تتواصل نداءات ونضالات المدافعين عن حقوق الإنسان في بلادنا من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، وبالتالي إعطاء معنى ملموسا للمقتضى الدستوري الذي ينص على الحق في الحياة. خلال نقاش ضم حقوقيين وقانونيين وسياسيين بمقر مجلس النواب، اعتبرت باحثة معروفة في الشأن الديني، وكانت عضوة في اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور أن إلغاء عقوبة الإعدام من النصوص التشريعية لا يعني أي تعارض مع المقتضيات الدينية، داعية إلى جعل الإلغاء يندرج ضمن منظومة إصلاحية تشمل مجالات العدالة والاقتصاد والديمقراطية والتفاوتات الاجتماعية، كما أن الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام جدد بدوره الدعوة إلى الحكومة المغربية كي تفي بالتزاماتها الدولية، وتعمل على التصويت إيجابا خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المرتقب في دجنبر المقبل على قرار وقف العمل بعقوبة الإعدام. وبقدر ما أن موقف الائتلاف المغربي معروف منذ تأسيسه، فإن موقف الباحثة يعتبر لافتا ومهما، وهذا يحفز اليوم على تعميق التفكير والنقاش في أوساط علماء الدين، للانتقال بالمقاربة المتعاطية مع مطلب إلغاء عقوبة الإعدام من المنطلق التقليداني والمعالجة الماضوية للنصوص الدينية، إلى مقاربة تركز على الاجتهاد، وعلى النظر الواقعي، وعلى المساهمة في الدفع ببلادنا لتعزيز مسارها الإصلاحي والديمقراطي. لقد سبق لكثير من القوى والمنظمات المدنية والحقوقية والثقافية، علاوة على أحزاب ونقابات أن انخرطت في دينامية المطالبة والترافع من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، كما أن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي تمت دسترتها، نصت هي أيضا على إلغاء عقوبة الإعدام والانتصار للحق في الحياة، وهذه كلها مؤشرات تشجع اليوم علماء الدين عندنا على تقوية انخراطهم في هذا الجهد الفكري الوطني، والانفتاح على مواضيع وقضايا يفرضها السياق السياسي والحقوقي المغربي والإقليمي والعالمي. سيكون الأمر ذا دلالة كبيرة، ويبعث برسالة سياسية وتواصلية قوية، لو أقدم المغرب على إلغاء عقوبة الإعدام من قوانينه في عهد الحكومة الحالية، وانخرط في مسلسل ملاءمة تشريعاته على ضوء ذلك، وبما يكون منسجما مع كافة الالتزامات الحقوقية للمملكة، ولذلك فإنه من الضروري تكثيف الجهود بغاية تقوية الاقتناع بكون القتل باسم القانون هو أبشع الجرائم، وبأن هذه العقوبة لا تصلح الخطأ ولا تضمن انخفاض معدل الجريمة بل هي قاسية وغير عادلة، كما أن مبررات بعض المدافعين عن عقوبة الإعدام ممن يعتبرونها آلية قانونية للمحافظة على قوة الدولة وهيبة السلطة ومواجهة أعتى المجرمين تسقط، لأن هؤلاء لا يستحضرون أن قتل القاتل في حد ذاته يعتبر جريمة ترتكب من قبل الدولة وباسم قانونها وبلسان قضاتها الذين يعرفون أكثر من غيرهم أن القضاء والقانون ما وجدا أصلا إلا للمحافظة على الإنسان وعلى حياته. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته