أجمعت شهادات قدمت، مساء يوم الثلاثاء الماضي بسلا، في حق المجاهد الراحل الحاج أحمد معنينو على عمق مساره النضالي على الصعيدين السياسي والفكري. وأبرزت هذه الشهادات، خلال لقاء تكريمي ضمن فقرات الدورة الرابعة لمهرجان سلوان الذي تنظمه جمعية سلا المستقبل تكريما لهذا لمناضل، أن الراحل كان وجها ساطعا للحركة الوطنية و مناضلا فذا ووطنيا غيورا. وفي مداخلة حول «الحاج أحمد معنينو وحزب الشورى والاستقلال»، تناول معروف الدفالي، أستاذ جامعي، المسار السياسي للراحل من خلال علاقته بالحزب وكذا أوجه التشابه فكريا بينه وبين المجاهد محمد بالحسن الوزاني، مبرزا أن معنينو، فضلا عن أنه كان مناضلا سياسيا وانخرط مبكرا في تأسيس خلايا للمقاومة والتحرير بعدة مدن مغربية، كان رجلا متفتحا على الحوار والتجديد والحداثة وصوفيا يجمع بين «الليبرالية سياسيا وبالسلفية اعتقادا». وأشار إلى أن الراحل، وبفضل وفائه لمبادئه واختياراته، قام خلال فترة الانشقاقات التي عاشها حزب الشورى والاستقلال سنة 1959، بدور أساسي في محاولة إرجاع الكثير من الأشخاص الذين انشقوا عن هذا الحزب، مؤكدا أن هذا المناضل الذي يعد من بين مؤسسي الحزب والمناضلين داخله والذي أشرف على إحداث خلايا للمقاومة وفروع تابعة له «عاش شوريا ومات شوريا». ومن جهته، تطرق الأستاذ الجامعي العربي الواحي، إلى الممارسة النضالية للراحل، مشيرا إلى أن هذا الأخير كان رجلا شعبيا ومرتبطا بالفئات الاجتماعية المعوزة ومؤازرا لها لاسيما فئة الصناع الحرفيين بمدينة سلا. وتوقف المتدخل عند سنة 1937، مبرزا أن هذه السنة شكلت منعطفا حاسما في تاريخ المغرب لكونها تميزت باتساع رقعة الانتفاضة ضد سلطات الحماية الفرنسية، لاسيما لدى الصناع الحرفيين الذين عانوا من سياسة التهميش لتمتد بعد ذلك هذه الانتفاضة من البادية إلى المدينة. من جانبه، تناول الصديق معنينو، نجل الراحل، جانبا من الحياة السياسية والوطنية لوالده، مبرزا أن هذا الأخير، الذي شارك في أول مظاهرة له بسلا وعمره لا يتجاوز سبع سنوات، وجد الساحة السياسية والنضالية بالمدينة مليئة بمناضلين ومجاهدين ومفكرين من رجالات المدينة شكلوا قدوة لأبنائها في مجال النضال والمقاومة والانتفاضة. كما وقف المتدخل عند ظروف رحلة والده الأولى إلى المشرق العربي وهو ابن 24 سنة، مبرزا أن والده نهل هناك العلم من عدة علماء كما التقى بعدد من المناضلين والسياسيين. كما كان المجاهد معنينو، يضيف المتدخل، رجلا تربويا اشتغل مدرسا في سلك التعليم الحر بمدينتي تطوان وطنجة، فضلا عن أنه ساهم في إغناء الحقل الثقافي بسلا، كما أعطى إشعاعا للعمل الجمعوي حيث شارك في تأسيس عدة جمعيات ثقافية ورياضية وكشفية وإحسانية. وللراحل، الذي توفي سنة 2003 عن عمر 97 سنة، عدة مؤلفات منها «مذكرات وذكريات» في 11 جزء التي تعد سجلا حافلا ومرجعا يعرف بالتطورات السياسية التي عرفها المغرب وتؤرخ لمسار شخصيات وطنية ساهمت في حملة النضال من أجل نيل الحرية والاستقلال والديمقراطية، إضافة إلى كتب من قبيل «شعراء سلا في القرن 14 هجري- 19 ميلادي»، و»المجلس الوطني الاستشاري ومعارضة حزب الشورى والاستقلال»، و»محمد حسن الوزاني الداعية الديمقراطي المجاهدة». كما أصدر كتابين حول مظاهر التعذيب بالسجون في تلك المرحلة وهي «دار بريشة: قصة مختطف» و «من مظاهر التعذيب الحزبي أو دار بريشة الثانية». ويشار إلى أن الهدف من مهرجان سلوان، الذي تستمر فعالياته إلى غاية 29 أبريل الجاري تحت شعار سلا.. الذاكرة والإبداع»، هو المساهمة في إبراز طاقات مدينة سلا الإبداعية والتعريف بذاكرتها وبشخصياتها واستثمار إمكانياتها الفكرية الأدبية ومؤهلاتها الفنية، فضلا عن إحياء تراثها الحضاري. ويتضمن برنامج هذه الدورة تنظيم ندوات فكرية ولقاءات ثقافية وعروض مسرحية وسينمائية ومعارض تشكيلية ولقاءات تكريمية، فضلا عن دوري في كرة القدم داخل القاعة، وذلك بعدة فضاءات، منها،على الخصوص، الفضاء الثقافي «هوليود» وإعداديتي عبد المالك السعدي والسيدة الحرة بتابريكت، والخزانة العلمية الصبيحية، وقاعة فتح الله البوعزاوي.