صدر عن الاجتماع الخاص برؤساء وممثلي أندية قسم الصفوة بيانا يعلنون فيه موافقتهم من حيث المبدأ على أداء ضريبة على دخل الرياضيين، لكن على أساس شروط وقوانين تفضيلية ومخصصات مالية، كما تم تعيين لجنة مهمتها كما جاء في البيان» مخاطبة المسؤولين الحكوميين والأجهزة الوصية والخبراء ووسائل الإعلام...» ومن بين النقط التي تسترعي الانتباه في هذا البيان الإعلان عن تأسيس نادي الرؤساء ل «العمل جنبا إلى جنب مع جهاز الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم». وإذا كانت الموافقة من حيث المبدأ على أداء الضريبة يمكن أن يشكل مدخلا لحل مشكل يهز أركان من تعودوا على الكسب بدون تقديم واجبات، وأساسها الضريبة على الدخل التي تعتبر واجبا وطنيا لا محيد عنه، إلا أن الشروط التي وضعها الرؤساء تجعل المفاوضات مع الجانب الحكومي طويلة ومتشعبة، مراعاة لخصوصيات الممارسة الرياضية واختلافها عن باقي المهن. هذا النقاش والأخذ والرد، جاء ليسلط الأضواء من جديد على دور المسير داخل المنظومة الرياضية عامة وكرة القدم على الوجه الخصوص، دور تختلف حوله الآراء ووجهات النظر وحتى المعطيات، لكنها تجمع على حدوث متغيرات جعلت من دور هذا الفاعل الأساسي موضع الكثير من التساؤلات وحتى الاتهامات... وإذا كان تاريخ الرياضة الوطنية يحتفظ بأسماء كبيرة ساهمت في بناء صرح الرياضة الوطنية، مسيرون قدموا الغالي والنفيس من أجل جعل النادي قلعة للتربية على المواطنة والروح الرياضية العالية والدفاع على القميص الوطني باستماتة ونكران الذات. تغير الواقع الآن، وأصبح المسير من طينة عبد الرزاق مكوار، محمد دومو، عبد الرحمان بالمجدوب، مصطفى بالهاشمي، مصطفى محروس، محمد العرابي، عبد الواحد معاش... عملة ناذرة، غادروا الساحة لأسباب مختلفة منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، لتترك الساحة لنماذج تجعل من الرياضة وسيلة للوصول إلى غايات ظاهرها رياضي، لكن باطنها يخفي الكثير من الفظائع والحالات المسيئة للرياضة والرياضيين. صحيح، أن هناك مسيرين نزهاء يشهد لهم بالكفاءة، لما قدموه من خدمات جليلة لفائدة أنديتهم، لكن الأغلبية الساحقة من أشباه المسيرين أصبحوا يسيؤون في الأرض، تجدهم يبرزون بدور ملتوي وبشعارات براقة، مستغلين بعض وسائل الإعلام التي لا تتحرى قبل أن تجعل من هذا أسماء أو ذاك أهرامات لكن من ورق. أمام ضبابية الصورة اختلط الغث بالسمين، وهيمنت النماذج السيئة على الساحة، ليخفت دور النزهاء، في وقت أصبح الناذر لا قيمة له. وقد جاءت الرسالة الملكية خلال المناظرة الوطنية حول الرياضة المنعقدة بالصخيرات خريف سنة 2008، لتضع الأصبع على مشكل حقيقي اسمه التسيير الرياضي، فقد جاء في هذه الرسالة التاريخية بخصوص التسيير داخل المنظومة الرياضية: «...ومن التجليات الصارخة لاختلالات المشهد الرياضي، ما تتخبط فيه الرياضة من ارتجال وتدهور واتخاذها مطية، من لدن بعض المتطفلين عليها، للارتزاق أو لأغراض شخصية، إلا من رحم ربي من المسيرين الذين يشهد لهم تاريخ الرياضة ببلادنا بتضحياتهم بالغالي والنفيس من أجلها، جاعلين الفرق والأندية التي يشرفون عليها بمثابة أسرتهم الكبيرة ولاعبيها في منزلة أبنائهم...». كلام جميل.. وكلام معقول، يقف على كل الحقائق التي يفرزها الواقع المعاش، وذلك بتسليط الأضواء على مواقع الخلل، مع إنصاف الذين جعلوا من الفرق والأندية في مقام عائلتهم الكبيرة. إنشاء ناد خاص بالرؤساء، خطوة تطرح العديد من الأسئلة حول هذا المولود الجديد، والدور الذي يمكن أن يقوم به، فقد سبق أن طرحت هذه الفكرة أواسط التسعينيات القرن الماضي، ليتبين أن الأمر غير ممكن، لتطرح من جديد كمشروع قاده محمد الكرتيلي سنة 2005، مباشرة بعدما غادر مكرها المكتب الجامعي الذي كان يرأسه حسني بنسليمان، إلا أن هذا المشروع لم يخرج إلى حيز الوجود، نظرا للفيتو المقدم من طرف الجامعة، ليتراجع أغلب المؤدين، وبقى الكرتيلي وحيدا دون سند. والآن، وبعد أن برز المشروع من جديد، يبدو أن هناك عزم أكيد على إخراج النادي إلى حيز الوجود، والأندية التي عجزت طيلة ثلاث سنوات على توحيد موقفها بخصوص عقد الجمع العام للجامعة، وجد رؤساؤها أنفسهم مجرد منفذين للقرارات الفوقية، لا حق لهم في إبداء الرأي أو حتى المناقشة، فبالأحرى لعب دور المعارضة. كيف ستتعامل جامعة كرة القدم من تكتل رؤساء الأندية؟ ما هو الدور الذي سيقوم به هذا النادي؟ صلاحياته؟ مهامه؟ هل يصبح منبرا للدفاع عن المسير وحمايته؟ هل سيمتلك الأدوات الكافية ليتحول إلى مؤسسة تشارك في اتخاذ القرارات التي تهم الممارسة؟... هذه الأسئلة وغيرها ستكون موضوع نقاش طويل، سيطغى على اهتمامات المتتبعين وكل المتدخلين، لما يمكن أن تشكله هذه الخطوة من توازن مطلوب على المسار العام لكرة القدم الوطنية.