أبرز جيريمي كينان، الخبير الدولي المتخصص في قضايا منطقة الساحل وشمال أفريقيا، أول أمس الخميس بلندن، أن تورط البوليساريو في عمليات الاختطاف «يكشف للعالم أجمع الوجه الحقيقي» لهذه المجموعة الانفصالية التي تسعى لتسويق نفسها ك»حركة تحررية» مزعومة. وقال كينان، في مؤتمر نظم من طرف مؤسسة «ميناس»، وهي مجموعة للتفكير متخصصة في قضايا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تحت شعار «المخاطر السياسية والأمنية الجديدة بمنطقة الساحل»، إن تورط البوليساريو في هذه العمليات أمر «ثابت». وسجل الخبير، وهو أستاذ وباحث مشارك بمعهد الدراسات الشرق أوسطية والأفريقية التابع لجامعة لندن ومستشار لدى العديد من الشركات والمؤسسات البريطانية، في هذا اللقاء الذي ضم نخبة من رجال الأعمال، أن «البوليساريو لا يتصرف بمفرده». فهو لا يعدو أن يكون مجرد «أداة» في أيدي المخابرات والأمن الجزائريين اللذين يستخدمان مجموعات أخرى «لزرع الفوضى» في منطقة الساحل. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من التقارير الصادرة عن مجموعات تفكير دولية مرموقة، ما فتئت تحذر من تحول مخيمات تندوف، فوق التراب الجزائري والتي تتحكم فيها البوليساريو،إلى»بؤرة» لمختلف الأنشطة الإجرامية، انطلاقا من الروابط الوثيقة القائمة بين قادة الانفصاليين ونظرائهم في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وباقي المجموعات المتطرفة. كما بادرت الجمعيات الحقوقية الدولية، من جهتها، إلى التنبيه إلى حقيقة هذا الوضع المقلق ودق ناقوس الخطر بخصوصه. ففي ماي الماضي، أشارت منظمة العفو الدولية «أمنيستي أنترناسيول»، من خلال تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان في العالم برسم سنة 2012، إلى اختطاف ثلاثة عاملين في منظمات إنسانية (مواطن إسباني وسيدتين من جنسية إسبانية وإيطالية)، في أكتوبر2011 من طرف «مجموعة مسلحة من قلب مخيمات اللاجئين التي تتحكم فيها جبهة البوليساريو»، مضيفة أنه لم يتم «إطلاق سراح المختطفين في نهاية السنة». وأوضح فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط– شمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، في هذا السياق، أن الأمر يتعلق بقضية لم يتم تسويتها بعد كما لم يتم «تقديم المسؤولين عن هذا الاختطاف للعدالة»، مضيفا «إننا نعارض الاختطافات والاعتقالات التعسفية أيا كانت المجموعة التي تقوم بهذه الممارسات». ومن جهة أخرى، كان الخبير الدولي جيريمي كينان، قد أشار مؤخرا إلى أن «قضية الصحراء لن تجد طريقها إلى الحل طالما ظلت الجزائر متشبتة بمواقفها الجامدة». وقال «إن المأزق الحالي لقضية الصحراء ناجم عن تعنت السلطات الجزائرية»، مستنكرا ما وصفه ب»حلم الجزائر غير القابل للتحقق» بخصوص الحصول، في يوم من الأيام، على منفذ مباشر على الأطلسي عبر الصحراء. ولم يفت، كينان في هذا السياق، أن يستنكر ويدين بشكل واضح المعاناة والمآسي التي يعيشها آلاف الصحراويين في مخيمات تندوف، مشيرا إلى أن السكان المحتجزين يعيشون ظروف مأساوية. وأشار الخبير إلى العلاقات الوثيقة، والتي تصل إلى حد التبعية والخضوع، التي تربط البوليساريو بمديرية الاستخبارات والأمن الجزائريين مؤكدا أنه تمكن من الاطلاع على وثائق تؤكد تبعية ما يسمى بأجهزة الإعلام التابعة للبوليساريو وخضوعها لمراقبة المخابرات الجزائرية. وقال «يظهر بوضوح أن صحف البوليساريو ليست سوى جوقة» تسيرها الاستخبارات الجزائرية مسجلا وجود تشابه كبير بين خطابي البوليساريو ومديرية الاستعلامات والأمن الجزائرية بشكل يدعو إلى إثارة العديد من التساؤلات.