مقاربات مختلفة لمسرح ما بعد الدراما يلتقي أكثر من صوت ركحي عند أهمية انتقال المسرح العربي إلى مرحلة «ما بعد الدراما»، وتؤشر إفادات إلى كون اعتناق نسق ما بعد الدراما بما ينطوي عليه من أنماط فرجوية مغايرة وتعابير منوّعة، ستقود إلى ميلاد مسرح جديد يعيد النظر في مستويات الفعل والتلقي ومكونات الخشبة والجسد. في هذا الباب وبمناسبة اليوم العالمي للمسرح، يحتفل المركز الدولي لدراسات الفرجة في 27 مارس الجاري بتدشين أحدث اصداراته وهو «مسرح ما بعد الدراما»، وذلك ضمن فعاليات معرض الكتاب في طنجة بالمغرب . يقول د. محمد أمنصور في معرض تقديمه لكتاب «مسرح ما بعد الدراما» كتاب جديد في موضوعه، يقدم للقارئ العربي أربع مقاربات لباحثين من جنسيات مختلفة، هم (كريستل فايلر/ألمانية محمد سيف/عراقي حسن المنيعي وخالد أمين/ مغربيان) يشتغلون على موضوع واحد، هو «مسرح ما بعد الدراما» بمرجعيات نظرية وآفاق معرفية ولغوية متنوعة (الألمانية/ الفرنسية/ الإنجليزية/ العربية -مع اللإشارة أن مقالة فايلر ترجمتها الباحثة المصرية مروى مهدي-). بعد أن احتل مسرح أنتونان أرطو ومسرح برتولد بريشت الصدارة في القرن الماضي كمنطلقين لحداثة المسرح العربي، يمكن اعتبار الأفق الذي يفتحه «مسرح ما بعد الدراما» أرضية جديدة لتثوير ومساءلة المسرح الدرامي التقليدي وبنياته الثابتة (النص الدرامي/الوحدات الثلاث...) من زاوية مغايرة للشعريتين السابقتين. من هنا تدعو هذه الدراسات القارئ العربي إلى طرح أسئلة جديدة، من قبيل: - كيف يحقق المسرح استقلاله الذاتي، انطلاقا من التخلص من سلطة الأدب الدرامي؟ - كيف تتم إزالة الحدود التقليدية بين الأنواع؟ - كيف تتم إعادة صياغة جماليات مسرح ما بعد الدراما خارج منطق السرد التقليدي: - الأداء التمثيلي (الاحتفاء بجسد الممثل في حد ذاته) - تغيير دور المتفرج (سحب طاقات الإدراك والفهم) - تحويل الفضاء المسرحي إلى استمرار للواقع - الاهتمام بوسائل التعبير الجديدة وتنوعها - ......إلخ؟ كتاب يضع أشكال الدراما التقليدية وما يصاحبها من أشكال العرض موضع تساؤل. ولا يكتفي بالوقوف عند الجوانب النظرية «لمسرح ما بعد الدراما»، بل يسلط الضوء، كذلك، على تجليات هذا المسرح في العديد من التجارب العربية. «مسرح ما بعد الدراما» إضافة نوعية في سلسلة منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة؛ أولا، لأنه يساهم في تأسيس وعي نظري جديد بالظاهرة المسرحية. وثانيا؛ لأن القضايا الفنية المعروضة فيه تواكب أهم تحولات الفرجة وأسئلتها بين الشرق والغرب.