الممثلة أنجيلينا جولي وراء الكاميرا للمرة الأولى في حياتها السينمائية. كانت تترقب في الآونة الأخيرة، منذ عامين على الأقل، هذه اللحظة بفارغ الصبر. وقد تعمّدت في السنوات القليلة الماضية أن تقلّص إطلالاتها على الشاشة الكبيرة متذرّعة بالقول إن شؤونها العائلية تضغط عليها. فأولادها الستة بالتبني أحوج إليها من أي شيء آخر. بصمت أنجزت عملها السينمائي الأول كمخرجة لا تنقصها الحرفة ولا الجرأة ولا الأحكام الكبيرة. الفيلم بعنوان «في أرض الدماء والعسل». تدور أحداثه في البوسنة أثناء تعرض هذه الأخيرة لحرب شنها عليها الصرب وأسفرت عن إبادات جماعية عدة. عن الفيلم تحدثت جولي الى صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية بكثير من الفخر والثقة بالنفس. كتبت السيناريو والحوار وتولّت عملية الإخراج من ألفها الى يائها بصبر وهدوء ورويّة، قيل إنها أذهلت الفريق الذي شارك في صناعة الفيلم. قالت إن الصعوبة الكبرى التي واجهتها في العمل ونجحت في تخطيها من دون عراقيل تذكر، تمثلت في أنها دمجت بين السياسة، في أبعادها الدولية التي تحكمت بالحرب البوسنية من جهة، وقصة مستغربة بمقاييس تلك الحرب نشأت بين إمرأة بوسنية ومسلحة وضابط صربي في سلك الشرطة. الطرفان يسعيان، في سياق الفيلم، الى الارتقاء بعلاقتهما الإنسانية فوق أصوات المدافع ووقع المجازر المرعبة التي أودت بحياة مئة ألف أكثريتهم الساحقة من البوسنة، إضافة الى تهجير ما يقرب من مليوني شخص وإلقائهم في العراء. تؤكد جولي أن النجاح المرتقب للفيلم، على الأغلب، لم يكن ليتحقق لولا إصرارها على تنفيذه ومساهماتها الفاعلة في إنجازه. تبلغ كلفة العمل قرابة الخمسة عشر مليون دولار، وهو رقم لا يعتدّ به في العادة في الأعمال السينمائية التي تنتجها هوليوود. ولا تخفي جولي قلقها الذي كان ساورها من احتمال أن يخفق الفيلم في إيصال الرسالة التي تريد إبلاغها الى الجمهور العريض في كل أنحاء العالم. تثبت جولي، في هذا التوجه، أنها انتقائية في اختيار مضامين أعمالها في حدود ما تتيحه البؤر الملتهبة في العالم وتأثيرها على الأوضاع الإنسانية ومعاناة الناس فيها.