أظهر تقرير بعنوان «نظرة على الإعلام العربي 2015-2011» أصدره نادي دبي للصحافة تراجعا حادا في الإنفاق على الإعلانات في خضم الربيع العربي وانحسارا متزايدا للصحافة المطبوعة مقابل صعود واضح للإعلام الرقمي. كما أظهر التقرير، الذي أوردته وكالة فرانس برس، مطلع هذا الأسبوع، أن البرامج المستوردة لاسيما المسلسلات التركية والبرامج الترفيهية المعربة لا زالت تسيطر بشكل كبير على محتوى قطاع التلفزيون، بينما تشهد جماهير دول الربيع العربي، خصوصا مصر وتونس، إقبالا متزايدا على استهلاك الإنتاج التلفزيوني السياسي المحلي الصرف. وذكر التقرير الذي أعده النادي مع شركة «ديلويت» العالمية للاستشارات والتدقيق، أن «صناعة الإعلام قد تأثرت بشكل حاد بتراجع ثقة المعلنين، حيث تراجع الإنفاق على الإعلان عبر المنطقة العربية بمعدل 12 في المائة في 2011». وذكر التقرير الذي يشمل 19 بلدا عربيا و يركز خصوصا على مصر والسعودية والامارات والمغرب، أن الإنفاق على الإعلان الذي يعد عصب القطاع الاعلامي تراجع بنسبة 30 في المائة في مصر و45 في المائة في البحرين و45 في المائة في ليبيا، بينما سجل العراق نسبة نمو استثنائية في الإنفاق على الإعلان بلغت 85 في المائة. وتوقع التقرير أن يعود الانفاق للنمو بنسبة تبلغ 9،5 في المائة سنويا حتى سنة 2015، وذلك بفضل الانتعاش المتوقع للسوق المصرية ونمو قطاع الإعلان في المنصات الرقمية. وبحسب التقرير، سيصل حجم الإنفاق الإعلاني في العالم العربي إلى 95،5 مليارات دولار سنة 2015. وأوضح ايمانويل دورد محرر التقرير والمدير في ديلويت، في تصريح لوكالة فرانس برس أن «تراجع الإنفاق محدد في الزمان ومرتبط بأحداث الربيع العربي». وبلغت حصة الفرد من الإنفاق الإعلاني سنة 2011 في الولاياتالمتحدة 466 دولارا، وفي أوروبا الغربية 262 دولارا، بينما حصة الفرد في المنطقة العربية لم تتجاوز 9،15 دولار. وقد بلغت نسبة الإنفاق على الإعلان في العالم العربي 23،0 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة ب 97،0 في المائة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. واعتبر التقرير أن الصحافة المطبوعة «تواجه منعطفا خطرا» حيث سجلت تراجعا متواصلا في حصة الصحافة المطبوعة من إجمالي الإنفاق في الإعلان منذ سنة 2007 ونتوقع استمرار هذا الاتجاه. وتراجعت حصة الصحافة المطبوعة من الإنفاق على الإعلان من 46 في المائة سنة 2009 إلى 42 في المائة سنة 2011 فيما أظهرت المجلات، خصوصا النسائية، قدرة أكبر على التكيف والاستمرار، في حين لم ينجح سوى عدد محدود من المطبوعات في التحول إلى الرقمي في ما يعرف بظاهرة «الهجرة الإلكترونية». وبالنسبة للإعلام الجديد، الذي يتمثل في إعلام التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، قال ايمانويل دورو أن حجم الإنفاق الإعلاني في هذا القطاع ما زال يبلغ معدل 4 في المائة فقط في العالم العربي مقارنة ب 35 في المائة في بريطانيا، موضحا أن «المنطقة ما زالت متأخرة جدا في هذا المجال مقارنة بدول أخرى متطورة أو أقل تطورا». وتوقع التقرير أن يتزايد الإنفاق في المنصات الرقمية بنسبة 35 سنويا حتى سنة 2015 ليشكل عام 2015 حوالى 10 في المائة من إجمالي الإنفاق. وأظهر التقرير أن القنوات الفضائية المجانية، وعددها حوالى 540 قناة، ما زالت تهيمن على قطاع التلفزيون، إلا أن الفضائيات الأساسية مثل «ام.بي.سي» و»روتانا» تسيطر بشكل كبير على المشهد. وبلغت عائدات الإعلان في التلفزيون سنة 2011 حوالى 9،1 مليار دولار، بينما توقع التقرير أن تصل إلى 4،2 مليار دولار سنة 2015. وفي كل الأحوال، وبالرغم من «المؤشرات السلبية الناتجة عن تداعيات الربيع العربي، رأى التقرير أن التأثير الأكثر استدامة لهذه الأحداث سيكون تقدم حرية التعبير الذي يخدم قطاع الإعلام».