ربما أتت الفكرة أولا من باب التغيير، وبعدها صارت ظاهرة أن تستدعي قنوات فضائية نجماً سينمائياً (ولاحقاً تلفزيونياً) لتقديم برنامج على شاشتها. لا يخفى أن النجومية هي المطلوبة في هذه الحالة حتى وإن وظفت في مجال آخر غير التمثيل السينمائي والتلفزيوني، فالنجم له جمهوره ومن يعجبون به، وهم من تأمل القنوات التلفزيونية أن تستدرجهم لمتابعة نجمهم المفضل في مجال عمله الجديد. مع ذلك فالفكرة لا تنجح إلا نادراً، فبعد أن تنطفئ الدهشة الأولى تعود المسألة إلى حيّز المتابعة النقدية، ويدخل المشاهدون حالة تقويم تختلف بالتأكيد، ويجدون نجمهم المفضل في مكان لا يلائمه، بل هو غالباً لا يتفاعل معه، ولا يحقق المطلوب، فلا هو يقدم أداء تمثيلياً كعادته، ولا هو يمتلك خبرات المذيع الناجح ومواهبه. الاستثناءات القليلة الناجحة لا تلغي القاعدة المعروفة، والتي تنتمي إلى حقيقة ليس من السهل تجاهلها أو التحايل عليها: التقديم التلفزيوني موهبة مستقلة ومختلفة، لا تتوافر للجميع، بل ليست مفتوحة لكل ذي موهبة في مجالات أخرى. عدم نجاح الممثل النجم في مجال التقديم التلفزيوني لا يقلل من موهبته، والمشكلة الإصرار غير المبرّر على أداء عمل لا يناسبه ولا ينسجم مع مواهبه وقدراته. في تاريخ السينما المصرية أسندت أدوار لنجوم الرياضة بخاصة نجوم كرة القدم، كما رأينا في «الشموع السوداء» الذي لعب بطولته نجم كرة القدم ورئيس النادي «الأهلي» المصري الراحل صالح سليم، ومن بعده شاهدنا الطيار إيهاب نافع، وغيرهما يلعبون أدوارا سينمائية لم تثبّت أقدامهم في عالم السينما وعادت غالبيتهم أدراجها إلى مكانها الأول. هي لعبة الفن والموهبة، ولأنها كذلك فهي لا تحتمل التجريب غير المدروس، أو النابع من رغبة في «استثمار» موهبة هنا أو نجومية هناك، فليس مهما أن يكون المذيع صاحب موهبة في هذا المجال الفني أو ذاك، فالتلفزيون بات ومنذ زمن طويل «جنساً» فنياً خاصا له أساليبه وعالمه المتفرّد.