شهدت العاصمة التونسية أول أمس السبت، مسيرة حاشدة شارك فيها آلاف المواطنين من أجل «الدفاع عن الحريات» والتنديد «بالاعتداءات المتكررة» على الصحفيين والحقوقيين وتصاعد «الخطاب الأصولي المتطرف» في الشارع التونسي. وشارك في هذه التظاهرة التي دعت إليها عدة أحزاب سياسية تونسية معارضة أغلبها ذات اتجاه يساري، بالإضافة إلى مجموعة من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، شخصيات سياسية ونقابية ومثقفون ومفكرون وإعلاميون ومواطنون عاديون نساء ورجالا. ومن خلال العديد من الشعارات التي كانوا يرفعونها حذر المشاركون في هذه المسيرة التي طافت شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، من تراجع الحريات في البلاد وتصاعد أنشطة العناصر المحسوبة على التيارات السلفية المتطرفة ومحاولتهم فرض ممارساتهم بالقوة سواء في الشارع أو في بعض الجامعات. كما انتقد المتظاهرون الحكومة التونسية لإخفاقها في حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، فيما دعا عدد من الصحفيين الأعضاء في نقابة الصحفيين التونسيين المشاركين في المسيرة إلى رفع الوصاية على قطاع الإعلام وضمان استقلاليته. وتأتي الدعوة لهذه المسيرة بعد الاعتداء الجسدي الذي تعرض له يوم الاثنين الماضي أمام المحكمة الابتدائية بالعاصمة، الصحفي التونسي، زياد كريشان، رئيس تحرير يومية (المغرب) وأستاذ جامعي، وبعض الحقوقيين، من قبل عناصر محسوبة على التيار السلفي المتشدد. وكان المعتدى عليهم يحضرون محاكمة مدير إحدى القنوات التلفزية الخاصة على خلفية بثها في أكتوبر الماضي لشريط تلفزيوني أعتبر أنه يمس بالمقدسات الدينية. كما شهدت مؤخرا بعض الجامعات التونسية أحداثا تسببت فيها عناصر متشددة تنتمي للتيار السلفي، مثلما وقع في كلية الآداب بجامعة منوبة القريبة من العاصمة، حيث حاولت هذه العناصر فرض دخول الطالبات المنقبات إلى قاعات الامتحان دون الكشف عن وجوههن، واعتصموا داخل الكلية لعدة أيام قبل أن يتم إجلاؤهم بواسطة الأمن. وقد زاد في شحن هذه الأجواء تصريحات أدلى بها مؤخرا الصادق شورو، أحد القيادات الإسلامية المحسوبة على حركة النهضة، التي يرأس أمينها العام حمادي الجبالي، الحكومة الحالية، أمام المجلس التأسيسي، طالب فيها بإقامة الحد على المعتصمين والمضربين عن العمل باعتبارهم خارجين عن القانون ويعطلون الاقتصاد الوطني. وعلى الرغم من تنصل حركة النهضة من هذه التصريحات، فقد اتهمت المعارضة، القيادي الإسلامي الذي سبق له أن سجن في عهد النظام السابق، بأنه يحرض على القتل والفتنة.