نزار بركة: لا زيادة في الأسعار.. والحكومة ستواصل دعم صندوق المقاصة تعتزم الحكومة خلق سوق بديلة لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة ببورصة الدارالبيضاء، بعد أن أبانت هاته الأخيرة عن تراجع واضح خلال السنتين المنصرمتين. وهو قرار يأتي في ظرفية دولية صعبة تميزها الأزمة وانكماش الأسواق التقليدية الخارجية وتراجع التوظيفات المالية الأجنبية ما أدى إلى انعكاسات واضحة على الاقتصاد الوطني وعلى المالية العمومية. في هذا الحوار المقتضب، الذي أجرته بيان اليوم مع نزار بركة، على هامش ندوة «إنعاش البورصة وتنمية سوق الرساميل» التي نظمتها بورصة الدارالبيضاء أول أمس الأربعاء، نقف بعجالة مع وزير الاقتصاد والمالية على دوافع إصلاح السوق المالي المغربي وانعكاسات القرار الحكومي القاضي بالرفع من سعر المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين، وعلى مدى ديمومة صندوق المقاصة. * كلمتكم الافتتاحية لندوة «إنعاش البورصة وتنمية سوق الرساميل» تؤكد أن الأمور ليست على ما يرام في السوق المالي المغربي وأن ذلك انعكس على الاقتصاد برمته؟ - ما من شك في أن البورصة المغربية تعيش منذ سنتين حالة من الجمود والركود، وهو جمود لم يعد بالإمكان السكوت عنه أو الوقوف موقف المتفرج حياله . والدليل هو هذا الكم الهائل من رجال الأعمال والمتخصصين الذين يحضرون الندوة من أجل طرح الواقع وتقديم البدائل والمقترحات العملية. هذا لا يعني أن الحكومة لم تتحرك خلال هاتين السنتين أو لم يكن لديها مخطط لإنعاش السوق المالي. كان لدينا، قبل استدعائنا إلى هذه الندوة التي تنظمها بورصة الدارالبيضاء روزنامة من القوانين التي من شأنها أن تحفز وتطور الآليات التي من شأنها أن تعطي نفسا جديدا للسوق المالي. هل تشكل هذه الإجراءات قطيعة مع سابقاتها، وبالتالي نعتبرها عنوانا على فشل التدابير السابقة التي قامت بها الحكومة لإصلاح البورصة ؟ التدابير السابقة لم تفشل إطلاقا، فكما تعلمون، كان هناك جيل أول من الإصلاحات في بداية تسعينات القرن الماضي تلاه الجيل الثاني مطلع القرن الجديد. وفي إطار مواصلة مسلسل العصرنة نعطي اليوم الانطلاقة لجيل جديد الإصلاحات التي تندرج في إطار إرادة الاستجابة لحاجيات السوق المالي وتقوية قدراته بما يمكن من الإسهام في تمويل الاقتصاد الوطني .مسلسل الإصلاحات سيشمل ثلاث مجالات رئيسية هي تطوير الإدراج المالي وتسهيل ولوج التمويل المالي سواء بالنسبة للمقاولات والأشخاص الذاتيين، وتنويع الأدوات والمنتجات المالية، بالإضافة إلى تعزيز الرقابة على القطاع المالي . * هل هي أزمة ثقة؟ - إلى حد ما، فهناك تراجع في قيمة الأسهم، وهناك مبالغة في تقييم شركات ومؤسسات إنتاجية مدرجة في البورصة. - وبالتالي كان لزاما أن تتدخل الحكومة بالإعلان عن مشروع يندرج في إطار الجيل الثالث للإصلاحات للدفع بالبورصة وتحسين ولوج التمويل من طرف المقاولات العمومية٬ والمقاولات الصغرى والمتوسطة بصفة خاصة. المشروع الذي تتقدم به الحكومة يستند إلى قواعد للعمل والتنظيم تتلاءم مع خاصيات هذا النوع من المقاولات وملامح المستثمرين المعنيين. سنضع تدابير لتنويع الآليات المالية منها منتوجات جديدة وآليات مالية تتضمنها مشاريع قوانين وضعت بالاستشارة مع الشركاء والمهنيين. لقد لاحظنا أنه رغم النضج المهني الذي بلغته البورصة، ما تزال هاته الأخيرة تعاني من ضعف على مستوى محدودية المنتجات وتأخر ملحوظ عن مثيلاتها من الأسواق المالية الإفريقية مما يتسبب في إضعاف قدرتها على استقطاب الاستثمارات المحلية والخارجية وتقوية الاستثمار خاصة الاستثمار العمومي والعمل على تقوية الطلب الداخلي والنمو الداخلي من خلال تحسين القدرة الشرائية للمواطنين. * لكن الزيادة الأخيرة في المحروقات لا تسهم في الحفاظ على هذه القدرة الشرائية. ومن المتوقع أن تشتعل سوق المواد الأخرى في سياق تضخم محتمل؟ - أؤكد لكم أن ارتفاع أسعار الغازوال والبنزين لن يشعل فتيل الزيادة في أسعار المواد العذائية لأن الحكومة تحرص على أن لا يكون لهذه الزيادة أي أثر على أسعار باقي المنتجات، تفاديا لمسلسل تضخمي يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين وبالتالي على الطلب. بنك المغرب يؤكد بالأرقام ما أقوله، فنسبة التضخم لا تتعدى 2 بالمائة، وكل زيادة في أسعار المنتجات بحجة ارتفاع التكاليف غير مستساغة ولا قانونية. * ألا تضع الزيادة في سعر المحروقات بالنسبة لكم سؤال استمرارية صندوق المقاصة مستقبلا؟ - سنعمل في ظرف خمس سنوات من عمر هذه الحكومة على الإبقاء على صندوق المقاصة، بمعنى أننا سنواصل الدعم، صحيح أنه كانت هناك زيادة في سعر مادة مدعمة، وهو أمر يندرج في إطار مواصلة هذا الدعم في حدود معقولة حتى لا يتجاوز الدعم الموجه للمواد الاستهلاكية نسبة الاستثمار، وبالتالي حتى لا يؤدي ذلك إلى نقص في الاستثمارات العمومية التي تفتح المجال للتشغيل. * الرفع من سعر المحروقات وما تلاه من زيادة في تعريفة النقل، وربما ما خفي مستقبلا سيكون أعظم، يولد ضغطا اجتماعيا قد يؤثر سلبا على جلب الاستثمارات. ماذا أعددتم لمواجهة هذه المشكلة؟ - أولا، ينبغي التذكير أن الحكومة السابقة قامت بالتوقيع على اتفاقية مع النقابات الأكثر تمثيلية في من أجل ضمان السلم الاجتماعي، اليوم الحكومة الحالية تعمل على تنزيل وتنفيذ تلك الاتفاقية. الرؤية التي نريد تطبيقها هو أن يكون هناك فرقاء اجتماعيون واقتصاديون، وأن يكون الحوار في إطار التدبير التشاركي مع الحكومة في هذه المرحلة، أي أن هناك التزامات أخذناها على عاتقنا من بينها رفع الحد الأدنى للمعاشات . وهناك كذلك توجه نحو تحسين الحد الأدنى للأجر، لكن، كل ذلك في إطار اتفاق مع أرباب المقاولات و النقابات، أخذا بعين الاعتبار إمكانات الدولة، والحرص على ترتيب الأولويات، الحوار يسير بشكل جيد ومستمر ولا يمكن الحديث عن وجود ما عوامل ضغط اجتماعي. الاستثمارات شيء هام جدا لا يمكن جلبها إلا بتوفير الأرضية السليمة لها.