عقدت الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، بداية الأسبوع الجاري، بالرباط اجتماعا ثانيا خصص لمناقشة منهجية الاشتغال خلال الأشهر القادمة وذلك بمشاركة شخصيات تمثل مؤسسات دستورية وفعاليات من المجتمع المدني. وقال وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، في تصريح لقناة «الأولى»، إن هذه المنهجية ستمكن من تناول كافة المعطيات المرتبطة بهذا الحوار، وكذا بشكلياته ومساطيره وشروط المشاركة فيه وصولا إلى الطريقة المثلى لإنجاح أشغال الهيئة. وأجمع أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة على الأهمية القصوى التي تكتسيها أشغال الهيئة وتأثير النتائج التي سيتوصلون إليها في مستقبل قطاع القضاء وخاصة على مستوى استقلال السلطة القضائية والتخليق وتحديث المحاكم وضمان المحاكمة العادلة. وكان وزير العدل والحريات الذي استضافته قناة (ميدي1 تيفي) في برنامجها «ملف للنقاش» الذي خصص للحوار الوطني لإصلاح العدالة، أكد أن كل الضمانات متوفرة لإنجاح إصلاح العدالة وفي مقدمتها الدستور الجديد الذي حسم في العديد من القضايا الأساسية المرتبطة بتحقيق هذا الإصلاح. وأوضح الرميد، أنه من بين الضمانات الأخرى لإنجاح هذا الإصلاح الإرادة الملكية المعبر عنها في العديد من المناسبات للسير قدما في هذا الأمر، والمتجسدة أيضا في دعمها للهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة. وأضاف أن الضمانة الأخرى تتمثل في كون هذه الهيئة تضم الهيئات الحكومية والقضائية والحقوقية وفعاليات المجتمع المدني، مشددا، على ضرورة انخراط كل الفاعلين في منظومة الإصلاح «كي نحس أننا نؤسس لمرحلة جديدة في الإصلاح». واعتبر الوزير في هذا الصدد أن إصلاح العدالة عملية معقدة ومعادلة صعبة نظرا لارتباطه بالاستقلالية وإشكالية التخليق والتأهيل ولكثرة المتدخلين وتعقد المساطر، قائلا إنه «سيرورة لا تتوقف بالانتهاء من تأسيس الميثاق الوطني للعدالة». من جهتها، أكدت رجاء ناجي مكاوي، عضوة الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، أن هذه الأخيرة تعتمد مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار كافة العناصر الأساسية في الإصلاح، داعية للتمييز بين الحوار الوطني الذي يحاول أن يجمع كافة العناصر، وبين المقاربة المطلبية والنضالية التي تطالب بها العديد من الهيئات المغربية للوصول إلى تصور تشاركي في إصلاح منظومة العدالة. واعتبرت أن هناك حاجة لتشخيص أكبر لملامسة كافة المشاكل الأساسية، منها ما يرتبط بالخريطة القضائية والموارد البشرية المتوفرة، داعية للوقوف عند المشاكل البنيوية التي قد تعيق تحقيق العدالة، كعدم كفاية عدد القضاة لتغطية كافة التراب الوطني، أو الحيز الزمني الذي تتطلبه دراسة الملفات أمام المحاكم. من جانبه، أكد المحلل اقتصادي والمتخصص في السياسات العمومية، خالد بنعلي أن إصلاح العدالة سيحفز الاستثمار والمقاربات التنموية، قائلا إن منظومة القضاء لم تعد حكرا على أطراف معينة، بل أضحت مشروعا مجتمعيا يقتضي انخراط الجميع فيه لإرساء أجواء الثقة. وأبرز أن مقتضيات الدستور الجديد حددت بوضوح مسار ضمان حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، معتبرا أنه مهما كانت التكلفة التي ينتجها الإصلاح من زاوية المعالجة الاقتصادية، فإنه استثمار لأنه يضمن عدالة تعمل على تحفيز الاستثمار.