تصاعد الإدانات الدولية والعربية للنظام السوري قتل11 شخصا واعتقل خمسة آخرون فجر أمس الأحد، على أيدي قوات الأمن والشبيحة، وقال ناشطون سوريون إن اشتباكات عنيفة دارت بين الجيشين الحر والنظامي في أنحاء متفرقة بريف دمشق. وأكدت هيئات معارضة فشل مبادرة كوفي عنان وأنها أدت إلى نتائج تخالف المطلوب منها. فبحسب الهيئة العامة السورية، قتل عشرة سوريين في مدينة حماة بينهم سبعة تمت تصفيتهم إثر محاولتهم الانشقاق عن القوات النظامية. وتعرضت بلدات الرستن وتلبيسة والزعفرانة بمحافظة حمص لقصف بقذائف الهاون والمدفعية بشكل عشوائي مع استمرار قطع الكهرباء والماء، وذلك غداة مجزرة مدينة الحولة بالمحافظة التي راح ضحيتها أكثر من مائة شخص بينهم عشرات الأطفال. وفي العاصمة دمشق، سقط قتيل واحد إضافة إلى عدد من الجرحى بعد أن قامت قوات الأمن بإطلاق النار لتفريق مظاهرة خرجت في حي نهر عيشة. أما في إدلب فقد فتحت قوات الجيش والأمن النظاميين النيران الكثيفة بواسطة أسلحة ثقيلة على مدن جسر الشغور ومعرة النعمان وجبل الزاوية، مما أسفر عن تدمير عدد من المنازل، وفق ما ذكرته الهيئة. ويأتي ذلك بعد أن وصل عدد قتلى السبت إلى 41 شخصا على الأقل معظمهم في مدن حماة وحمص وريف دمشق. وعلى صعيد مواز، أفاد ناشطون بأن اشتباكات عنيفة دارت فجر أمس بين الجيشين الحر والنظامي في أنحاء مدينة حرستا بريف دمشق، وكذلك في البوكمال ودير الزور. وقد عمّت المظاهرات أماكن متفرقة من البلاد للتنديد بمجزرة الحولة، وتركز أغلبها في مناطق مختلفة بدمشق وريفها وحمص وحماة وإدلب وحلب شمالا والحسكة ودير الزور شرقا ودرعا جنوبا. ونظمت مدينة حماة إضرابا كاملا حدادا على أرواح ضحايا المجزرة شمل كل المرافق التجارية والخدمية في المدينة. في سياق متصل، أعلن المجلس الثوري التابع للهيئة العامة للثورة السورية، أن السوريين لم يعودوا معنيين بمبادرة مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية كوفي أنان التي تقضي بوقف العنف وإرسال فرق مراقبة إلى سوريا. وأكدت أن المبادرة «فشلت فشلاً ذريعا وأدت إلى نتائج عكس المطلوب منها، وأعطت الفرصة لمزيد من الجرائم بحق الشعب السوري». وأضافت الهيئة أن عدد القتلى بلغ أكثر من 1600 قتيل منذ تدشين المبادرة، إلى جانب الزيادة المطردة في عدد المناطق التي تم قصفها واجتياحها، وأردفت «تصاعدت طريقة الإجرام بصورة غير مسبوقة، وأكبر دليل على ذلك مبحة الحولة حيث ذبح الأطفال فيها بالسكاكين على مرأى ومسمع جيش النظام».وأكدت الهيئة تضاعف عدد المعتقلين وتلاعب نظام الرئيس بشار الأسد بالرأي العام من خلال «تفجيرات من صنعه لامصلحة للثورة بها لا من حيث المكان ولا الزمان ولا النتائج»، مشيرة إلى أن النظام لم يمنع المراقبين من زيارة أي منطقة من مناطق القصف أو القتل لكن تلك المنطقة كانت تعاقب بعد خروج المراقبين منه. وطالبت الهيئة بإعلان إنهاء مهمة أنان، وتحميله المسؤولية القانونية لما حدث خلال فترة ابتعاثه من استخدام مفرط للقوة،كما طالبت بدعم الجيش الحر للدفاع المشروع عن المواطنين وناشدته العودة إلى حماية المدنيين وحماية المظاهرات السلمية والرد بقوة على إجرام النظام وعدم الالتزام بوقف إطلاق النار. ودعت ثوار سوريا إلى رفض التعاون مع المراقبين الدوليين ومطالبتهم بمغادرة سوريا. وفي سياق الردود الدولية، تصاعدت الإدانات الدولية والعربية لمجزرة الحولة في حمص، وقادت الأممالمتحدة السبت الماضي، الدعوات إلى القيام بتحرك عاجل في سوريا بعد مجزرة قتل فيها 114 شخصا بينهم 32 طفلا. واتهم معارضون القوات النظامية بارتكابها. وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والموفد الدولي للمنظمة الدولية والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان المجزرة، معتبرين أنها «جريمة وحشية ومروعة». وأضاف أن هذه المجزرة تشكل «انتهاكا فاضحا» للقانون الدولي وتعهدات الحكومة السورية بعدم استخدام الأسلحة الثقيلة والعنف. وقال بان وأنان إن «المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة يجب أن يحاسبوا». وعقب المجزرة، توجهت بعثة المراقبين الدوليين إلى الحولة، حيث أدان رئيسها روبرت مود ما سماه «المأساة الوحشية» مؤكدا أن التدقيق الذي أجراه المراقبون كشف «استخدام مدفعية الدبابات» في قصف المدينة. وأكد مود أن المراقبين الذين ذهبوا إلى الحولة صباح السبت الماضي، تمكنوا من إحصاء «أكثر من 