر من غيرها من البرامج، وهذا ما يفسر الاهتمام الذي يعيره لها المسؤولون عن البرمجة، وهذا ليس مصادفة، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن البرامج التي تبث في أوقات الذروة تكون مقترنة بالوصلات الاشهارية، بل إن هذه الوصلات تخترق برامج الذروة ذاتها من وقت إلى آخر، وتصير جزءا منها. معظم الوجوه الفكاهية التي اعتادت أن تطل على مشاهدي التلفزة المغربية في شهر رمضان، ستكون حاضرة ضمن شبكة البرامج لمختلف قنواتنا التلفزية: محمد الجم، عبدالله فركوس، حسن الفد، عبدالخالق فهيد، طارق البخاري،إلهام واعزيز، عزيز الحطاب وغيرها من الوجوه التي أكدت حضورها ضمن فن الفكاهة على وجه الخصوص، وإلى جانبها سيكون لبعض الوجوه التي تمثل الجيل الجديد من الفكاهيين، حضور ضمن البرمجة الرمضانية، كما هو الحال بالنسبة للفنان باسو الفائز بإحدى مسابقات كوميديا. الحضور الفكاهي لن يقتصر فقط على الأسماء المغربية، بل سيكون لبعض نجوم الفكاهة الأجانب موقع ضمن البرمجة الرمضانية، كما هو الحال بالنسبة للفنان الجزائري عبدالقادر السيكتور الذي يشخص دورا رئيسيا في سلسلة الديوانة، وأيضا في سلسلة كلنا جيران، التي ستعرضها القناة الثانية، والفنان المصري عادل إمام الذي يلعب دور البطولة في سلسلة فرقة ناجي عطا الله بقناة ميدي 1 تي في. ومن بين المواد المبرمجة كذلك والتي تدخل في خانة الفكاهة، والتي بات لها حضور قار ضمن شبكة البرامج الرمضانية، ما يعرف بالكاميرا الخفية، كما هو الحال بالنسبة لبرنامج جار ومجرور، وعادة ما كان هذا النوع من البرامج يثير حفيظة الكثير من المشاهدين، بالنظر إلى الإزعاج الذي يشكله لعموم المواطنين الذين يقعون في حبائله، وهو ما حدا بالقناة الثانية إلى إلغاء بث جزء آخر من أحد هذه البرامج الذي يحمل عنوان: تكبر وتنسى، بالنظر إلى المشاكل التي أثارها في المرة الفارطة. وعبر تأملنا لعناوين البرامج الفكاهية المبرمجة في رمضان القادم، يتضح حرص أصحابها على إثارة المشاهد من خلال الإحالة على رموز دالة على روح الفكاهة: الديوانة، المرتبطة في المخيلة بتلك المفارقات الساخرة الناتجة بالخصوص عن اصطدام المهربين مع رجال الجمارك. ما شاف مارا، بما ترمز إليه من وجود ضحايا الغباء، مما ينجم عنه مواقف طريفة. كلنا جيران، باعتباره تتمة لجزءيه السابقين اللذين حملا عنوانين مختلفين: ياك حنا جيران، وديما جيران، وربما قد يكون هناك مشروع لجزء رابع، سيحمل حتما لفظ الجيران، للحفاظ على تماسك السلسلة، وإن كان ذلك على مستوى العنوان على الأقل، وكوميكس كافي، الذي يشرح نفسه بنفسه، إلى غير ذلك من العناوين الجذابة. وكم كانت إحدى قنواتنا محقة أثناء إشهارها لموادها المبرمجة في رمضان، حيث قامت بإبراز ما يشبه خيط الصنارة، مثبتة في طرفه عبارة برامج رمضان، إنها بمثابة الطعم الذي تبرزه لمشاهديها؛ فكل قناة إذن تتنافس في الحفاظ على مشاهديها واستقطاب آخرين، في ظل المنافسة الشديدة، الناجمة عن تعدد القنوات والاختيارات.