أثارت التصريحات التي أدلى بها بعض الحكام في حق بعض أعضاء اللجنة المركزية للتحكيم خلال برنامج «المريخ الرياضي» الذي يقدمه الزميل عادل العماري على أمواج (راديو مارس)، الكثير من الجدل داخل مجال التحكيم، خصوصا في ظل التهميش والحيف الذي طالهم لحسابات شخصية. وكان آخر هذه التصريحات تلك التي أدلى بها الحكم محمد مشمور الذي وجه اتهامات مباشرة إلى عبد الرحيم العرجون، باعتبار أنه كان وراء توقيف نشاطه في قيادات المباريات بدون سبب بالرغم من تدخلات رئيس الجامعة على الفاسي الفهري، ورئيس لجنة التحكيم أحمد غيبي، وأن كل الأجوبة التي كان يتلقاه حسب قوله كانت عبارة عن وعود لاغير.. وبناء على هذه الإتهامات زارت الشرطة القضائية راديو مارس، وتسلمت مجموعة من التسجيلات لحلقات البرنامج المذكور سالفا، والتي من شأنها أن تعرض على الضابطة القضائية ووزير العدل للتحقيق فيها، بهدف محاربة الفساد الذي بات ينخر هذا الجسم الرياضي الذي يعد بمفاجآت خطيرة قد تضع ميدان التحكيم في موقف لا يحسد عليه، وبالتالي أنها قد تعصف بالعديد من الأسماء التي كانت بالأمس القريب محل ثقة من طرف جميع متدخلي الشأن الكروي ببلادنا. يظهر من خلال تصريحات الحكم مشمور وممن سبقوه، أن مديرية التحكيم رفعت شعار «الفيتو» في حق العديد من الحكام الذين لم يستجيبوا لنزوات مسؤوليها الذين حاربوا كل حكم سولت له نفسه أن يتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعوها، دون النظر إلى كفاءته ونزاهته، وإن كنا نؤمن بالمثل القائل «ولاد عبد الواحد ڭاع واحد». ولعل القاسم المشترك بين هؤلاء الحكام الذين سردوا قصصهم لراديو مارس، هو لجوؤهم إلى العدالة أملا في إنصافهم ورد الإعتبار إليهم، باعتبار الضرر الكبير الذي لحقهم من طرف المديرية التي لم ترد على هذه الإتهامات، حيث تعاملت بمبدإ «الصمت حكمة». إذا فالمديرية تعاملت مع هؤلاء الحكام المتضررين بمنطق الإقصاء والتهميش وإن كان ذلك على حساب المهنية والكفاءة، لأن تشبيب هذا الميدان كان من الضروري أن يكون تدريجيا دون الإستغناء كليا عن أصحاب الخبرة، خصوصا في ظل التحول الكبير الذي تعيشه كرة القدم الوطنية من خلال الإنتقال إلى عالم الإحتراف، والذي يستوجب تحكيما نزيها بعيدا عن كل الشبهات والإحتجاجات كما حصل في بطولة هذا الموسم. تاسيسا على كل هذا مازالت الأخطاء التحكيمية ترخي بظلالها على المباريات الحاسمة، وذلك في غياب عقوبات ردعية في حق بعض الحكام بالرغم من الأخطاء التي تتكرر في كل أسبوع، وكأن مديرية التحكيم لاتستند إلى لقطات «الفيديو»، من أجل الفصل في بعض الحالات ، كما هو الشأن داخل الدوري الإسباني حيث يتم إلغاء البطاقات إذا ما تبين أن اللاعب مظلوم.. فمشاكل التحكيم مازالت تراوح مكانها، والسبب هو أن مديرية التحكيم غالبا ما تمنح الفرصة للحكام الشباب خلال المباريات التي تعتبر قمة الدورة، وذلك من أجل إبراز مواهبهم واكتساب عنصر التجربة، وتعيينهم لبعض مباريات القمة، وهي فرصة نادرا ما تمنح لهؤلاء على اعتبار الأجواء التي تقام فيها مثل هذه اللقاءات. والدليل على أن التحكيم المغربي مازال لم يرق نحو الأفضل، هو الغياب الذي عرفه في العديد من التظاهرات الإفريقية، باستثناء الحكم المساعد رضوان عاشق، ومواطنه بوشعيب الأحرش، اللذان حضرا البطولة الإفريقية الأخيرة، وهي رسالة موجهة إلى رئيس اللجنة المركزية للتحكيم وكذا المديرية، من أجل البحث عن موقع الخلل وإيجاد حلول ناجعة لوقف تجاوزات بعض الحكام التي غالبا ما تساهم في تغيير نتائج المباريات، بدل الدخول في حسابات لاتجدي نفعا، وبالتالي تنعكس سلبا على هذا الميدان. كما أنه لابد من إعادة النظر في ترقية الحكام والتي يجب أن تخضع لمقاييس منطقية تعتمد أساسا على الكفاءة والنزاهة، وليس المحسوبية كما هو الشأن بالنسبة لبعض الحكام الدوليين الذين أثيرت حولهم العديد من الشبهات خلال قيادتهم للمباريات.