عندما أعلن عبد الرحمان البكاوي المسؤول الأول عن الهيئة الابتدائية المكلفة بمنح الرخص للأندية المرشحة للمشاركة في البطولة الاحترافية لكرة القدم، قراره الإيجابي بخصوص استجابة كل أندية القسم الأول لدفتر التحملات الذي يسمح لها بالمشاركة في أول بطولة احترافية في تاريخ كرة القدم الوطنية، لم يكن هناك إقناع تام من طرف المتتبعين للشأن الكروي، بما جاء به تقرير اللجنة المذكورة، حيث سادت قناعة واحدة لدى الجميع، وهي أن جامعة الكرة تريد فقط الإعلان عن انطلاقة هذا الاحتراف الذي انتظرناه طويلا... والآن وبعد وصول البطولة الاحترافية منتصف الطريق، ظهر أن منح الرخص جاء في غياب الضمانات مطلوبة قانونا، خصوصا من الناحية المالية، حيث برزت على الساحة حالات سلبية تؤثر على السير العادي لمباريات بطولة تسمى احترافية، وهى لم تنه موسمها الأول. من أبرز الشروط التي يجب تطبيقها والتي منحت على أساسها رخص المشاركة للأندية، تقديم جرد مفصل للميزانية السنوية، وتفصيل العقود المبرمة مع اللاعبين والمدرب وكافة العاملين بالنادي، بالإضافة إلى التوفر على قانوني داخلي يستجيب لمتطلبات الاحتراف، ومدرسة للناشئين ومركز تكوين، يستجيبان لكافة الشروط الملائمة لتكوين الطاقات الشابة من إقامة وتغذية ومرافق أخرى، كما يتعين على كل نادي عقد جمعه العام بعد نهاية كل موسم في أجواء من الشفافية والوضوح. كما تفرض رخصة الاحتراف تعيين طاقم طبي وتقني يتوفران على كل المؤهلات اللازمة والتي يحددها القانون، وتعيين مدرب بعقد مسجل ويحترم القوانين المنظمة له، ومتطلبات الاحتراف أيضا تلزم على أي نادي التوفر على مهئ بدني مؤهل خريج المعهد الملكي لتكوين الأطر أو أستاذ التربية البدنية، ومدرب للحراس يتوفر على كل المؤهلات الضرورية للقيام بعمله في أحسن الظروف وشروط أخرى تتعلق بالهيكل التنظيمي والداخلي للنادي. هذه هي الشروط التي جاء بها دفتر التحملات الخاص بأول موسم احترافي، والتي يبدو أن الأغلبية الساحقة وجدت صعوبة بالغة في تطبيقها، رغم تقديم مسؤوليها التزامات واضحة ومحددة، إذ ظهرت مجريات الموسم أن هناك صعوبات كبيرة في ضمان السير العادي للأندية أمام اكرهات الواقع الذي لا يرتفع، خصوصا أمام الخصاص المالي الفظيع الذي تعاني منه كل الأندية بدون استثناء. وإذا كانت الأندية الكبيرة تجد الطرق والوسائل التي تمكنها من تجاوز مؤقت لهذا الخصاص المزمن، في غياب الإمكانيات القارة التي تمكنها من مواجهة كل التحديات والالتزامات التي تنتظرها ولا تتحمل الانتظار أو التأجيل، فان باقي الفرق تعاني الأمرين، والنتيجة ظهور تمرد وسط اللاعبين، وتسجيل حالات من الاحتجاجات والإضرابات بأكثر من فريق. ولعل أكبر مثال على ذلك هناك نادي المغرب الفاسي الذي يعد من أعرق الأندية على الصعيد الوطني، تمكن في ظرف قياسي من تحقيق إنجازات قوية تتجلى في حصد ثلاثة ألقاب في ظرف أربعة أشهر، منها لقبين قاريين، إلا أن الخصاص المالي جعل إدارة النادي غير قادرة على الوفاء بكامل التزاماتها المالية، مما جعل اللاعبين يخرجون عن صمتهم، مهددين بنقل مطالبهم إلى الجامعة. هذا بالنسبة للماص الفريق الذي يحظى بدعم محبيه بجل المدن المغربية وبصفة خاصة الدارالبيضاء عاصمة المال والأعمال، فما بالكم بباقي الأندية، فداخل اتحاد الخميسات تفجرت أزمة كبيرة مباشرة بعد الاستقالة الاضطرارية للرئيس امحمد الكرتيلي، نفس الشىء بالنسبة للنادي القنيطري، والدفاع الحسني الجديدي، شباب المسيرة، النادي المكناسي وغيرها من الأندية التي تكتوي على الدوام بنار غياب الموارد المالية القارة. فعلى أي أساس منحت الهيئة المكلفة بالاحتراف رخص المشاركة لأندية لم تقدم الضمانات الكافية، لتجد نفسها غير مؤهلة لتطبيق لبنود دفتر التحملات؟ هذا السؤال يضع الجامعة ككل موضع مساءلة حقيقية، في وقت يعيش فيه هذا الجهاز عزلة إرادية عن محيطه الخارجي، بسبب عجز كامل عن التواصل مع القاعدة، والاكتفاء بإصدار قرارات فوقية تجد الأندية نفسها مجبرة على تطبيقها دون مناقشة، أو دون مراعاة لواقعها. المؤكد أن داخل أية تجربة لابد من تعثرات، وهو ما يمكن أن يشكل أرضية لمناقشة أي تعامل مستقبلي بين الجامعة والأندية على ضوء مخلفات أول موسم احترافي، إلا أنه قبل أن تساءل الجامعة هذه الأندية حول أسباب عدم استيفائها كل التعهدات المالية والإدارية، لابد أن تجيب جامعة على الفاسي الفهري أولا عن الأشياء التي قدمها هذا الجهاز للأندية قبل أن تفرض عليه شروط قادمة من عالم افتراضي بالنظر إلى الواقع القاسي التي تعشيه الأغلبية الساحقة من أندية وجدت نفسها بقدرة قادر تسمى محترفة...