إذا كانت بعض دول القارة الإفريقية مازالت تؤمن ببعض الطقوس الغريبة التي تقوم أساسا على الخرافة والسحر والشعودة لجلب الحظ لمنتخبات بلدانها للفوز بنتائج المباريات، حيث غالبا ما يرافق هذه المنتخبات أشخاص لهم تجربة كبيرة في التظاهرات الدولية. فإن القارة العجوز اهتدت إلى طريق جديدة بخصوص توقعات نتائج منتخباتها، خصوصا إذا تعلق الأمر بالأخطبوط الالماني باول الذي اكتسب شهرة كبيرة في مونديال جنوب إفريقا بتنبؤاته الصحيحة، بالإضافة إلى الببغاء السانغفوري ماني والذي يملكه العراف «إم مونيابان» والذي حظي هو الآخر بشهرة عالمية من خلال التوقع الصحيح لمباريات الدور قبل النهائي. فقد أصبح الأخطبوط بول بطلا قوميا في نظر الإسبان، حيث طالبوا بتخصيص مكان يليق به نظرا لتوقعاته التي لم تخدل الماتدور وكانت صائبة أمام كل من ألمانيا في الدور نصف نهائي وضد هولندا في المباراة النهائية، بالمقابل أخطأ الببغاء ماني عندما توقع بوصول منتخب أوروغواي إلى النهاية واختار هولندا للفوز باللقب. والغريب في الأمر أن الأخطبوط باول لن يكون على قيد الحياة خلال بطولة أوروبا للأمم التي ستقام في أوكرانيا وبولندا عام 2012، على اعتبار أن عمره الآن عامين ونصف، أي أنه بلغ سن الشيخوخة بحسابات البشر. ولم يكن عجيبا أن يشعر رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيز تاباثيرو بالخوف على أمن وصحة الأخطبوط باول، وقال تاباثيرو بعد فوز منتخب بلاده: سنرسل إليه فريقا من الحراس الشخصيين، كما تود وزيرة الشباب والرياضة إيلينا سبينوزا في إدراج بول ضمن أنواع الحيوانات المهددة بالخطر لمنع الألمان من أكله. ويمكن القول أن المنافسة التي التي شهدها المونديال بين الأخطبوط بول والببغاء ماني قد شدت إليها أنظار العالم، خاصة المنتخبات المتبارية وأصبحت توقعاتهم يؤخد بها حتى اللاعبون والمدربون، بعدما كانت في وقت سابق في نظر هؤلاء أنها من باب الخرافة والشعودة التي غالبا ما تلتصق بدول العالم الثالث. والطرافة في هذا الأمر، هو ان توقعات الأخطبوط الألماني بول تقوم على الإختيار بين مكعبين من الزجاج يوضع في داخلهما بلح البحر وبهما أعلام الدول المتنافسة، في ما يختار الببغاء ماني توقعاته من خلال الإختيار بين قصاصتين من الورق مطبوعتان وبهما أعلام الدول مخفية. وقد حاول لاعبو منتخب الأوروغواي إحباط تنبؤات الأخطبوط باول خلال مباراتهم أمام المانيا للتنافس حول المركز الثالث، حيث توقع فوز ألمانيا بالميدالية النحاسية، لكن محاولاتهم خلال المباراة باءت بالفشل وصدقت توقعاته في نهاية المطاف. لقد صدقت توقعات الاخطبوط في جميع المباريات الست، بما فيها هزيمته أمام المنتخب الأسباني في الدور قبل النهائي، ليحقق بذلك رقما قياسيا في مثل هذه التظاهرات العالمية، والتي كانت تقتصر مثل هذه التنبؤات على العرافين فقط قبل انطلاق المنافسات. لكن مونديال جنوب إفريقيا ، أفرز معطى جديدا وهو أن الحيوانات قادرة على أن تحل محل البشر في مجال التوقعات والتكهنات بنتائج المباريات، خاصة ان البعض حاول مرارا عدم أخد مجمل الجد بمثل هذه التنبؤات، إلى أنه في نهاية المطاف آمن بذلك وفقا للنتائج النهائية. إنها واحدة من الطرائف التي حبل بها المونديال الإفريقي الذي امتزجت فيه دموع الفرح ودموع الحزن، وبالرغم من بعض الهفوات التي عرفها التنظيم والأمن، فقد أعلنت إفريقيا أنها قادرة على رفع التحدي.