أكيد أن اقتراب المهاجم التشادي كارل ماكس داني من حسم لقب هداف البطولية الاحترافية في أول مواسمها بنسبة كبيرة، يعني أن حضور اللاعب الأجنبي ليس خافتا بالكامل، كما قد يدور في خاطر الكثيرين. فمهاجم فريق الدفاع الحسني الجديد تمكن في الجولة ما قبل الأخيرة من زيارة شباك فريق الرجاء البيضاوي في 3 مناسبات، ليزيح بجدارة مهاجم أولمبيك أسفي عبد الرزاق حمد الله من صدارة هدافي بطولتنا. ماكس بصم على موسم ممتاز من ناحيتي الأداء والانضباط، فتسجيله ل 16 هدفا، أي نصف ما سجله الهجوم الدكالي، والانضباط على مستوى الأخلاق وتعليمات مدربه، يدل على أن هذا اللاعب يستحق منا الاحترام والإشادة بمستواه. صحيح أن ماكس ليس مغربيا، لكن ذلك لا يلغي أنه يقدم الكثير لفريقه، وأن الدفاع يدين لمهاجمه التشادي بالمركز الخامس الذي يحتله، ويبقي حسابيا على آماله في التأهل إلى المسابقة الإفريقية. وبالتالي يمكن أن نصف أن إدارة الفريق الدكالي كانت موفقة في هذا الاختيار، وأن كارل ماكس واحد من أنجح الصفقات مؤخرا بالبطولة الوطنية عامة، ولعلها الأنجح فيما يخص صفقات اللاعبين الأجانب، وأن المهاجم الدكالي يتواجد في خانة أفارقة يتألقون ببطولتنا أمثال زميله فيفان مابيدي، وموسى تيغانا بالمغرب الفاسي، وإبراهيما كامارا بالنادي المكناسي، وأرنود نسيمن بشباب الريف الحسيمي. إن استحضار هؤلاء اللاعبين يأتي في سياق بدأ مستوى المحترفين الأفارقة يثير تساؤلات المتابعين للمشهد الكروي ببلادنا، عن جدوى تنافس الأندية المغربية على انتداب اللاعبين، بيد أن التساؤل يرتبط بكون الأسماء المنتدبة لا تقدم في الغالب أي شيء يذكر مقابل حصولها على امتيازات والتعاقد مع بعضها بأثمنة مرتفعة، علما أن البعض يتألق بأمكنة أخرى، لكن ما إن يصل إلى المغرب «. هنا يمكن استحضار نموذج فشل أفارقة الرجاء والوداد في إثبات أحقيتهما في حمل قميصي قطبي البيضاء، إلى درجة بات معها جمهورا الفريقين يطالبان بتسريح اللاعبين والاعتماد على منتوج مدرستيهما، ما دام المحترفون الأفارقة غير قادرين على منح الفريقين قيمة مضافة، خاصة منذ رحيل استثناءين المهاجم الودادي سابقا فابريس أونداما ولاعب ارتكاز الرجاء مامادو بايلا عن القلعتين الحمراء والخضراء. الأكيد أنه لا توجد أي ضغينة للأفارقة في حالة تألقهم على حساب لاعبينا، فنظرة على أقوى الدوريات بالعالم (الليغا الإسبانية مثلا) ستؤكد لك أن نجومها ليسوا أبناء البلد، بل على العكس فإن ظهور هؤلاء بمستوى طيب يعود بالنفع على الفرق الوطنية خاصة في المنافسات القارية، كما أن ذلك يشكل استثمارا جيدا لها، ويعود بالنفع على خزائن الأندية في المستقبل من الناحية المادية، عندما تقرر بيع لاعبيها إلى أندية أخرى بالخليج أو أوروبا أو غيرها، كحالتي أونداما وبايلا. لكن الإشكال المطروح بشدة: لماذا تستمر الأندية في التهافت على المحترفين الأفارقة، ومتى ستستمر دون قيود أو حدود تقنن انتقال الأفارقة بشكل فوضوي وما يشوب صفقات انتقالهم وعقودهم من «تخلويض وتبزنيس»، علما أن المسؤولين عن الكرة الوطنية كانوا قد حاولوا الرفع من قيمة المحترف الإفريقي بالبطولة الوطنية باشتراط دولية هؤلاء اللاعبين، لكن هاته المحاولة لم تنجح في بلوغ الهدف المنشود. والحقيقة أن الرفع من قيمة البطولة الوطنية ومستواه يحتاج إلى الاهتمام بمسألة احتراف الأجانب ببطولتنا، حيث أن السبب الحقيقي وراء قدوم مجموعة من اللاعبين الأفارقة إلى المغرب مادي صرف ويرتبط بفترة وجيزة، وأن أيام مقامهم تنتهي عندما ينجح المحترف بتحسين ظروفه المالية، كبوابة لعروض يسيل لها اللعاب، ولكن بطبيعة الحال غن استطاع أن يفرض ذاته بالبطولة الوطنية. خلاصة القول أنه لا يوجد مانع من أن يتوهج الأفارقة ويسرقوا الأضواء من اللاعبين المحليين، لكن المرفوض هو أن تصبح بطولتنا مقبرة للأفارقة المنتهية صلاحيتهم كرويا، أو مقتصرة على توهج ظرفي ومنحصر في فئة قليلة. توهج ما يلبث أن يزول عند أول عرض يسيل له لعاب المحترف الإفريقي ليترك بطولة مهما قيل عنها، فقد كانت في بزوغ شمس نجوميتها في المستطيل الأخضر.