نجحت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، من خلال توقيع اتفاقيات شراكة مع مؤسسات وقطاعات حيوية، وأيضا من خلال المؤتمر الثالث للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد الذي أقيم في فاس، في إعادة النقاش العمومي حول الرشوة والفساد إلى الواجهة، خاصة في ظرفية سياسية وطنية تتميز بالمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، وبالتطلعات الشعبية القوية للإصلاح ولتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية والتقدم. إن محاربة الفساد والنجاح في تحقيق الإصلاحات، يجب أن يخاضا اليوم على أسسٍ جديدة لا تقتصر على تعزيز كفاءة مصالح وموظفي الإدارة العمومية وتقوية النزاهة وجودة الخدمات في المرافق العمومية وحسب، إنما أيضا من خلال مؤسسة برلمانية قوية تراقب الحكومة بكفاءة ونباهة ومصداقية، وتصدر التشريعات المستجيبة لتطلعات الناس، ومن خلال قضاء مستقل ونزيه وكفء يحظى بثقة الناس، ويرسخ دولة القانون، وهيئات فاعلة للرقابة والتقنين والتفتيش، وإعلام أكثر استقلاليةً ومهنيةً وموضوعيةً وقدرةً على المساهمة البناءة في جهود الإصلاح المنشود. من جهة ثانية، فإن محاربة الفساد اليوم تتطلب أيضا تعزيز المشاركة المجتمعية، وتقوية فضاء الحريات وحقوق الإنسان في البلاد، وتشجيع التعاون والشراكة بين الجهات الحكومية وغير الحكومية في مجال مكافحة الفساد. كما يتطلب الأمر فصلا حقيقيا بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والعمل على تعزيز استقلاليتها وتفعيل أدائها مع إخضاعها لقواعد الشفافية والمساءلة والنزاهة. ويتطلب أيضًا تعزيز التواصل المنتظم والفعّال بين صانعي القرار والجهات غير الحكومية ووسائل الإعلام، بوصفها قنوات التعبير عن آراء المجتمع وأفكاره. أهمية التخليق ومحاربة الفساد لم تعد تتجلى في الجوانب الأخلاقية المجردة، أو في أن النجاح في هذا الورش يمكن الناس من تكافؤ الفرص، ومن نيل حقوقهم المشروعة من دون رشوة أو زبونية، إنما الأمر يتعدى ذلك، ويندرج ضمن العوامل غير الاقتصادية المساعدة على تحقيق التنمية الاقتصادية، كما أن العديد من الخبراء ما فتئوا يؤكدون أن فرض إجراءات ترتبط بالحكامة الجيدة، وبمحاربة الفساد والرشوة واقتصاد الريع من شأنها تمكين البلاد واقتصادها الوطني من نصف نقطة على الأقل في الناتج الداخلي الخام، كما أن جعل إدارتنا أكثر سرعة وكفاءة ونزاهة، وإصلاح وتأهيل القضاء من شأنهما بلورة أرضية إدارية وسياسية قادرة على تحسين جاذبية البلاد بالنسبة للاستثمارات الأجنبية، وهذا ما يجعل محاربة الفساد في بلادنا اليوم أولوية تنموية، ومن أهم الروافد المساعدة على إنجاح الإصلاحات، وتحقيق المطالب الاجتماعية والتنموية لشعبنا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته