المتهم يشعر الوكيل العام للملك والرئيس الأول باستئنافية الدار البيضاء بإضرام النار في جسده يوم التنفيذ لم يكن السيد (العربي.ر) يظن أن الأرض المسماة «الولجة» التي يحوزها منذ 10 سنوات ويتصرف فيها تصرف المالك في ملكه، سيصدر بشأنها حكم قضائي ينتزعها منه، ويمنحها على طابق من ذهب الى خصمه، (ق.م)، خاصة وأن هذا الأخير سبق وأن باعه القطعة الأرضية بيعا تاما ناجزا لارجعة فيه، لكن لأن الأرض غير محفظة، فإن هناك أساليب عدة تجعل الشخص يبيع الأرض ويقبض ثمنها، ويحرر عقد شراء عدلي بشأنها ثم يعود لمقاضاة المشتري مستغلا تعدد الأسماء للبقعة الواحدة. لكن قضية العربي أخذت منحى آخر، فالرجل حاز البقعة لمدة 10 سنوات بدون منازع ولا معارض، وله في ذلك شهود لفيف عدلي، والشهود حضروا أمام المحكمة وأقسموا بان العربي هو الحائز وأن خصمه لم يسبق له أن حاز البقعة، لكن جاء الحكم القضائي «مفاجئا «بل و»صادما» له على حد تعبيره، حيث رجحت المحكمة كفة من لا شاهد له على كفة صاحب 17 شاهدا، وأدانت المحكمة بذلك العربي بجنحة انتزاع حيازة عقار وحكمت عليه بإرجاع الأرض الى خصمه، لكن العربي الرجل الفلاح المتعلق بأرضه وبحقه قرر التصعيد واشعر الوكيل العام للملك ومعه الرئيس الأول بمحكمة الاستئناف برغبته في إضرام النار في نفسه يوم تنفيذ الحكم الذي يعتبره «ظالما ومنحازا». سلبت مني أرضي ظلما وبدون حق منذ 10 سنوات خلت، والعربي يحوز البقعة المسماة «الوالجة» الكائنة بالجماعة القروية للزيايدة دوار أولاد وهاب بمدينة ابن سليمان، حازها من مالكها، (ق.م) الذي سلم للعربي البقعة بنظام «الخبزة»، ونظام الخبزة هذا شكل من أشكال الكراء، بموجبه يعمل العربي على زراعة الأرض بعد حرثها والاهتمام بالمحصول الى أن يصل موعد الجني، عندها يأخذ العربي ثلثي المحصول في حين يأخذ مالك البقعة الثلث الباقي، وهذه عادة مألوفة بين الفلاحين، فمنذ أن توفى والد (ق.م) وهذا الأخير يسلم الأرض المسماة «الولجة» الى العربي بنظام «الخبزة» ،قبل أن يعمد (ق.م) ليبيع البقعة المذكورة الى العربي، بموجب رسم شراء عدلي صحيح، وبذلك أصبح العربي مالكا للبقعة المسماة «الولجة»، طبعا كل هذا يعززه العربي بشهود وبلفيف عدلي من سكان الدوار حيث توجد البقعة ، لذلك فإن الحيازة والملكية هي للعربي، بقوة القانون، وعلى من يدعي العكس أن يثبت ما يدعيه، لكن (ق\م) كان له رأي آخر، فقد حرر شكاية رفعها الى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بابن سليمان زعم فيها انه هو الحائز للبقعة المسماة الولجة، وزاد في زعمه انه تفاجأ بالعربي ينتزع حيازة البقعة منه ، واستمعت الضابطة القضائية للعربي الذي أدلى بحججه معتقدا أن الأمر لا يعدو أن يكون محاولة يائسة من خصمه لأجل استرداد ارض سبق له أن باعها له، لكن مجريات الأحداث بدأت تتطور شيئا فشيئا ، حيث سطر وكيل الملك المتابعة للعربي وتابعه بانتزاع حيازة عقار وأحاله على جلسة الحكم لتقول كلمتها فيه، وأمام المحكمة الابتدائية في ابن سليمان، أدلى العربي بشهود لفيف عدلي من سكان الدوار يشهدون أن العربي هو الحائز للبقعة المسماة الولجة منذ 7 سنوات، واقسم الشهود على ذلك، لكن المحكمة الابتدائية أصدرت حكما ضد منطق الأشياء وقررت إدانة العربي من أجل جنحة انتزاع حيازة عقار، قضت عليه بإرجاع البقعة الى خصمه وتمكينه من تعويضات قدرها 20000 درهم، دون أن تبين المحكمة الأساس الذي اعتمدته في الإدانة وكذا المعايير التي اعتمدتها في قيمة التعويضات، علما أن التعويضات وإن كانت تخضع للسلطة التقديرية للقاضي، فإن القاضي يتعين عليه أن يبين المعايير المعتمدة في تحديدها. وقد خلف هذا الحكم استياء عميقا في نفوس سكان الدوار من الشهود الذين يعرفون أن العربي هو الحائز، وان خصمه لم يسبق له أن حاز البقعة، ولم يتقبل العربي الحكم، وإيمانا منه أن الجميع يعمل اليوم على محاربة الفساد، ثم المبادرة الملكية بإصلاح القضاء، فخرج في مسيرة احتجاجية، حمل فيها لافتة كتب عليها «قاضي سلبني ارضي فهل أضرم النار في جسدي». تطمينات خادعة ثارت ثائرة العربي، وقصد رئيس المحكمة الابتدائية بابن سليمان يشكو له ملفه ويشرح له كيف خرج الملف عن السياق القانوني، والعربي يدلي بحججه أمام رئيس المحكمة الذي وعده بالإنصاف أمام محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، ووجهه إلى الطعن بالاستئناف ضد الحكم الابتدائي، وطلب منه عدم التصعيد، وان الحكم هو ابتدائي وليس نهائيا، فعدل العربي عن فكرة إضرام النار في جسده، وطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي، وعند تعيين الملف أمام محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، رفع العربي شكاية الى الرئيس الأول بذات المحكمة وشرح له تفاصيل الملف وخلفياته وخباياه، ومن الخبايا أن خصم العربي رجل له نفوذ وجاه، بدوره طمأنه الرئيس الأول وراسله بكتاب ووعده شفاهيا بالإنصاف إن كان صاحب حق، وطلب منه استقدام الشهود من جديد أمام محكمة الاستئناف، وفعلا حضر 10 شهود، اقسموا أمام محكمة الاستئناف بان العربي هو الحائز للبقعة منذ 10 سنوات، وان خصمه (ق\م) لم يسبق له أن حاز البقعة او تصرف فيها، فهدأ روع العربي واطمأن قلبه، خاصة وان الحديث عن التصدي للفساد ومحاربة الرشوة ، بات حديث الساعة، وانه لا يمكن لمسؤول أن يتلاعب بملف ، لكن وبعد أن استمعت محكمة الاستئناف لشهود العربي، وطرحت عليهم العديد من الأسئلة، أصدرت حكمها بتأييد الحكم الابتدائي، علما أن خصم العربي لم يدل بأي شاهد أمام محكمة الاستئناف، واكتفى بشاهدين أمام المحكمة الابتدائية احدهما له مع العربي نزاع قضائي والثاني يقطن بعيدا عن البقعة موضوع النزاع بمسافة 20 كيلومتر حسب محضر معاينة واستجواب مدلى به في الملف. من الظلم ما أحرق الذات ثار العربي ودخل مكتب القاضي مصدر الحكم، هذا الأخير طلب منه الطعن بالنقض في الملف، وأنهى حواره مع العربي، لكن العربي يعرف أن الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف هو حكم نهائي قابل للتنفيذ، وان الطعن بالنقض لن يوقف التنفيذ، فأدرك انه تم الإجهاز على حقه ظلما، وبحكم قضائي يفتقد للأساس القانوني، وأمام تعلقه بأرضه وإيمانه بعدالة قضيته، رفع العربي إشعارا إلى كل من الوكيل العام للملك باستئنافية الدارالبيضاء والى الرئيس الأول بمحكمة الاستئناف بنفس المحكمة يشعرهما بصدور حكم وصفه ب»الجائر» ضده، ويشعرهم انه قرر إضرام النار في جسده يوم تنفيذ الحكم المذكور في ساحة محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، من اجل لفت الانتباه الى أن هناك اختلالات في الحكم بين الناس ، وان القانون هو مجرد قطعة ثلج لا تقاوم حرارة النفوذ والجاه، وان الظلم يصل بصاحبه الى أن يحرق جسده بحثا عن العدالة.