32 طفلا تحت سن العاشرة مقتولين إلى جانب عدد من الجثث التي تعود إلى نساء ورجال يقدر عددها بنحو ستين». وحذر مود «الذين يستخدمون العنف لأجنداتهم الخاصة بأنهم سيتسببون بمزيد من عدم الاستقرار وبمزيد من الأحداث غير المتوقعة وقد يقودون البلاد إلى حرب أهلية». من جهته، أعلن المجلس الوطني السوري المعارض أن أنان اتصل السبت الماضي، برئيس المجلس المستقيل برهان غليون منددا ب»الجريمة النكراء» في مدينة الحولة ومؤكدا أنه «سيطرح الموضوع بشكل قوي» أمام الرئيس بشار الأسد. وكان المجلس الوطني السوري دعا في بيان مجلس الأمن إلى «عقد اجتماع فوري» بعد المجزرة واتخاذ «القرارات الواجبة لحماية الشعب السوري بما في ذلك تحت الفصل السابع (من ميثاق الأممالمتحدة) والتي تتيح حماية المواطنين السوريين من جرائم النظام باستخدام القوة». من جهتها، أدانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المجزرة التي وصفتها ب»الفظيعة»، وقالت إن نظام القتل الذي يقوده الأسد يجب أن ينتهي. وتابعت «إننا نتضامن مع الشعب السوري والمتظاهرين المسالمين في المدن على امتداد سوريا الذين نزلوا إلى الشوارع للتنديد بمجزرة الحولة». وأضافت أنه «يجب معرفة ومحاسبة الذين ارتكبوا هذه الفظاعة»، مؤكدة أن «الولاياتالمتحدة ستعمل مع الأسرة الدولية لتعزيز الضغط على الأسد وأعوانه الذين يجب إنهاء حكمهم بالقتل والخوف». كما أدانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون «هول المعلومات التي تتحدث عن مجزرة وحشية ارتكبتها القوات المسلحة السورية في مدينة الحولة». وقالت آشتون «أدين بأشد العبارات هذا العمل الشائن الذي ارتكبه النظام السوري ضد مدنييه بالرغم من وقف إطلاق النار الذي تمت الموافقة عليه وبحضور مراقبي الأممالمتحدة». وأكدت أن «الاتحاد الأوروبي يدعم بالكامل جهود أنان وفريقه للدفع باتجاه عملية سياسية»، داعية الحكومة السورية إلى التنفيذ الكامل لخطة النقاط الست التي قدمها أنان. وفي لندن، دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إلى «رد دولي قوي» بعد هذه المجزرة وأعرب عن نيته المطالبة باجتماع عاجل لمجلس الأمن خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال هيغ إن «أولويتنا في مواجهة هذه الجريمة الرهيبة هي تحديد الوقائع والتحرك سريعا للتأكد من كشف هوية المسؤولين عنها ومحاسبتهم». وفي باريس، أدان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس المجازر التي وقعت في الحولة بسوريا و»الفظائع» التي يتحملها الشعب السوري ودعا المجتمع الدولي إلى المزيد من التعبئة. وقال فابيوس «أجري فورا اتصالات بهدف عقد اجتماع في باريس لمجموعة دول أصدقاء الشعب السوري»، مدينا «الانجراف الدامي» للنظام السوري نحو العنف. وفي برلين قال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله إن المجزرة «صدمته وروعته». وأكد الوزير الألماني في بيان أنه «من المروع أن النظام السوري لا يوقف العنف الوحشي ضد شعبه»، مؤكدا أن المسؤول عن هذه الجرائم يجب أن يحاسب. وعربيا أدانت دول مجلس التعاون الخليجي مساء السبت الماضي»مجزرة الحولة»، وأكدت أنها تتابع «بقلق بالغ» التطورات المؤسفة في سوريا. ونقل بيان عن الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني قوله إن دول المجلس الست «تدين وتستنكر المجزرة في بلدة الحولة من قبل القوات النظامية». ودعا «المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته لوقف نزيف الدماء في سوريا بشكل يومي». وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة دعت السبت الماضي إلى عقد اجتماع عاجل للجامعة العربية لبحث مجزرة الحولة. وفي مصر، قال وزير الخارجية محمد كامل إن ما حدث «جريمة لا سكوت عنها» وطالب بمحاسبة المسؤولين عن الجريمة بشكل رادع، واعتبر أن تأخر التطبيق الكامل والنزيه لخطة أنان والمبادرة العربية سيتسبب في استمرار القتل والعنف ضد المدنيين وسيكون لذلك عواقب كارثية على سوريا والاستقرار في المنطقة. كما أدان رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي مجزرة الحولة، ودعا جامعة الدولة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى القيام بواجبها لحماية السوريين والثأر من مرتكبي المجازر. وفي الكويت، دعا عدد من نواب مجلس الأمة أبناء قبائلهم والمواطنين إلى التبرع بالمال، لتقديمه إلى الجيش السوري الحر لشراء السلاح.