صدرت مؤخرا الباكورة الروائية للكاتب المغربي محمد مكرم، بعنوان «وادي الرقيم»،وبهذه المناسبة كتب المؤلف شهادة يسرد فيها تجربة إخراج هذا العمل الأدبي إلى النور، ومما جاء في شهادته «كتبت رواية وادي الرقيم في الفترة الممتدة من أواخر سنة 1986 إلى نهاية 1987. كنت أكتب طيلة هاته الفترة و أنقح و أعيد التنقيح في ظل ظروف صعبة تتمثل في إكراهات الحياة اليومية حيث لا تفرغ للكتابة الأدبية : العمل بالمكتب الشريف للفوسفاط، وما يتطلبه العمل الشاق هذا ، زيادة على مشاكل و متطلبات إعالة الأبناء. وقد عانيت الأمرين في التوفيق بين ظروف العمل و بين الكاتب الإنسان حيث الإكراهات تتوالد و تؤثر على جموح وجدان وخيال وأفق نظر الكاتب، وعلى قلق الإنسان في تدبير الحياة اليومية. وسارت بي إكراهات الحياة اليومية نحو المجهول. المهم أن الرواية أنجزت في الفترة المذكورة سابقا، و ظلت مخطوطة طيلة 25 سنة، مركونة في غرفتي الخاصة بالكتابة: محرابي. نجح كفاحي في الحياة. كبر الأبناء و استقروا عائليا و حياتيا، وتحسنت أوضاعي المادية وزال بعض نضالي ضد تلك الإكراهات ، و بت أعيش تفرغا للكتابة الأدبية منها والإعلامية، استقررت في مدينة سلاالجديدة، تعرفت إلى كاتب يقيم بها واسمه ووجهه مألوفان لدى النخبة الأدبية والثقافية بشكل خاص، إنه القاص والكاتب المسرحي هشام حراك. منحته مخطوط الرواية ، وفي ظرف لم يتجاوز 72 ساعة فاجأني بمكالمة هاتفية يطلب مني فيها لقاء على وجه السرعة في مقهى « كلوريا» التي اعتاد ارتيادها بنفس المدينة. كان مبشورا و قال لي بالحرف : هنيئا لك أخي محمد مكرم ، لقد كتبت رواية رائعة ، قبل أن يضيف: حرام أن تظل مخطوطة مركونة في بيتك، قم بطبعها. وبعدها كان لي شرف لقاء مشترك أنا وهشام حراك بالناقد المغربي والعربي الكبير والإنسان الشهم النبيل الأستاذ نجيب العوفي الذي -بأريحية غير معهودة، وبعد أن سلمته مخطوط الرواية، وهي طويلة و تبلغ ما يربو من 280 صفحة مخطوطة- وعدني بقراءتها و بإسدائي رأيه الصريح فيها، فكان أن تطابق رأيه مع هشام حراك وكان أن غامرت بما يربو من المليونين من السنتيمات، رغم وعيي بظروف وواقع النشر والقراءة بالمغرب، وكان أن خرجت هاته الرواية إلى النور».